من سوريا والعراق إلى نيجيريا وموزمبيق: هل سيسكت المجتمع الدولي عن سقوط المدن والثروات الإفريقية بيد تنظيم داعش؟

من سوريا والعراق إلى نيجيريا وموزمبيق: هل سيسكت المجتمع الدولي عن سقوط المدن والثروات الإفريقية بيد تنظيم داعش؟

شنّ مسلحون، على صلة بتنظيم #داعش، هجوماً على منشآت إنسانية في مدينة “داماساك” شمال شرقي #نيجيريا، في العاشر من نيسان/إبريل الحالي، وأضرموا فيها النار. ونقلت وسائل إعلام نيجيرية، عن مصادر في قطاع العمل الإنساني، أن «الهجوم هو الثاني من نوعه خلال شهرين، ضد واحد من تسعة مراكز إنسانية تابعة لمنظمة #الأمم_المتحدة في البلاد»، مؤكدةً أن «النيران دمرت مبنىً تابعاً للأمم المتحدة، وثلاثة مبانٍ لمنظمات إنسانية غير حكومية».

وفي تصريحات صحفية كشف أحد العاملين في المجال الإنساني، فضّل عدم الكشف عن اسمه، أن «مسلحي داعش يجوبون شوارع مدينة “داماساك” النيجيرية بحريّة، ويطلقون النار على الناس، ويحرقون المنشآت الإنسانية».

وكان التنظيم قد شن خلال الشهر الجاري هجوماً عنيفاً على بلدة “بالما”، الغنية بالغاز شمالي #موزمبيق، ونقلت وكالة “رويترز”، عن مصادر لها، أن «هذا الهجوم هو الثالث من نوعه، خلال أسبوع واحد، على هذه البلدة».

في السياق نفسه قالت وكالة الأنباء السعودية (SPA) إن «جماعة “بوكو حرام”، التي بايعت تنظيم داعش، قتلت ثلاثة  مدنيين وشرطياً في  #الكاميرون، عقب هجوم شنته على قرية “دابانجا” شمالي البلاد».

تصاعد عمليات داعش بهذا الشكل الكبير في الدول الإفريقية يطرح عدداً من الأسئلة، عن أسباب الحرية النسبية التي يعمل بها التنظيم في القارة السمراء، وسبب نقل نشاطه لها بالتحديد، والموقف الدولي من هذا التطور الخطير على الأمن والسلام العالمي.

 

كيف تسلل التنظيم إلى إفريقيا؟

«تعاني إفريقيا من فوضى سياسية وأمنية، تستغلها الجماعات المتشددة»، بحسب “جاسم محمد”، الباحث العراقي في شؤون التنظيمات الجهادية، الذي أكد أن «الساحل الشرقي لإفريقيا ومنطقة القرن الإفريقي، وخاصة #الصومال، تعتبر ملاذاً آمناً لقيادات التنظيمات الجهادية، وتقدّم مخزوناً بشرياً هائلاً لتجنيد الجهاديين».

وأشار “محمد”، في حديثه لموقع «الحل نت»، إلى «العامل الجغرافي، وأهميته بالنسبة للتشكيلات المتطرفة، وسعيها للسيطرة على الممرات المائية، ولذلك فإن القرن الإفريقي منطقة نموذجية للانطلاق بمشاريع جديدة لداعش، في قارة تحمل كثيراً من الإمكانيات الاستراتيجية والاقتصادية».

مضيفاً: «في أعقاب تشديد القبضة الأمنية للتحالف الدولي لمحاربة الإرهاب في سوريا والعراق نصحت قيادات التنظيم مسلحيه بالتوجه إلى القرن الافريقي، الذي يعاني من الفقر والانفلات الأمني، مما يسهّل عليهم التسلل داخل القارة، وإيجاد مناطق نفوذ لهم فيها».

