المنصة التشاورية حول الأزمة السورية: اتفاق بين موسكو والدوحة وأنقرة على إعادة تأهيل الحكومة السورية؟

المنصة التشاورية حول الأزمة السورية: اتفاق بين موسكو والدوحة وأنقرة على إعادة تأهيل الحكومة السورية؟

ازداد التقارب بين #روسيا وقطر وتركيا مؤخراً، لأسباب تتعلق بجملة من المتغيرات، التي طرأت على المنطقة، بعد تغيّر الإدارة الأميركية، واستلام الرئيس الأميركي #جو_بايدن لمهامه، وانعكس هذا التقارب على الملف السوري، فقد أسفرت الفاعلية الدبلوماسية، بين الثلاثي الروسي ـ القطري ـ التركي، عن تشكيل منصة سياسية تشاورية جديدة حول الأزمة السورية، بحسب ما صرّح به “أحمد بن ناصر بن جاسم آل ثاني”، السفير القطري في #موسكو، في نيسان/أبريل الماضي، مؤكداً أن التقارب بين الدول الثلاث «يُحتّم إطلاق منصة جديدة لمعالجة الأزمة»، إلا أنه شدد، في الوقت نفسه، أن عدم إشراك#إيران في المنصة «لا يعدّ انعكاساً للموقف من طهران».

وعلى ضوء ما تقدّم يمكن طرح جملة من التساؤلات حول طبيعة التقارب الروسي القطري حيال الملف السوري: هل ستنجح روسيا مع #قطر بصياغة حل سياسي للأزمة السورية، وفق رؤيتها للحدث السوري؟ وهل أصبح مسار آستانة منتهي الصلاحية، مع إقصاء إيران عن المنصة الجديدة؟ وما انعكاسات التطورات الإقليمية على الدور الروسي في المنطقة؟

للإجابة على هذه الأسئلة ألتقى موقع «الحل نت» مع عدد من الباحثين السياسيين، المتابعين للشأن الإقليمي والروسي.

 

طبيعة التقارب الروسي- القطري

“د. عمار قناة”، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة “سيفاستوبول” الروسية، يرى أن «التقارب الحاصل بين روسيا وقطر ليس مستغرباً، نظراً لما يحدث من متغيرات في منطقة الشرق الأوسط، والسياسة الخارجية لإدارة الرئيس جو بايدن. فالدور الروسي الفعّال في الملف السوري، وعودة  قطر بالتدريج للعب دور مهم في المنظومة الخليجية، وما ينتج عن هذا من ضرورة تنسيق السياسات حول الشأن السوري، يجعل التقاطع والالتقاء في المواقف بين البلدين منطقياً جداً».

وأضاف في حديثه لموقع «الحل نت»: «روسيا، بعد تورّطها الكبير في الأزمة السورية، ترحّب بأية مبادرة سياسية أو اقتصادية لحلحلة التعقيد في الملف السوري، لذلك تأتي تصريحات السفير القطري في موسكو تتويجاً للاجتماع الأخير بين مسؤولي البلدين، الذي تم في آذار/مارس الماضي بالعاصمة القطرية الدوحة، واعتُبر إطاراً سياسياً موازياً لمسار آستانة، دون أن يكون بديلاً عنه».

“محمد سرميني”، الخبير في العلاقات الدولية، يبدي لموقع «الحل نت» رأياً مشابهاً، بالقول: «المنصة الثلاثية بداية مرحلة، فرضتها جملة من المستجدات الدولية والإقليمية، بما قد يُفضي إلى إطلاق مسار داعم أو موازٍ لمسار آستانة، فالدول الثلاثة ستحاول عبر المنصة تمرير رؤاها حول حل الأزمة السورية، يما يحفظ مصالحها».

الكاتب السوري “سامر إلياس”، المتخصص في الشؤون الروسية، يرى أن «روسيا تأمل من هذا المسار الجديد تقوية #الحكومة_السورية عبر البوابة الخليجية، قبيل الانتخابات الرئاسية المقررة في سوريا».

وأضاف في حديثه لموقع «الحل نت»: «منع انهيار الحكومة السورية بات مهمة ملحة لروسيا في الآونة الأخيرة، خاصة مع تردي الأوضاع الاقتصادية، وتدهور الأوضاع المعيشية في البلاد، لدرجة تنذر بمجاعات وتطورات كارثية. تطمح روسيا بأن تشارك دول الخليج في إنعاش الحكومة السورية اقتصادياً، والمساهمة بإنقاذها من الانهيار، وخاصةً مع تأكيد قطر، بعد اجتماع الدوحة الأخير، على دعمها للشعب السوري، في ظل الظروف الصعبة».

 

 دلالات إطلاق منصة دون مشاركة إيران

«رغم أن إيران غير مشاركة بالمنصة، لكن روسيا حاولت إيصال رسائل طمأنة إليها، بالتأكيد على أن الهدف منها دعم مسار أستانة، الذي تشارك فيه إيران»، بحسب ما يقول “محمد سرميني”.

وأضاف: «يمكن تفسير الغياب الإيراني بسبب من اثنين: إما تفاهم مشترك بين موسكو وطهران، يقضي بفصل الملف السوري عن المفاوضات مع الولايات المتحدة حول قضايا أخرى، مثل الملف النووي والعراق واليمن ولبنان؛ أو نتيجة عدم رضا الدول الخليجية عن إيران، التي لا ترغب في تقديم النظام السوري لأية تنازلات، في العملية السياسية وغيرها».

أما بالنسبة لـ” د.عمار قناة” فإبعاد إيران عن المنصة «جاء بناءً على طلب قطري، فإيران تبدي موقفاً عدائياً تجاه دول الخليج، وخاصة المملكة العربية #السعودية. وفي ظل التقارب الحاصل في المواقف القطرية-السعودية، لا تريد قطر أن تثير حفيظة المملكة، بعد فترة حساسة من سوء التفاهم بين البلدين. ومن جانب آخر، الهدف من إطلاق المنصة ليس سياساً، بل مرتبط أكثر بالبعد الإنساني والاقتصادي، وهو بعد لا تهتم به إيران كثيراً، لذلك لا اعتقد أنها ستسعى لعرقلة عمل المنصة».

بينما يعتبر “سامر إلياس” إيران كلمة السر في القضية: «الأساس في كل سعي لحل الأزمة هو الوجود الإيراني في سوريا، وتموضعها فيها، فروسيا ستواجه ربما مصاعب في البلاد بالفترة المقبلة، ولذلك تحتاج للدعم الخليجي، لتمكين موقفها في سوريا في مواجهة الإيرانيين، وربما يكون ثمن إنعاش الحكومة السورية اقتصادياً، بالمال الخليجي، تخليها عن تحالفها العضوي مع طهران».

 

هل ستزيد المنصة من نفوذ روسيا بالمنطقة؟

يجيب “إلياس” بالقول: «روسيا تريد اقتناص فرصة الخلافات بين دول الخليج والإدارة الأميركية الجديدة، للتوصل إلى صيغة جديدة بشأن سوريا، ولذلك من المتوقع أن تحاول استغلال المنصة لفرض إرادتها، في ظل تراجع الدور الأميركي في المنطقة».

أما “محمد السرميني” فيرى أن «روسيا تسعى لصياغة تفاهم مع حلفاء أميركا في المنطقة، يمكن تسويقه روسياً في #واشنطن، لا سيما وأن التعاون الثلاثي سيركز على ملف المساعدات الإنسانية، الذي لا تعارضه إدارة جو بايدن، لذلك بإمكاني القول إن المنصة ستكون مناورة سياسية روسية تجاه الدول الغربية، تتضمن تقديم تنازلات لقطر وتركيا، ومن الوارد جداً أن تتخلى موسكو عن بعض الشروط، التي كانت تتمسك بها ضمن أعمال اللجنة الدستورية، المكلّفة بوضع دستور جديد لسوريا، وفق ما تراه #تركيا وقطر مناسباً».

“د. عمار قناة” يؤكد أن «المنصة ستعمل ضمن الإطار الاقتصادي والإنساني، إلا أن هذا لا يمنع أن يصل تأثيرها إلى أطر أخرى، فروسيا قد تمكّنت من وضع بصمتها على المشهد في سوريا منذ فترة طويلة. ولكن في النهاية المتغيرات والتقلبات السياسية والدولية هي من سيلعب الدور الحاسم في تحديد مسار العلاقات بين دول المنطقة، وحدود قدرة روسيا على فرض إرادتها على مختلف اللاعبين الإقليميين والدوليين».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.