“متلازمة الاستقالة”: ما أسباب الغيبوبة الغامضة التي يصاب بها بعض الأطفال الإيزيديين في أوروبا؟

“متلازمة الاستقالة”: ما أسباب الغيبوبة الغامضة التي يصاب بها بعض الأطفال الإيزيديين في أوروبا؟

كشف تحقيق، نشرته صحيفة “ديلي ميل” البريطانية، عن حالة مرضية غامضة، أصابت أطفالاً سوريين في #السويد، دخلوا في غيبوبة عميقة، آواخر شهر نيسان/إبريل الماضي، دون أن تظهر عليهم أية مشاكل صحية.

وقالت الصحيفة إن «من بين الأطفال مئة وتسعة وستين طفلاً سورياً من الديانة الإيزيدية، استسلموا لغيبوبة طويلة، حيّرت الأطباء، خاصة أن نتائج الفحوصات الطبية لم تكشف عن أي سبب ظاهري للحالة النادرة، التي يُعاني منها هؤلاء الصغار، والتي أطلق عليها المختصون تسمية “متلازمة الاستقالة”».

وبحسب طبيبة الأعصاب السويدية “سوزان أوسوليفان” فإن «قراءة الموجات الدماغية للأطفال تشير إلى أنهم مستيقظون، لكنهم لا يتمكنون من استعادة وعيهم، والعودة لحياتهم الطبيعية».

وأضافت الطبيبة السويدية، في تصريحاتها للصحيفة البريطانية، أن «الأطباء توصلوا، من نتائج الفحوصات، إلى أن المرض نفسي جسدي، وجاء ردّة فعل عكسية من الأطفال، على قرار رفض الحكومة السويدية تجديد إقاماتهم، والتهديد بترحيلهم إلى بلادهم، التي فرّوا من أهوال الحرب فيها».

 

خوف وإحباط

«الترحيل القسري لسوريا بات الكابوس الذي يؤرق اللاجئين السوريين، لاسيما الإيزديين منهم»، كما يوضح “شمّو آفستا”، اللاجئ الإيزيدي من مدينة #عفرين، المقيم في العاصمة ستوكهولم، منذ سيطرة #تركيا على بلدته في آذار/مارس 2018 ، وأبدى “شمّو” لـ«الحل نت» قلقه «من أن يعاني أطفاله الثلاثة، وأولاد شقيقه وشقيقته، حالة مشابهة، ويُصابوا بـ”متلازمة الاستقالة”، بعد رفض الحكومة السويدية تجديد أوراقهم».

ويؤكد اللاجئ الإيزيدي أن «العودة إلى سوريا، التي لم تتعاف من آثار الحرب، وتعاني أزمة اقتصادية حادة، فضلاً عن الانتهاكات والجرائم، التي ما زالت المجموعات المتشددة تمارسها ضد المدنيين شمال غربي سوريا، تعني تسليم العائدين لرحمة السلطات السورية والمتطرفين، وهو ما يؤرق الإيزديين اللاجئين في أوروبا عموماً».

 

ارتفاع معدلات الانتحار

«ما زال المجتمع الإيزيدي في سوريا والعراق يعيش حالة صدمة من ممارسات تنظيم #داعش، والمجموعات المتشددة، الأمر الذي تسبب لمعظم الفارين والناجين بمشاكل نفسية، ساهمت في ارتفاع معدلات الانتحار، وظهور أعراض نفسية نادرة  بين الشباب والأطفال الإيزديين»، بحسب ما أفاد به “أبو شجاع دنايي”، الناشط في مجال تحرر المختطفين الإيزديين.

وحذّر “دنايي”، في حديثه لموقع «الحل نت»، من «ارتفاع حالات الانتحار بين الإيزيديين، لاسيما في الآونة الأخيرة، بمعدل شهري يتراوح ما بين عشر إلى خمس عشرة حالة شهرياً، ومعظم المنتحرين لا تزيد أعمارهم عن سبعة عشر عاماً»، منوهاَ أن «عدة حالات، شبيهة بـ”متلازمة الاستقالة”، ظهرت بين الناجين الإيزديين من داعش، بعد تحريرهم، وصدمتهم بفقدانهم عوائلهم، الأمر الذي دفع بعضهم للاستسلام للغيبوبة، التي لم يستيقظ منها عديد منهم، وأدت لوفاتهم».

وأعرب “دنايي” عن «قلقه من إصابة إيزديي العراق، من الأطفال المقيمين في أوروبا، بمشاكل صحية ونفسية غريبة، مثل التي ظهرت بين الأطفال الإيزيديين السوريين، في حال قررت البلدان الأوربية المستضيفة لهم ترحيلهم، وإعادتهم إلى العراق، الذي استعاد فيه تنظيم داعش نشاطه بشكل كبير».

 

الحالة النباتية المستدامة

التوصيف الطبي لغيبوبة “متلازمة الاستقالة” يُشير إلى فقدان الشخص لوعيه، وعدم استجابته للمؤثرات المحيطة به، مع فقدانه القدرة على الحركة، ووصف “آرام حسن”، مدير مركز “كوتيم” للاستشارات النفسية في هولندا، حالة الأطفال الذين يعانون من المتلازمة بـ«الغامضة».

وعن فترة السُّبات أوضّح أخصائيُّ الصحة النفسية، في حديثه لـ«الحل نت»، أنه «في حالات  نادرة قد تمتد الغيبوبة من أسبوعين إلى أربعة أسابيع، إلا أنه يوجد احتمال كبير أن يدخل المرضى فيما يسمى “الحالة النباتية المستدامة”، التي تستغرق سنوات طويلة».

مشيراً إلى أن «المريض، في هذه الحالة، قد يفتح عينيه، لكنه لا يعود لحالته الطبيعية، ومن النادر جداً أن يستعيد وعيه بالكامل ويستيقظ».

ويبلُغ عدد الإيزديين، بحسب إحصائيات غير رسمية، حوالي مليون نسمة، يتواجد نصفهم في العراق، والبقية يتوزعون بين سوريا وتركيا وأرمينيا وأذربيجان ودول البلقان وأوروبا. وتعرّض أبناء هذه الديانة لأكثر من ثلاث وسبعين محاولة إبادة في تاريخهم، كان أعنفها على أيدي تنظيم داعش، في موطنهم الاصلي في #سنجار العراقية، في الثالث من آب/أغسطس 2014، حين قُتل آلاف الرجال، وتم سبى أكثر من سبعة آلاف امرأة وطفل، ما يزال مصير بعضهم مجهولاً حتى اليوم.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.