 

ما الاستراتيجية الإفريقية لداعش؟

“مصطفى زهران”، الكاتب والباحث المصري في شؤون المجموعات الجهادية، أكد لـ«الحل نت» أن «هجوم “بالما”  كشف التحولات التي أجراها داعش على هيكليته التنظيمية في إفريقيا، فقد انتقل من أشكال التنظيم اللامركزي إلى العمل بشكل أكثر مركزية، من خلال استغلاله الجغرافيا الإفريقية، عبر مجموعات موالية له، تنتشر على تخوم وأطراف القارة، وتبدي قدرة كبيرة على خلق واقع ميداني جديد، من خلال انتزاع مساحات على الأرض، تقيم عليها حكمها الفعلي، و”بالما” نموذج أساسي لهذه الاستراتيجية، بعد أن أصبحت خاضعة تقريباً للمسلحين الموالين لداعش».

ومن جهته  يرى الصحفي المصري “مصطفى أمين” أن «إسقاط المدن هي الاستراتيجية الأساسية لداعش، لإقامة دولة جديدة له، ولكن هذه المرة في إفريقيا»

وأكد “أمين”، في حديثه لموقع «الحل نت»، أن «التنظيمات المتطرفة ستعيد ترتيب جغرافية نفوذها السياسي والعسكري والاقتصادي من جديد، بعد تمددها وإسقاطها المدن الأفريقية، واحدة تلو الأخرى».

متابعاً تحليله بالقول: «هشاشة كثير من الدول الإفريقية، ستعيق استعادة المدن بعد سقوطها بيد داعش، الذي بنى لنفسه نفوذاً اقتصادياً في المنطقة، سمح له بإحياء وجوده بقوة، لاسيما وأن الجغرافيا التي يعمل فيها غنية بالغاز والثروات الطبيعية. ودائماً ما يتحالف التنظيم مع تُجّار البشر والمخدرات والسلاح والعاج لتعزيز وجوده، مقابل السماح لهم بمزاولة نشاطاتهم غير المشروعة. وهكذا صرنا أمام تنظيم ثري مادياً، ومتأقلم مع بيئته الجديدة، يعتاش على كل أنواع الجريمة المنظمة، في مقابل سلطات ضعيفة وشبه منهارة».

 

هل سيتم الحشد لتحالف دولي جديد ضد الإرهاب؟

“جاسم محمد” لا يبدو متفائلاً في رده على هذا السؤال، فهو يرى أن «الدول الغربية لا تبدي رغبة كبيرة في التدخّل في إفريقيا لمحاربة الإرهاب، على غرار السيناريو العراقي والسوري».

ويضيف: «من المستبعد تشكيل تحالف جديد لمحاربة الإرهاب، بسبب تكاليفه الباهظة، المادية والسياسية، فمعظم الساسة الغربيين يخشون من فقدان قواعدهم الشعبية، في حال زجّوا بقواتهم في المستنقع الإفريقي. وخاصة أن اليمين المتطرف قد يستغلّ هذا لتحقيق مكاسب انتخابية بين المواطنين الأوربيين والأميركيين، الذين لم يعودوا يطيقون إرسال أبنائهم إلى حروب بلا نهاية في أماكن بعيدة».

الباحث العراقي يعتقد أن السعي لمحاربة الإرهاب قد ضعف على المستوى الدولي، خاصة مع قرار الرئيس الأميركي #جو_بايدن الانسحاب من #أفغانستان، «لاحظنا تراجع الدور الغربي حتى في سوريا والعراق، فما بالكم بإفريقيا، التي ستكلّف الغرب كثيراً على المستوى المادي والسياسي والعسكري»، يقول “محمد”.

رغم لا ينكر الباحث في شؤون الجماعات الجهادية وجود مساعٍ غربية جديّة لتدارك المسألة: «خلال السنوات السابقات ظهرت مطالبات بتشكيل قوة دولية بحرية، في مياه الخليج العربي والبحر الأحمر، اللذين يشكلان ممراً مائياً هاماً، يمكن من خلاله ضبط تحركات الجهاديين، التي تنطلق من القرن الإفريقي، وتوجيه ضربات قوية لهم، ولكن إلى الآن لم يحدث توافق دولي على تشكيل هذه القوة، وأساليب عملها».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة