توقف عمل المدارس في إدلب: هل ستؤدي سياسات الجهات المانحة إلى نشأة جيل محروم من التعليم؟

توقف عمل المدارس في إدلب: هل ستؤدي سياسات الجهات المانحة إلى نشأة جيل محروم من التعليم؟

بعد مرور أربعة أعوام على انقطاع الدعم عن التعليم في محافظة #إدلب، وتوقف رواتب المدرسين، يعاني هذا القطاع من تسرّب كوادره وطلابه، خاصة بعد تدهور الظروف المعيشية بالمحافظة.

وترك مئات المدرسين في إدلب عملهم، ليتجه قسم منهم إلى العمل في حرف ومهن أخرى، إضافة إلى العمل الإنساني في المنظمات المدنية،  في حين افتتح قسم آخر منهم مصالح تجارية، أو مراكز تعليمية مأجورة، ما أدى بدوره إلى تسرّب آلاف الطلاب من المدارس، وخصوصاً الذين كانوا يتلقون تعليمهم في المدارس المجّانية، التي يشرف عليها معلمون متطوعون، لا يتلقون أجراً شهرياً.

 

من التدريس إلى المهن اليدوية

“خالد الأحمد” عمل مدرّساً للرياضيات في ريف إدلب الجنوبي لأكثر من عشرين عاماً، إلا أنه ترك التدريس منذ سنتين، بعد انقطاع راتبه، واستبداله، من قبل القائمين على مدارس المنطقة، بمعونة فردية، لا تتجاوز الأربعين دولاراً شهرياً.

“الأحمد” قال لموقع «الحل نت»: «عند تأسيس مديرية التربية والتعليم في إدلب، التابعة للمعارضة السورية، تم تسليمنا رواتب، تُقدّر بمئة وعشرين دولاراً، لمدة سبعة أشهر في السنة، ورغم أنها لم تكن تكفي لسد احتياجاتنا، إلا أنها ساعدتنا على تحمّل قسم من نفقات المعيشة. وبعد مرور عام انقطعت الرواتب، التي كانت تأتي من منظمة “كومنكس” الداعمة للتعليم، ومع ذلك استمريت بالعمل لمدة عام كامل بشكل تطوعي، على أمل تخصيص مرتب لي في المستقبل، وفي النهاية اضطررت إلى ترك المهنة، بعد أن بلغت ديوني أكثر من ألف دولار».

ويتابع الأستاذ السابق: «قررت ترك التعليم والعمل في بيع صهاريج المياه في المخيمات، ما يمكّنني من الحصول على دخل معقول، يتراوح بين ثلاثين إلى خمسين ليرة تركية في اليوم».

ووفقاً لمديرية التربية والتعليم في إدلب، فإن عدد المدارس العاملة في المحافظة بلغ 943 مدرسة، في حين يُقدّر عدد الطلاب في المرحلة الابتدائية والإعدادية والثانوية بـ345214 طالباً وطالبة، وعدد الكادر التدريسي والإداري بـ16153 ألفاً.

 

إيقاف الدعم عن التعليم

وكان فريق منسقي منظمة “استجابة سوريا” قد أصدر، في وقت سابق، بياناً قال فيه إن «الجهات المانحة أعلنت إيقاف دعمها لمديريات التربية والتعليم، الأمر الذي سيؤدي إلى تسرّب أكثر من ثلاثمئة وخمسين ألف طالب وطالبة، في جميع المراحل التعليمية».

وأفاد “محمود الباشا”، رئيس دائرة التعليم الأساسي في مديرية التربية والتعليم، أن «أسباب ترك كثير من المدرسين لعملهم في إدلب هو إبلاغهم، من قبل المنظمات المسؤولة عن دعم التعليم في المحافظة، بانتهاء عقودهم، رغم وعودها بعودة الدعم قريباً».

وأشار المسؤول المحلي، في حديثه لموقع «الحل نت»، أن «مديرية التربية في إدلب تحاول تأمين تعويض، بأثر رجعي، للكوادر التي انقطعت عنها الرواتب، منذ كانون الثاني/ديسمبر من عام 2020».

وكانت منظمة “كومنكس” توقع عقوداً سنوية مع المدرسين، لمدة تسعة أشهر، لتلبية حاجات المدراس للكادر التعليمي، لكنها أبلغتهم، قبل ثلاثة أعوام، بتوقف الدعم، وعدم تجديد العقود، دون إبداء الأسباب.

 

فقدان الأمل

“عبد الله المحمد”، مدير مدرسة ثانوية سابق في ريف إدلب الشمالي، أكد لـ«الحل نت» أنه «اضطر إلى ترك وظيفته بسبب عدم قدرة مديرية التربية على تسليمه رواتبه لمدة عام ونصف».

وأضاف: «حاولت البقاء في منصبي، وتشجيع المعلمين في مدرستي على عدم ترك العمل، وتواصلت مع عدد من المغتربين من أبناء المحافظة، للحصول على تبرعات مالية منهم، لتأمين الرواتب، إلا أن كل هذه الجهود ذهبت سدى».

مختتماً حديثه بالقول: «هنالك حالة عامة من فقدان الأمل بين الكوادر التدريسية، فالمنظمات المانحة ومديرية التربية لا تتحرك بشكل جدي لحل المشكلة، ولهذا اضطررنا لترك مهنتنا، ومحاولة إيجاد أي عمل آخر لتأمين حياتنا، أنا مثلا افتتحت محلاً لبيع المواد الغذائية، وأساتذة آخرون يبحثون الآن عن عقود عمل في المنظمات المدنية. والخاسر الأكبر هو الجيل الجديد من أبناء المحافظة، الذي حُرم أغلبه من أحد أهم حقوقه الإنسانية، ألا وهو التعليم».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة