الرقابة على الإنترنت في فرنسا: ضرورة لمكافحة التطرّف أم تعزيز القبضة الأمنية للدولة وانتهاك للحقوق الأساسية؟

الرقابة على الإنترنت في فرنسا: ضرورة لمكافحة التطرّف أم تعزيز القبضة الأمنية للدولة وانتهاك للحقوق الأساسية؟

كشف وزير الداخلية الفرنسي “جيرالد دارمانين” عن مشروع قانون سيعزز صلاحيات الأجهزة الأمنية الفرنسية في مكافحة التطرف، عبر مراقبة أنشطة أشخاص مشتبه بهم على شبكة الإنترنت.

الوزير الفرنسي ربط مشروع القانون الإشكالي بضرورة حماية المسلمين في #فرنسا، الذين اعتبرهم «من ضحايا الإرهاب أيضاً».

وحسب معلومات السلطات الفرنسية فإن المتطرفين يستخدمون الإنترنت لنشر أفكارهم، والتنسيق فيما بيهم، للقيام بعمليات تهدد أمن البلاد.

 

القانون سيمرّ بسهوله

ويرى كثير من المراقبين أن مشروع القانون سينال دعم معظم الأحزاب السياسية في البرلمان الفرنسي، وهو ما يذهب إليه الصحفي “منذر المدفعي”، الذي يؤكد لموقع «الحل نت» أن «فكرة مشروع القانون هي حماية المسلمين من الانخراط في التطرف، ومراقبة الإنترنت، لأنه وسيلة اساسية لانتشار الفكر المتشدد، وهي فكرة غير جديدة، فقد سبق أن طرحها الرئيس الفرنسي السابق “فرانسوا هولاند”، بعد أن شهدت #باريس وعدة مدن فرنسية في عهده هجمات إرهابية».

وأوضح أن «مثل هذه القوانين تمرّ سريعاً داخل البرلمان الفرنسي، رغم الخلافات الكبيرة بين الأحزاب السياسية، والمعارضة الكبيرة لحكومة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون»، عازياً ذلك «لمساهمة القانون بتعزيز الأمن الوطني الفرنسي، خاصة أن الفرنسيين تعرّضوا لصدمات كبيرة في الماضي القريب، بسبب العمليات الإرهابية، ولا يريدون تكرار هذا».

ولفت “المدفعي” الى أن «السلطات الأمنية الفرنسية تملك تجربة سابقة بمراقبة الإنترنت، خاصة عندما شهدت البلاد تظاهرات “السترات الصفراء”، فقد كثّفت الأجهزة الأمنية رقابتها على مواقع التواصل، لمعرفة أماكن تجمّع المتظاهرين، ومنع الفوضى والاعتداء على الأملاك الخاصة والعامة»، حسب تعبيره.

وعانت فرنسا في السنوات الأخيرة كثيراً من الاضطرابات الأمنية والعمليات الإرهابية، التي أودت بحياة  عشرات  الأشخاص، كان أكبرها الهجوم الإرهابي على مسرح “باتكلان” وعدد من المقاهي وملعب “ستاد دو فرانس”، في الثالث عشر من تشرين الثاني/نوفمبر عام 2015، ما أدى لمقتل مئة وثلاثين مواطناً. ومؤخراً تعرّضت شرطية فرنسية للطعن بسكين، من قبل متطرف إسلامي.

 

كشف خيوط التطرف

من جهته يرى الباحث بالشأن الفرنسي “أزهر جورج” أن مشروع القانون «سيكشف الشبكات الإرهابية بفرنسا وخارجها، سواء المنظّمة أو غير المنظّمة».

ويتابع في حديثه لـ«الحل نت»: «يتم تنظيم أغلب العمليات الإرهابية، التي تحصل بفرنسا، عبر الإنترنت، فالمتطرفون يعلمون أن المراكز الدينية والجوامع مراقبة من قبل السلطات الأمنية، مما يجعلهم يلجأون للتواصل عبر الفضاءات الافتراضية».

وأكد أن «تشديد مراقبة الأنترنت سيحدّ كثيراً من العمليات الإرهابية، ويوفر صلاحيات أكبر للسلطات الأمنية في التصدي لها». ليس هذا فقط، فالخبير بالشأن الفرنسي يتوقّع أن «يتم كشف شبكات غسيل الأموال، التي تتلقى تبرعات من الخارج، وتستخدمها لتجنيد الشباب الفرنسي في تنظيمات متطرفة».

وعلى الرغم من اتفاقه مع التوقعات، التي تؤكد أن المشروع سيمر بسهولة في البرلمان الفرنسي، إلا أنه يعتقد أنه «سيلاقي صعوبات كبيرة في التنفيذ، لأنه يحتاج إلى موارد تقنية وبشرية كبيرة، وسيزيد من مصاريف الدولة، التي تعاني اقتصادياً بعد انتشار فيروس كورونا».

 

تعزيز القبضة الأمنية

فضلاً عن هذا يرجّح “جورج” أن «يلاقي القانون اعتراضاً من جهات متعددة، خاصة بعض القوى اليسارية والمنظمات الإسلامية، لإنه قد ينتهك  حرية التعبير والعقيدة، ويعزز القبضة الأمنية في البلاد، ومن الصعب قبول هذا ببساطة في بلد عريق بديمقراطيته».

وتمكّن موقع «الحل نت» من الاطلاع على نص مشروع القانون، الذي يعطي صلاحيات أكبر للسلطات الأمنية لمراقبة نشاطات الأفراد على الإنترنت، دون الحاجة إلى الحصول على إذن من القضاء، الذي يستغرق استخراجه وقتاً طويلاً. كما يشرعن القانون «إغلاق دور العبادة، التي يرتادها المتطرفون، ممن يروجون لأفكارهم على مواقع التواصل الاجتماعي». فضلاً عن إمكانية «مداهمة منازل هؤلاء، لكون أنشطتهم الإلكترونية تشكّل تهديداً للأمن الفرنسي، والاستيلاء على الأجهزة الإلكترونية للمشتبه بهم، لمعرفة ما تحتويه من معلومات وبيانات».

كما ينصّ القانون على «إجبار الأشخاص الخاضعين للمراقبة الأمنية على الاستقرار في عنوان ثابت، لمتابعتهم وزيارتهم بشكل مفاجئ ومتكرر».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.