تُشكّل سلسلة الهجمات المتتالية التي تُنفّذها تركيا داخل #العراق بحجة محارية #حزب_العمال_الكردستاني، جزءاً من استراتيجيةٍ أوسع لتأكيد وجودها عبر نشر القوة العسكرية في مناطق واسعة خلال العام الماضي.

خاصةً بعد أن نفّذت مجموعة عمليات بالتعاون مع وكلائها في #سوريا وليبيا وناغورنو كاراباخ، إضافةً لتأسيس وجودٍ عسكري كبير في #قطر.

وبحسب تقريرٍ لصحيفة (The Jerusalem Post)، فإن العمليات التركية في العراق، ترتبط بصلاتٍ تتجاوز السياق الجغرافي المباشر، بسبب ما تكشف عنه طبيعة الطموحات التركية في المنطقة، وما توحي إليه فيما يتعلق بدورها كحليفٍ ظاهري للغرب خلال الفترة المقبلة.

مشروعان استعماريان متوازيان

القضية الخاصة التي تستحق الاهتمام، هي ما إذا كانت #تركيا قادرة أو ترغب بلعب دورٍ هدفه الحدِّ من تقدم وهيمنة إيران في العراق وبلاد الشام باتجاه البحر الأبيض المتوسط وإسرائيل.

وبقدر ما يؤثر المشروعان التركي والإيراني على بعضهما البعض، فإن النتيجة ستكون توترات محلية، وما يجري الآن في منطقة #سنجار على الحدود العراقية السورية، هو مثال حي وحقيقي لهذه النتيجة.

فتركيا تسعى للسيطرة على هذه المنطقة كجزءٍ من جهودها لعزل #قنديل وحزب العمال الكردستاني عن منطقة شمال شرقي سوريا الخاضعة لقوات سوريا الديمقراطية.

فيما تريد #إيران السيطرة عليها كنقطة وصول إلى سوريا، وراجت في الأسابيع الأخيرة شائعات عن عملية تركية كبيرة محتملة في المنطقة. ومع ذلك، تبقى مثل هذه العمليات غير مرجّحة، بسبب التداعيات العسكرية والدبلوماسية المحتملة.

اتفاقٌ مُشترك ضد التطلّعات الكُردية

لا تعارض #طهران أو #بغداد بشكلٍ جدي مثل تلك العمليات التركية، ما دامت تقتصر على حزب العمال الكردستاني وحكومة #إقليم_كردستان، حيث تشترك كلتاهما (أي طهران وبغداد) مع أنقرة في معارضتهما الاستراتيجية للتطلعات الكردية.

كما أن لدى تركيا طموحات أقل وضوحاً بشأن منطقة #الموصل التي يعتبرها القوميون الأتراك ولاية الموصل العثمانية السابقة، وهنا تختتم القضية بالرغبة في الحدّ من الحكم الذاتي الكردي.

رغم هذه الاختلافات المحلية، فإن تركيا وإيران لا تقعان ضمن مسار تصادمي. فطموحات هاتين الدولتين لا تتداخل أو تتعارض مع بعضها البعض.

كما لا يشكّل المشروع الإيراني في الجنوب، عائقاً أمام تحقيق أهداف أنقرة ضد الكُرد في الشمال، والعكس صحيح، بالنسبة لطموحات إيران في الوصول إلى البحر المتوسط وتعزيز جبهتها ضد إسرائيل.

رغبةٌ مُشتركة بإضعاف سوريا والعراق

اضطرّت تركيا للتخلي عن آمالها القديمة في إسقاط الأسد واستبداله بنظام إسلامي سني، وبالمثل، في سياسة بغداد، فالأتراك ليسوا سوى لاعبين ثانويين يقدمون دعماً محدوداً لعدد من السياسيين العرب السنة والتركمان.

لا أنقرة ولا طهران تريدان عراقاً قوياً أو سوريا قوية، بل على العكس من ذلك، فإن تفكك هذه الدول يناسبهما، فكلتيهما سعيدتان بوجود جيران ضعفاء يمكن اختراق أراضيهم عند الحاجة، وهما مهتمتان بالهيمنة على المزيد من الأراضي المختلفة.

فإيران منشغلة بإنشاء مناطق تسيطر عليها ميليشياتها، بغرض تسهيل نقل الأسلحة والرجال باتجاه لبنان وإسرائيل، وتتغلغل بعمق في هياكل الدولة الرسمية في كلا البلدين، وليس لدى أنقرة الرغبة أو الوسيلة للتصدي لذلك.

وفي الوقت ذاته، فإن مناطق سيطرة تركيا في الشمالين السوري والعراقي، لا تشكل مناطق أساسية لهذا المشروع الإيراني.

ضوءٌ أخضر روسي

لا يمكن لأنقرة أن تكون حصناً ضد روسيا في هذه المناطق، بل على العكس من ذلك، فإن وجودها في سوريا يعتمد على إذعان روسيا وقبولها. ففي الواقع، ترى موسكو في منح تركيا هذا القبول، وسيلةً مفيدة لإبعادها عن الغرب وحلف شمال الأطلسي.

وتتشابه التوجّهات الحالية لكل من أنقرة وطهران من نواحٍ عدّة، حيث يشكّل كلا البلدين مركزاً لإمبراطورية سابقة، وكلاهما محكومان من أنظمة تجمع بين الإسلام السياسي ونوع من النزعة الثأرية الإمبريالية.

كما يشترك البلدان في المعارضة الفطرية للنظام الإقليمي المتدهور الذي تقوده #الولايات_المتحدة والرغبة من الاستفادة من انسحابها من المنطقة.

ومع ذلك، فإن مشاريع كل من أنقرة وطهران في الوقت الحالي قادرة على التعايش كهلالين متوازيين، ولا يمكن لأي شخص يأمل في أن تكون أنقرة مهتمة بمهمة دعم النظام الإقليمي ضد إيران أن يكون قريباً من أرض الواقع.


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.