الفرقة الرابعة في السويداء: هل سترسم الانتخابات الرئاسية خارطة أمنية وسياسية جديدة في الجنوب السوري؟

الفرقة الرابعة في السويداء: هل سترسم الانتخابات الرئاسية خارطة أمنية وسياسية جديدة في الجنوب السوري؟

على الرغم من بدء حملة الانتخابات الرئاسية من محافظة #السويداء، بحضور ديني واجتماعي ورسمي كثيف، إلا أن الرفض الشعبي لها يزداد كل يوم، ويتجلّى بأشكال متعددة، على الرغم من القبضة الأمنية الشديدة على المحافظة، التي تفرضها العصابات المسلّحة والميلشيات الموالية للحكومة السورية. ما يجعل المحافظة الجنوبية مفتوحة على عدة احتمالات، لضمان خضوعها الكامل لحكومة دمشق، ومنها احتمال دخول #القوات_النظامية، ممثلة بالفرقة الرابعة، بشكل واسع إليها، واندلاع معارك بينها وبين بعض الفصائل المحلية.

أحد الضباط المنحدرين من المحافظة كشف لموقع «الحل نت» عن «قرار اتخذته القيادة العسكرية للقوات النظامية، بدخول كتائب من #الفرقة_الرابعة إلى السويداء، بعد انتخابات رئاسة الجمهورية». مشيراً إلى أن «الغاية من هذا القرار حماية المحافظة من هجمات إرهابية متوقعة، وفك الاشتباكات الأهلية، في الأماكن غير المستقرة أمنياً، كما هو الحال في بلدة #القريا، والبادية الشرقية للمحافظة، المتصلة أساساً مع باديتي #دير_الزور وحمص، اللتين يتواجد فيهما خلايا لتنظيم داعش».

الضابط، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، أضاف أن «تواجد القوات النظامية في السويداء سيكون مرحّباً به ومطلوباً من الأهالي. فقد عانى المواطنون كثيراً من حالة الفلتان الأمني، وفوضى انتشار السلاح، وما رافقهما من تعدٍ على الحقوق العامة والمؤسسات الرسمية على حد سواء»، حسب تعبيره. فهل ستسيطر الفرقة الرابعة، التي تعتبر الذراع الأساسي لإيران في المنطقة، على السويداء حقاً؟ وهل سيرحّب بها حقاً أبناء المحافظة، على اختلاف ولاءاتهم وتوجهاتهم؟

 

استعراض قوة

قائد إحدى الفصائل المحلية المستقلة، رفض كشف هويته، قال لـ«الحل نت» إنه «يتم، منذ ثلاثة أشهر، تنفيذ خطة لتشكيل جسم موحّد من الفصائل والأفراد، يتبع مباشرةً لقيادة الفرقة الرابعة. ويسعى أفراد معروفون لدى المجتمع المحلي في سبيل هذا، إلا أن نجاحهم اقتصر على القيام بدور استخباراتي، لمصلحة الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة السورية، من خلال تقديم معلومات عن الفصائل المحلية: ارتباطاتها وتمويلها وتسليحها وقطاعات سيطرتها، ونجحوا كذلك بتوثيق أسماء المعارضين لحكومة دمشق، والتواجد الأجنبي في الجنوب السوري؛ في حين فشلوا في تنظيم الأهالي في أي جسم متماسك، يدين بالولاء للفرقة الرابعة».

من جهته يؤكد الناشط الإعلامي “ثائر عبد الحق” أن «التهديد بدخول الفرقة الرابعة إلى مدن وبلدات المحافظة قديم، ويتجدد كل فترة، عن طريق الأجهزة الأمنية، التي تحاول الضغط على الأهالي للقبول بالحملة الانتخابية، التي يرفضها الشارع، باعتبارها مسرحية هزلية، ستؤدي لنتائج معروفة مسبقاً»، حسب تعبيره.

وأضاف “عبد الحق”، في حديثه لـ«الحل نت»، أن «الفترة الحالية تشهد استعراضاً للقوة، من قبل كافة أجهزة الدولة الأمنية والعسكرية، والفصائل المتحالفة معها، مثل كتائب #حزب_البعث وميلشيا #الدفاع_الوطني، وكذلك العصابات الكبيرة، التي تتحضّر لأي طارئ، خاصة بعد تهديدات أطلقها الأهالي بنيتهم منع إجراء الانتخابات في مناطق وقرى محددة».

ويعتبر الناشط المحلي أن «مجمل الأحداث، التي حصلت وتحصل على حدود المحافظة الغربية، تنذر بحدوث صدامات أهلية، مثل الصدام بين أبناء بلدة القريا والعشائر البدوية، ما قد يؤدي لانجرار فصائل محافظتي #درعا والسويداء إلى اشتباكات عنيفة؛ فضلاً عن الصدامات المتكررة مع خلايا #داعش، المتمركزة شرقاً، وكلتا الحالتين يمكن استخدامهما ذريعةً لدخول الفرقة الرابعة إلى المحافظة، وتمركزها فيها، وبالتالي تغيير الخارطة الأمنية في درعا والسويداء، لمصلحة الحكومة السورية وإيران».

 

“رجال الكرامة” يعودون من جديد

التوتر الشعبي في السويداء لم يقتصر على تهديدات بعض المواطنين بمنع إجراء الانتخابات في بلداتهم وقراهم، فقد جاءت حادثة حصار مديرية النقل في المحافظة، من قبل عناصر حركة #رجال_الكرامة، أكبر فصائل السويداء، وأكثرها تنظيماً، لتظهر مدى النقمة ضد #الحكومة_السورية.

وكان مقاتلو “رجال الكرامة” قد حاصروا المديرية، ومنعوا دوام الموظفين فيها، احتجاجاً على قانون البيوع العقارية الجديد، الذي أصدرته الحكومة السورية، ورفضوا وساطات وزير النقل السوري ومحافظ السويداء، مطالبين بوعود قطعية بتعديل القانون، قبل إجراء الانتخابات الرئاسية.

مصدر في الحركة قال لـ«الحل نت» أن «التحرّك جاء عفوياً، ولا دخل لقيادة الحركة به، لكنه يعبّر عن سخط المواطنين، الذين استنزفتهم الضرائب والفساد والمحسوبيات وضعف أداء المؤسسات الرسمية، مقابل خدمات سيئة، في مجال الماء والكهرباء والمحروقات، وهي أبسط حقوق المواطن»، مشيراً إلى أن «قانون البيوع العقارية الجديد ظالم للغاية، ولم يكن له مثيل حتى في أيام السلطنة العثمانية، في عز قوتها وجبروتها على العباد»، حسب تعبيره. محذّراً من «عواقب وخيمة إذا لم يُعدّل القانون». في إشارة مباشرة لنية الحركة بالتصعيد، في حال لم تتم الاستجابة لمطالبها.

 

أيام انتخابية ساخنة

الإعلامي “حمزة المعروفي” فسّر التحرّك الأخير لعناصر الحركة بأنه «تعبير عن رفض قاطع لما يجري في سوريا بشكل عام، وللانتخابات الرئاسية بشكل خاص».

وأضاف، في حديثه لموقع «الحل نت»، أن «حركة رجال الكرامة لم تقم بأي تحرّك سياسي منذ سنوات، سوى الضغط لإخراج المعتقلين من سجون السلطة، فضلاً عن قيامهما بأكثر من عملية للإفراج عن مخطوفين، وردع اللصوص، وهذا ما أصاب عناصرها بشيء من الإحباط، لأن البلاد تسير بنفس الروتين دون تغيير، سوى للأسوأ، وكأن الحرب لم تمرّ من هنا، ما يدفعهم اليوم للتعبير عن غضبهم، ومحاولة استعادة دورهم السياسي في المحافظة». متوقعاً أن «تشهد السويداء أياماً انتخابية ساخنة، في أكثر من مكان، وتحركات عسكرية وأمنية كثيفة، تمهّد لمرحلة جديدة في المحافظة».

هذا الوضع السياسي المعقد يقابله على الأرض بروز عديد من الفصائل الجديدة، التي لا يُعرف من يمولها، وما غايتها، فقد تشكّلت، حتى هذه اللحظة، ميلشيات في كل من #شهبا والقريا و”عريقة” و”الحريسة” و”خازمة” و”قيصما” و”ملح”، ووصل سعر البندقية الروسية، من نوع “كلاشنكوف”، إلى مليون وثلاثمائة ألف ليرة سورية، فمن يدفع شبان المحافظة للتسلّح بهذه الكثافة؟ وهل ستستطيع الحكومة السورية السيطرة على هذه الغابة من السلاح والفصائل؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.