أدانت محكة قضائيّة في مقاطعة #أشافنبورغ الألمانيّة قبل نحو أسبوعين لاجئاً سوريّاً قتل ابنته القاصر كعقابٍ لها لامتعاضه على طريقة حياتها بعد علاقة حب جمعها مع شاب يكبرها بسبع سنوات.

وترجع تفاصيل القضية لشهر أيار/ مايو 2017، حيث «قتل الأب البالغ من العمر 46 عاماً ابنته ذات الـ16 ربيعاً طعناً بآلة حادة، ثم ألقى بجثتها في غابة بمكان مخصص لتخزين الأعلاف البيئية، كما وطعن صديق ابنته بسكين في رقبته ولاذ بالفرار إلى تركيا».

وفُقدت الشابة مدة عام ليعثر أهالي المنطقة على بقايا الجثة متحللة، ومن خلال الكشف الجنائي بعد إجراء فحص الحمض النووي، تبيّن أن الجثة تعود للفتاة المفقودة.

وبحسب المحققين في القضية، فإن الأب الذي جلبه الأنتربول الألماني من تركيا، يواجه تهماً عديدة، منها القتل والتحريض، إضافةً لمحاولة قتل صديق ابنته وإلحاق الأذى الجسدي به.

قوانين أوروبا لم تحمي السوريّات

رغم القوانين الأوروبيّة المنصفة للنساء، إلا أنها لم تردع الجرائم التي ترتكب بحق النساء السوريّات من قبل ذويهن بعد أن تغيرت نمط معيشتهن في مجتمعات منفتحة، فتقول “هاجر سعيد”، الطبيبة الثلاثينية المنحدرة من ريف العاصمة دمشق ومقيمة في ألمانيا منذ سبع سنوات لـ(الحل نت): «تخيفنا جرائم قتل النساء بشكلٍ عام والسوريّات بشكلٍ خاص الهاربات من بلد الحرب والموت، لأن الجناة يعتقدون أن قوانين أوروبا ستنصف جرائمهم وتبررها تحت اسم الشرف، لكن هنا في أوروبا يُعاقب الجاني عليها على أنها جريمة مكتملة الأركان ويعاقب بالسجن مدى 17عاماً».

وتضيف الطبيبة السوريّة، أنها منذ وصولها لأوروبا تسمع عن قتل السوريّات، ومنها جارتها المنفصلة عن زوجها والأم لثلاثة أطفال، حيث طعنها زوجها قرب مدينة #كارلسروه الألمانيّة بعد أن أبلغت ابنتها الشرطة عن مقتل والدتها قبل سنة.

تعنيف مستمر

ووصفت صحف بلجيكية العام الفائت مقتل شابة من مدينة #الحسكة على يدي شقيقها في مدينة #لييج البلجيكية (شرقي بروكسل) بـ«المروعة»، وقالت إن شابة تبلغ من العمر 28 عاماً، تدعى “أحلام يونان” قتلها شقيقها الذي يدعى “جرجس” وفر عائداً إلى مدينته بعد أن كبل يديها من الخلف وضربها وحاول خنقها وتعذيبها قبل أن يطلق عليها النار.

وتقول “فاديا يونان”، شقيقة الضحية، لـ(الحل نت)، إن «الشرطة البلجيكية أصدرت مذكرة توقيف قانونيّة بحق شقيقها “جورج” لكنه تمكن من الهرب».

وأضافت “فاديا” المقيمة في بلجيكا منذ فترة طويلة، أنها قلقت بسبب انقطاع شقيقتها المفاجئ وعدم ردها على اتصالاتها، فذهبت للاطمئنان عليها فوجدتها جثة هامدة في سريرها ومضرجة بالدماء.

وتابعت حديثها، بأن أشقائها الخمسة لم يكونوا راضين عن النمط الأوروبي الذي كانت تعيشه “أحلام” منذ وصولها لأوروبا قبل ثماني سنوات بسبب فرارها من محاولة زواج قسري، وقالت: «انتقل “جرجس” للعيش مع أحلام العام الماضي، وطيلة مدة إقامته التي لم تتعدى عدة شهور، لم ترق له أسلوب حياة أحلام واتهمها بـ”العاهرة”، فيما كان يهددها دائماً بإنهاء حياتها».

إحصاءات مغيبة

بحسب حقوقيون، لا تتوفر إحصاءات دقيقة عن عدد السوريّات اللواتي قُتلن خارج سوريا بعد أزمة البلاد، وبهذا الخصوص قالت الناشطة النسويّة السوريّة “ريم الخالدي” (تعمل لدى منظمات مهتمة بشؤون اللاجئين): إن «السوريّات، لاسيما القادمات من المناطق الريفية والبلدات الصغيرة اللواتي فُرضت عليهن أنماط عيش مختلفة، حاولن بعد وصولهن إلى أوروبا أن يندمجن في المجتمعات الجديدة التي تمنح النساء حقوق مماثلة للرجل، وخاصة في مسائل تتعلق بقضايا الطلاق، والقوانين التي تدعم النساء».

وتتابع “الخالدي”: «كل هذا يتنافى مع المجتمعات التي قدمت منها السوريّات، تلك المجتمعات التي همشت أغلب النساء في الحقوق والحياة، واعتبرت أي خطوة تخطيها النساء خارج المألوف كأنها تعيش بمفردها في منزل خاص وتنفصل عن عائلتها وتكون لديها حياتها الخاصة التي تضعها في خانة الخطيئة».

وتكمل: «الخطيئة، بالنسبة للعائلة تنتهي غالباً بجريمة يسمونها “الشرف”، فالجناة يقتلون لأسباب في الغالب تكون ظنيّة تتعلق بشكوك حول إقامة الضحية علاقة غير شرعية أو ارتبطت عاطفيًا برجل من دين أو قومية أو طائفة أخرى، هذه العقلية لهؤلاء الرجال، المتحاملة على الانثى، ترى أن الشرف يتعلق بأجساد النساء وقتلها وتعنيفها هو تنظيف للعار الذي ألحقته بهم نساء العائلة، وهنا تكمن البشاعة بعينها، كيف تستطيع أن تنهي روحاً لمجرد شكوك وظنون؟».

20ألف ضحية جرائم الشرف

في تقرير لصحيفة (اندبندنت) البريطانية، أكد أن 20 ألف من النساء حول العالم  تُقتلن سنوياً كضحايا لجرائم الشرف، وبحسب الصحيفة فإن منظمات حقوقية تؤكد حدوث هذه الجرائم في دولٍ عديدة كإيطاليا واليونان وبريطانيا وغيرها.

ووفقًا لتقرير الصحيفة الذي حمل عنوان “موجة الجريمة عار العالم”، فإن «بعض المناطق في العالم تخير العائلة بناتهن بين الانتحار أو القتل».

ولم تكن أوروبا بمنأى عن تلك الجرائم، فالعاصمة البريطانية سجلت العام الماضي 500 جريمة، ومع وصول اللاجئين العرب إلى ألمانيا، شهدت برلين معدلات مرتفعة لجرائم الشرف، وكانت أكثر من 40 جريمة قتل، وكان أبرزها، حالة قتل لامرأة سوريّة على يد زوجها، وبث جريمته على صفحته الخاصة في “فيسبوك” قبل ثلاثة أعوام.

وبالرغم من حملات التوعويّة المناهضة لجرائم القتل ضد النساء، لكنها لم تحميهن، وتعتقد الحقوقية “سهى زبير”، تقيم في بريطانية بعد احتلال مدينتها عفرين على يد المجموعات السوريّة المعارضة الموالية لتركيا، أن تلك الحملات قد لا تستهدف الشرائح الصحيحة، وقالت لـ(الحل نت): «تعنيف النساء مصبوغ بطابع شعبوي تغذيه الموروثات المجتمعية حتى داخل المجتمعات الأوروبيّة، فهذه الجرائم لا تلاحق فقط النساء العربيّات والشرقيّات، ولا تنحصر في دين وقوميّة بعينها، وهذا لا يعني ان اليهود والمسيحيين والهندوس والسيخ وغيرهم من الديانات لا يرتكبون جرائم مشابهة بحق النساء».


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.