“الإدارة الذاتية الدرزية”: هل سيوافق أهالي السويداء على تشكيل كيان طائفي مستقل عن بقية الأراضي السورية؟

“الإدارة الذاتية الدرزية”: هل سيوافق أهالي السويداء على تشكيل كيان طائفي مستقل عن بقية الأراضي السورية؟

لا حديث ضمن الأوساط المحلية في محافظة #السويداء مؤخراً إلا حول موضوع ما يسمى “الإدارة الذاتية الدرزية”، وهي مشروع لتأسيس كيان يتمتع باستقلال ذاتي عن بقية الأراضي السورية، خرج إلى العموم بعد كشف لقاءات تمت في #الأردن، بين مسؤولين أميركيين وعدد من المعارضين وناشطي المجتمع المدني وزعماء تقليديين من المحافظة الجنوبية، لمناقشة ولادة هذا الكيان، ودعمه مادياً ولوجستياً، بالتوازي مع تشكيل جسم عسكري لحماية “الإدارة الذاتية” الجديدة، أطلق عليه ممولوه اسم “لواء الجنوب”.

 

مشاورات الأردن

المعلومات، التي حصل عليها موقع «الحل نت»، تؤكد أن مشروع الإدارة الذاتية يسير بخطى حثيثة، ويتم العمل لأجله في مكانين أساسيين: الأردن والبادية الشرقية للسويداء. وأكد مصدر مطلع على سير المشاورات، يتحفّظ الموقع على ذكر اسمه لأسباب أمنية، أن «المشروع بدأ بشكل جدي بدأ منذ أسابيع قليلة في الأردن، بعد لقاء بين مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية وعدد من النشطاء والمعارضين من السويداء، لمناقشة فكرة الإدارة الذاتية، وما يترتّب عليها اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، ومن بين الذين التقاهم الموفد الأمريكي محامٍ معارض معروف في المحافظة، وعدد من المعتقلين السياسيين السابقين، ووجيه اجتماعي بارز، وسيدة من أهالي السويداء تعيش في #دمشق، كانت مرشحة للجنة الدستورية السورية عن المكوّن الدرزي. ورَشح عن هذه الاجتماعات تأييد المسؤول الأميركي لفكرة “الإدارة الذاتية”، شرط أن تتلازم مع غطاء عسكري لجسم مسلّح، من أبناء الطائفة الدرزية، قادر على فرض الأمن، وحماية الحدود، ووضع حد للعصابات».

المصدر لفت إلى أن «المحامي المعارض للحكومة السورية طالب أن تُعطى الأولوية للامركزية الإدارية، شرط إقرار دستور جديد، وتحقيق انتقال سياسي سلس، وفق قرار #مجلس_الأمن 2254، بدلاً من الذهاب نحو الإدارة الذاتية والتقسيم، مشيراً إلى نجاح اللامركزية في عديد من بلدان العالم هو ما يجب أن تفرضه القوى الكبرى، بدلاً من تأجيج الصراع، والذهاب إلى كانتونات طائفية، لن تجلب غير الدمار، على حد قول المحامي».

ويرى المصدر أنه «من اللافت للاهتمام حضور السيدة  “ميس كريدي” للمشاورات في الأردن، وهي ناشطة سياسية تصنّف ضمن “المعارضة الوطنية”، ومقرّبة من #الحكومة_السورية، وهذا قد يكون إشارة على موافقة #روسيا والسلطات في دمشق على المشاورات حول المشروع».

 

تأسيس “لواء الجنوب”

العمل لأجل مشروع “الإدارة الذاتية الدرزية” لا يقتصر على المشاورات السياسية في الأردن، بل يتعداها إلى تحركات ميدانية في البادية الشرقية للسويداء، لإنشاء “لواء الجنوب”. وكشف الناشط المدني “و. خ” لموقع «الحل نت» تفاصيل مثيرة للاهتمام حول هذه التحركات: «حاول بعض المسلحين إنشاء معسكر تدريبي في قرية “خازمة” جنوبي السويداء، بحجة محاربة #حزب_الله اللبناني، وقطع طرق تهريب المخدرات، إلا أن الأهالي طردوهم من القرية، في شهر شباط/فبراير الماضي،. ما دفع المسلحين لإقامة معسكر جديد، في مكان معزول في البادية الشرقية الوعرة».

وأضاف الناشط، الذي اشترط عدم ذكره اسمه الكامل، أن «المعسكر الجديد يضمّ حتى اللحظة مئة وأربعين مقاتلاً، بإشراف “سامر الحكيم”، الذي حاول تأسيس المعسكر السابق في “خازمة”، وهو عنصر سابق في فرع الأمن العسكري. أما التمويل والإرشاد فيأتي عن طريق أحد المتنفذين في المحافظة، يقيم بصفة لاجئ في #فرنسا، وله صلات مع دروز فلسطين ولبنان والجولان، ويقوم باستلام الحوالات المالية منهم، ويوصلها إلى مقاتلي المعسكر، عبر أحد رجال الدين».

«المقاتلون يخضعون لتدريبات قاسية جداً، منذ منتصف شهر آذار/مارس الحالي، ولا يهتمون إلا بالهدف الأساسي، الذي سوف يقاتلون من أجله، وهو التصدي لخطر #إيران وحزب الله على السويداء. وقد وُعدوا براتب شهري، يبلغ أربعمئة ألف ليرة سورية، مع ميزات إضافية، تتعلق بالطعام والشراب، وأسلحة حديثة، وخدمات لوجستية كاملة»، يقول المصدر.

 

كيان ميت

موقع «الحل نت» التقى مع عدد من أهالي المحافظة، لمعرفة آراءهم حول المشروع الجديد، ومدى تقبّلهم لفكرة إنشاء نوع من الحكم الذاتي في السويداء.

“مهيب صالحة”، الحاصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد، أكد رفضه «لأي مشروع للإدارة الذاتية على أساس طائفي، لأنه توجد معوقات اقتصادية كثيرة أمام الإدارات الذاتية الصغيرة والطائفية، في ظل ندرة الموارد، وتوجه العالم نحو العولمة»، إلا أنه استدرك بالقول: «أنا مع اللامركزية في سوريا، من خلال تأسيس أقاليم كبيرة، مختلطة طائفياً وإثنياً، مثل إنشاء إقليم شامل لكل الجنوب السوري، ضمن توزيع عادل للصلاحيات بين المركز والأقاليم، ونظام برلماني، يقوم على غرفتين أو مجلسين، فضلاً نظام انتخابات مزدوج، يشمل النظام النسبي للمركز، والنظام الفردي للأقاليم».

من جهته أكد المعتقل السياسي السابق “ن. ر” أن «السويداء لا تتمتع بالاكتفاء الذاتي لطرح مثل هذا المشروع، فلا وجود فيها للنفط  أو للغاز، ومناخها لا يصلح لزراعات كثيرة ومتنوّعة، تحقق الأمن الغذائي، فضلاً عن شحّ الماء فيها. كما أنها لا تملك مقومات سياحية أو تجارية، وليس فيها مطارات أو مرافئ أو منافذ حدودية». ويختتم حديثه بالقول: «باختصار لا نملك أية ثروات لنقايضها مع الغير، ولذلك فإن الكيان الدرزي ميت سلفاً».

“وافي البدين”، من أهالي السويداء المسيحيين، أبدى موقفاً أكثر إيجابية، مؤكداً أن «الإدارة الذاتية، مع وجود منفذ بري إلى الأردن، وقيام مشاريع زراعية وصناعية بدعم من المغتربين، قد تكون فكرة ناجحة». إلا أنه رغم ذلك يعتقد أن «الكيان المحلي الدرزي لن يدوم طويلاً، بسبب تبعيته لقوى خارجية، قد تغيّر سياساتها، مثل الولايات المتحدة أو الأردن أو حتى إسرائيل»، ويقدّم في ختام حديثه رأياً مشابها لرأي “مهيب صالحة”: «أعتقد أن تشكيل إقليم فيدرالي مع كامل الجنوب السوري، بما فيه محافظتا #درعا والقنيطرة، أجدى وأقوى، مع تفعيل مبدأ اللامركزية، فيُترك لدمشق مهام الدفاع والخارجية وإعداد الموازنة العامة، بشرط توزيع الثروات بشكل عادل على الجميع. وبذلك نمنع تقسيم البلاد».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة