«لماذا تُمدَّدُ صيغةُ أستانا الحالية، وهي التي لا تأتي بسلامٍ مستقبلي في سوريا؟»، بهذا التساؤل ختم الكاتب (سهيل بلحاجي) مقالته المنشورة في صحيفة (Le Monde) الفرنسية وتحكي عن معضلات المحادثات بشأن سوريا.

إذ يؤكّد كاتب المقالة، أن استمرار المحادثات التي بدأت عام 2017، لم تأتي بأيّة نتيجة؛ سوى السماح للجهات الراعية لها (روسيا وإيران وتركيا)، بتأكيد نفوذها في اللعبة الإقليمية.

مُوضّحاً، أنه رغم التصريحات التوافقية من تلك الدول الثلاث، إلا أن عملية (أستانا) تديم الصراع في سوريا فقط؛ بدلاً من إنهائه، وأن المفاوضات تدوس على القضايا التي يتعين حلّها والتي هي أساس المبدأ ذاته للمحادثات: إجماع حول نص دستوري جديد سيصدر، وإجراء انتخابات حرة في أعقاب ذلك، وتبادل المعتقلين بين الحكومة السورية والمعارضة.  

واعتبر  “بلحاجي”، أنه كلما مرّ الوقت، بدا هذا “السلام السوري” المستقبلي وكأنه تمكينٌ دائم لـ #بشار_الأسد، وبالتالي مستقبل خطير لسوريا. وبالمثل، يجب على الأطفال العودة إلى المدرسة والطلاب إلى الجامعة، كما يجب إعادة إسكان ملايين السوريين وضمان سلامتهم وأمنهم المحليين.

والقوى الإقليمية الثلاث، الروسية والإيرانية والتركية، موجودة عسكرياً على الأرض وتؤثر بشكل مباشر على مسار الصراع، كما أن سلطة “الأسد” لا تزال تلاقي معارضة عسكرية في #إدلب من قبل الحركة الجهادية #هيئة_تحرير_الشام. وجيشه يتعرض لحرب عصابات في منطقة #درعا.

أمرٌ آخر أشار إليه الكاتب، وهو كلما مر الوقت دون حل سياسي قابل للتطبيق في سوريا، وبالتالي بدون مشروع تنفيذي لاستعادة السيادة الوطنية، فإن هذا أفضل لرعاة أستانا لترسيخ نفوذهم على المدى الطويل في قلب لعبة منطقة الشرق الأوسط، ولخدمة مصالحهم الاستراتيجية.

وهو ما يبدو واضحاً في إقامة قواعد عسكرية ومراقبة الحدود واحتواء محاولات الحكم الذاتي الكردي، بالإضافة إلى مناطق مميزة للاستثمار الاقتصادي، وتعزيز النفوذ السياسي والاستراتيجي على لبنان المجاور.

إن الاهتمام المباشر لرعاة أستانا بإطالة أمد المفاوضات، التي لا نهاية لها في سوريا، يزيد من حقيقة أن ذلك يأتي بتكلفة دبلوماسية وسياسية قليلة.

ففي الواقع، لم تعد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وفرنسا والمملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية عقبة أمام القبضة الروسية والإيرانية والتركية على “السلام السوري” المستقبلي.

وكلما مرّ الوقت، أصبح هذا “السلام السوري” المستقبلي أشبه بتمكين دائم لـ الأسد في السلطة.

ومرة أخرى باسم حساب التكلفة والفائدة التي يتبناها رعاة أستانا، فإن دعم نظامٍ قائم ودولته المركزية؛ أقل تكلفة من تعزيز وسائل المعارضة المنقسمة بشكل كبير وزيادة قدرات جماعة جهادية مسلحة في جيب إدلب، ناهيك عن أن هذه المجموعة مدرجة في قائمة المنظمات الإرهابية لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والولايات المتحدة.

نظراً لأن سوريا كانت دولة محورية في اللعبة الاستراتيجية للشرق الأوسط لمدة أربعين عاماً على الأقل، فإن الرهان على مستقبلها الجيوسياسي يتجاوز اللاعبين الإقليميين.

ويعتقد الكاتب، أنه فقط اتفاق بين القوتين العسكريتين والدبلوماسيتين في العالم، أي الولايات المتحدة وروسيا، يمكن أن يضمن حلاً سياسياً للصراع السوري. ولا يمكن أن يتمثل هذا الحل في الحفاظ على النظام الحالي في السلطة والذي يجعل من المستحيل إعادة بناء الأمة والسيادة السورية.

وبالتالي، فإن إعادة التفاوض من قبل الولايات المتحدة بشأن شروط التسوية، التي تم التوصل إليها مع روسيا في عام 2016 بشأن تسوية الصراع السوري، أمرٌ مُلح.

وسيؤدي إعادة الالتزام الأميركي بشكل تلقائي تقريباً إلى إعادة توازن القوى لصالح توسيع “صيغة أستانا”. وذلك سيمكن للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي السماح للمعارضة السورية بإعادة التوازن إلى موقفها في المفاوضات مع نظام دمشق، فلماذا تُمدَّدُ صيغةُ أستانا الحالية، وهي التي لا تأتي بسلامٍ مستقبلي في سوريا؟.


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة