مع تشديد الدول الغربية والولايات المتحدة للعقوبات على روسيا، نتيجة حربها المستمرة على أوكرانيا منذ أيام، وضع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قوات بلاده الرادعة النووية في حالة التأهب القصوى.

التصعيد الأخير لبوتين، يفتح الباب أمام تساؤلات عدة حول ما إذا كان سيؤدي لإرباك ما بين القيادات الروسية العسكرية، بحيث يساهم هذا الزخم المتزايد في التوتر مع الغرب، في ظل الضغوط الأوروبية والعقوبات غير المسبوقة، إلى حدوث إجراء عسكري مفاجئ في موسكو ينتهي بانقلاب عسكري للتخلص من كل الأزمة التي وضع بوتين فيها روسيا، بعد غزو القوات الروسية للأراضي الأوكرانية منذ يوم الخميس الماضي.

بوتين كان قد ظهر في مقطع مصور، أمس الأحد، ليأمر قادة الجيش بوضع “قوة الردع” في الجيش الروسي، في حالة خاصة للقتال.

إجراء عسكري مفاجئ في موسكو!

يرى الباحث والمحلل السياسي، صدام الجاسر، أن ما قام به بوتين لم يؤدي فقط إلى إرباك ضمن القيادات الروسية العسكرية، بل إن الأمر تعدى حدود روسيا، وتسبب بإرباك وتوتر على مستوى عالمي.

وأضاف الباحث السياسي خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن حالة الارتباك تسود “بين القادة العسكريين الروس منذ أن قرر بوتين التعامل مع الأزمة الأوكرانية بمنطق تحدي الغرب تماما، ورفض أي حلول سلمية وعدم الاستماع إلى الدعوات الدولية للتهدئة”.

وأوضح الجاسر، أن هذا الأمر لا يعني بالضرورة أن هناك تحرك عسكري ضمن المؤسسة العسكرية الروسية، “فالرئيس بوتين استطاع خلال فترة حكمه تكريس سلطته على كافة مؤسسات الدولة، ومنها المؤسسة العسكرية التي استطاع تحييدها تقريبا بشكل كامل عن الحياة السياسية، وأصبحت لا تملك أي تأثير على مجريات الأمور”.

وتابع الجاسر “كانت البداية من حادثة الغواصة الروسية “كورسك” التي غرقت وتسببت بمقتل أكثر من مئة جندي روسي، وحينها قام بوتين بالإطاحة بكافة خصومه ضمن القيادات العسكرية الروسية حتى أن البعض وقتها ذهب إلى أن الحادثة كانت مدبرة من المخابرات الروسية، لإحكام القبضة على الجيش الروسي”.

وحول مدى احتمالية حدوث إجراء عسكري مفاجئ في موسكو ينتهي بانقلاب عسكري للتخلص من كل الأزمة التي وضع بوتين فيها روسيا،  أجاب الجاسر بأنه “من المعروف أن جهاز المخابرات الروسي تابع تماما لبوتين، وبشكل عام، كل الاحتمالات مفتوحة، خاصة إذا لاحظنا حجم التصريحات الغربية، والتي قد يعتبرها بعض القادة العسكريين الروس مؤشرا على الضوء الأخضر الغربي للخلاص من بوتين”.

وختم الجاسر في حديثه بالقول: ” الاحتمالات كلها مفتوحة في روسيا ولا يمكن التكهن بما سيحصل في الأيام القليلة المقبلة إن بقي بوتين يمارس سياسته الحالية، أو قد يؤدي هذا الأمر إلى تحرك عسكري روسي داخلي يثير قلق بوتين، في حال زيادة الضغط الغربي على روسيا”.

قد يهمك: روسيا تبيع إيران من أجل أوكرانيا.. “الاتفاق النووي” في خبر كان؟

هرج ومرج بسبب بوتين

الكاتب أوليفيي بومون في صحيفة “لوباريزيان” الفرنسية، قال في تقرير له، أن تلويح بوتين المذكور جاء في اليوم الرابع من الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا، مما تسبب في هرج ومرج في كل أصقاع العالم.

وأضاف الكاتب حول قرار بوتين الأخير حول الاستعانة بالسلاح النووي، “سواء كانت هذه خدعة أم لا، فمنذ نهاية الحرب العالمية الثانية ثم أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962، لم يجرؤ أي رئيس دولة على الذهاب إلى هذا الحد في الاستفزاز النووي”، وسط تساؤلات حول توقيت وظروف استخدام هذه الورقة في ظل التصعيد الشديد على أوكرانيا.

فيما برر رئيس الكرملين هذا القرار، بـ”التصريحات العدوانية لحلف شمال الأطلسي، الناتو، تجاه بلاده، وأنها كذلك رد على العقوبات الاقتصادية التي قررها المجتمع الدولي نهاية الأسبوع الحالي”.

وبحسب تعليقات خبراء، فإن قرار بوتين يمكن اعتباره مجرد ورقة ضغط على الغرب لردع العقوبات الاقتصادية التي قد تدمر الاقتصاد الروسي في أقرب وقت، بالإضافة إلى تذكير “الناتو” أن روسيا دولة نووية ولديها قدرات عسكرية هائلة، وبالتالي يكون الضغط على كييف بعد قبولها الجلوس للتفاوض وعلى الغرب، لتحسين شروط التفاوض الجارية حاليا في بيلاروسيا.

يشار إلى أنه قبل ساعات، بدأت محادثات مباشرة بين روسيا وأوكرانيا، الإثنين، بهدف وقف الحرب بين الطرفين، حسبما أظهرت صور نشرتها وكالة أنباء “رويترز”.

وأعلن مستشار الرئاسة الأوكراني ميخائيلو بودولياك لـ”رويترز”، إن المحادثات بين أوكرانيا وروسيا بدأت بالفعل، في موقع على الحدود مع بيلاروسيا، لكن لم يعلن حتى الآن مجريات التفاوض إلى أين تتجه.

قوات الردع النووية والحرب الباردة

ووفقا لوزارة الدفاع الروسية، تنقسم قوات الردع الاستراتيجية إلى القوات الهجومية الاستراتيجية والقوات الدفاعية الاستراتيجية. وقوات الردع الروسية هذه هي مجموعة من الوحدات هدفها “ردع أي هجوم ضد روسيا وحلفائها، وكذلك هزيمة العدو، بما في ذلك في حرب تستخدم فيها أسلحة نووية”.

وهذه القوات مجهزة بالصواريخ والقاذفات الاستراتيجية والغواصات والسفن السطحية، كما تشتمل على الدروع المضادة للصواريخ وأنظمة التحكم في الفضاء والدفاع المضاد للطائرات والأقمار الصناعية، وفق مصادر روسية.

قد يهمك: بين كوبا وأوكرانيا.. 60 عاماً من التهديدات الروسية حول الحرب النووية

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة