تمر المفاوضات النووية الإيرانية في فيينا، بعثرات متعددة، مع اقتراب نهاية المهلة المحددة غربيا لإيران للموافقة على الشروط الغربية، في وقت أدى الغزو الروسي لأوكرانيا لتغييرات جذرية في شكل العلاقات الدولية حاليا بين الروس ودول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية. 

الغزو الروسي لأوكرانيا، والذي بدأ قبل عدة أيام، تسبب وفق مراقبين سياسيين بالتأثير على المفاوضات المتعلقة بالملف النووي الإيراني، إذ أدى إلى انشغال المجتمع الدولي بشكل كامل بهذا الغزو الذي أدى إلى أزمة غير مسبوقة بهذا الحجم بين روسيا والغرب.

هل خدعت روسيا إيران؟

يعتقد المحلل السياسي الإيراني حشمت الله فلاحت بيشه، أن إيران تعرضت لخدعة من روسيا، مضيفا أنه لو وقعت إيران على الاتفاق النووي قبل الغزو الروسي لأوكرانيا، فإنها في الوضع الحالي، ستكون مركز العرض والطلب في أسواق الطاقة العالمية الجديدة.

وأضاف فلاحت بيشه، في حديث لصحيفة “أرمان ملي” الإيرانية الإصلاحية، أن الروس ما كانوا ليسمحوا بتوقيع الاتفاق النووي قبل الهجوم على أوكرانيا، وسوف يبيعون الاتفاق النووي ليشتروا أوكرانيا، مضيفا أن ما حدث هو نفس الشيء بالفعل.

 واعتبر في هذا الصدد أن تفاؤل مندوب روسيا لدى المنظمات الدولية ميخائيل أوليانوف، الذي عكس رغبة الروس وجهودهم للتوصل إلى اتفاق، كان كذبة كبيرة على إيران، وفق تعبيره، مثلها مثل التصريحات التي أدلى بها فلاديمير بوتين وسيرغي لافروف بأن روسيا لن تهاجم أوكرانيا، وهو ما أرادوا من خلاله تثبيت حقيقة أن أوكرانيا لا ينبغي أن تكون على جدول الأعمال، ويجب على العالم أن ينظر إلى نتيجة المفاوضات النووية.

من جهته، يرى الباحث في الشأن الروسي، سامر الياس، في حديثه لموقع “الحل نت”، أن روسيا لن تتخلى عن الورقة الإيرانية، وتريد أن تبقيها في يدها خلال مفاوضاتها مع الغرب، ولكن الأهم بالنسبة لروسيا هي أوكرانيا، فهو موضوع وجودي، ولا يجب من وجهة النظر الروسية أن تنضم للاتحاد الأوروبي والناتو.

ويضيف إلياس، أن العقدة الآن عند المفاوض الروسي، هو أن إيران ربما تشكل مصدر لزيادة إنتاج النفط في حال تم التوصل لاتفاق في الملف النووي بشكل سريع، حيث يمكن أن تكون إيران قادرة على تغطية جزء كبديل عن سوق النفط الروسي في أوروبا.

لكن هذا الأمر لا ينطبق على الغاز، لأن تصديره يحتاج لأنابيب غير موجودة لدى إيران، أو زيادة شحنات الغاز المسال، وإيران لا تملك الإمكانية لتسييل الغاز، لذلك ووفق، إلياس، يمكن أن تغطي إيران جزءا من سوق النفط بزيادة إنتاجها، وهذا ما سيزيد من تقاربها مع الغرب، لكن في موضوع الغاز فلا يمكن لإيران أن تهدد روسيا، فهي لا تشكل منافسا أو بديلا لها في هذا المجال.

قد يهمك:تطورات جديدة.. إعلان قريب عن وفاة الاتفاق النووي الإيراني

هل تتخلى روسيا عن إيران؟

هناك العديد من الأسباب التي تمنع روسيا من التخلي عن إيران نهائيا، خاصة في الظروف الحالية، بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، وفي نفس الوقت يرى بعض السياسيين الإيرانيين، أن إيران باتت غير مستقلة عن روسيا، وهو ما يقض مضجع الإيرانيين.

حيث يقول الباحث السياسي الإيراني، عباس عبدي، في صحيفة “اعتماد” الإصلاحية، أن سياسات إيران الرسمية في السنوات الأخيرة، بشأن عدد من القضايا، “آخرها حرب أوكرانيا أثارت مخاوف بشأن عدم احترام أحد الشعارات الرئيسية للثورة الإيرانية وهو الاستقلال، الذي تغير مفهومه بشكل كبير خلال العقود الأربعة الماضية”.

وتعتقد الصحفية اللبنانية في موقع “إيران واير عربي” فاطمة عثمان، في حديثها لموقع “الحل نت”، أن فرضية تخلي روسيا عن إيران مستبعدة، لسبب رئيسي أن روسيا بغزوها لأوكرانيا وحدت العالم ضدها، ولم يبق لها حلفاء فعليين سوى إيران.

وأضافت عثمان، أن بوتين سيقوم باستغلال الورقة الإيرانية في مفاوضاته مع الغرب حول أوكرانيا، ولكن ذلك سينعكس على مفاوضات الملف النووي الإيراني.

وأشارت عثمان، إلى أن الارتباط التاريخي لإيران بروسيا يثبت عدم استقلالها، حيث اعتمدت على روسيا في معظم الأمور خلال العقود الماضية.

ويرى سامر الياس، أن إيران ترى في موسكو بوابة مهمة لها للعالم الخارجي، وموسكو ترى في إيران ورقة مهمة للمفاوضات مع الغرب، وللترتيبات الأمنية في جنوب القوقاز وقزوين، في إشارة منه إلى تبعية إيران لروسيا.

إقرأ:احتجاجات على دعم طهران لغزو أوكرانيا.. إيران مُستعمرة روسيّة؟

لم يعلن حتى الآن فشل أو نجاح المفاوضات المتعلقة بالملف النووي الإيراني، حيث من الواضح أن كل الأطراف تعمل لاستغلال الملف لصالحها، فروسيا لا ترغب أن يتم التوقيع عليه في الوقت الحالي، كي لا تكون إيران بديلا لروسيا في سوق النفط، بينما لا تستعجل الولايات المتحدة إتمام هذا الملف، الذي يبدو أنه لن يحسم أمره قبل نهاية الحرب الروسية على أوكرانيا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة