“حمّالة الصدر” باللغة العربيّة، و “Bra” بالإنجليزية، و “soutien gorge” بالفرنسية، وتعني كلمة سوتيان في الفرنسية “الدعم”، وكلمة gorge منطقة الحلق أو الحنجرة، لتصبح بذلك الترجمة الفرنسية دعامة الحلق أو الحنجرة عوضاً عن دعامة الثدي، وذلك لأن الفرنسييّن اعتبروا كلمة الثدي غير مُهذبة للاستخدام بين الطبقات الفرنسية النبيلة.

على الرغم من أن أطباء التجميل يحذرون من عدم ارتداء “حمّالة الصدر” لأسباب صحية وتجميلية، فقد يتسبب خلع السوتيان بزيادة الحمل على الكتفين، وخاصةً إذا كان الثديان ممتلئان، بالتالي تشد الأثداء الجسد نحو الأسفل، فيتقوص الكتفان نحو الأمام، مما يؤدي إلى الضغط على فقرات الرقبة والكتفين وأعلى الظهر، إلا أنَّ عدداً كبيراً من النساء وجدت في فترة الحظر المنزلي فرصةً لتحرير ثدياها من سجن السوتيان الذي يشعرهن أنهن مربطات ومشدودات.

حمّالة الصدر و”حاوية قمامة الحرية”

في ستينيات القرن الماضي، نظمت مجموعة من الناشطات النسويّات مظاهرة احتجاجية في ولاية “نيوجرسي” ضد مسابقة ملكة جمال الولايات المتحدة الأميركيّة، انتشرت حينها صور لمتظاهرات وهن يلقين حمّالات الصدر والمكانس وأقلام حمرة الشفاه والأحذية ذات الكعب العالي، فيما أُطلق عليها بـ”حاوية قمامة الحرية”، بهدف حرق القيود الرمزية التي وضعها المجتمع الذكوري لتحويل المرأة إما إلى سلعة جميلة أو إلى ربة منزل.

وفي لقاء لها مع وسائل الإعلام، ذكرت إحدى المشاركات في تنظيم التظاهرة “روبن مورغان” أن: «الفكرة كانت تقوم على التخلص رمزياً من الأشياء التي تقمع النساء»، وأضافت: «أذكر أن امرأة شابة قامت بخلع حمّالة الصدر، فكَّتها من تحت قميصها، ثم ألقت بها في الحاوية وسط تهليل المشاركات».

وكانت الناشطات النسويّات اللواتي تظاهرن ضد مسابقة ملكة جمال أميركا عام 1968، اعتبرن أن اللقب يُمنح لنوع معين جداً من الجمال الأنثوي، وهو يُكرّس مقاييس الجمال التي تتناسب مع إعلانات منتجات التجميل عوضاً من مساعدة النساء على تقبل أجسادهن.

للتخلص رمزياً من الأشياء التي تقمع النساء، خلعَت امرأة شابّة حَمّالَة صدرها، فكَّتها من تحت قميصها، وألقتها في الحاوية

كما كانت مسابقة ملكة جمال أميركا قد تخلت منذ عام 1966 عن شرط أن تكون المتنافسة «بصحة جيدة وتنتمي للعرق الأبيض»، ومنذ ذلك الحين صار التخلي عن حمّالة الصدر رمزاً لتحرر الجسد من القيود الذكورية.

حمالة الصدر وآراءٌ متعارضة

تذكر السيدة “مي خالد” (اسم مستعار)، التي صارت تجري عملها المكتبي داخل المنزل لـ (الحل نت)، أنها لا ترتدي حمّالة الصدر إلا حين خروجها من المنزل، موضحةً أن شد الثديين يثبتهما وبالتالي يقلّل من لفت الانتباه إليهما، وأنه بسبب شهوانية الرجل لجأت النساء منذ مئات السنين إلى شد أثدائها وبالتالي قمع جسدها.

من جهتها، لفتت الأم لأربعة أطفال “رغدة علي” (اسم مستعار)، أن تهدل ثدياها بعد الحمل والولادة جعلها لا ترتاح في الحركة والتنقل دون حمّالة الصدر، مشيرةً إلى أن الطبيب أوصاها بإردتاء حمّالة الصدر لحماية فقراتها من التقوص.

ويذكر أن بعض الأطباء كانوا خلال فترة التسعينات قد أشاروا إلى أنه ربما قد يكون هناك علاقة بين حمّالة الصدر وسرطان الثدي، إلا أن الطبيب وأستاذ علم الأورام في مركز ميلفين وبرين سيمون للسرطان بجامعة إنديانا “ريان شنايدر”، نفى بعد أبحاث طويلة علاقة الإصابة بالسرطان بارتداء حمّالة الصدر.

تاريخ حمّالة الصدر

تشير الاكتشافات التاريخية إلى أن حركة الأثداء طالما كانت تشغل بال النساء، ففي عام 2012 اكتشف علماء آثار من النمسا، حمّالة صدر تعود إلى القرن الخامس عشر، متشابهة كثيراً مع التي تستخدمها النساء اليوم، وفي عام 1899 حصل الألماني Christine Hardt من مدينة دريسدن الألمانيّة على براءة اختراع لحمّالة الصدر المعاصرة، وفي الأعوام التالية وحتى عام 1913 بقيت حمّالات الصدر اختراع ألماني وتطورت صناعتها في ألمانيا حصراً  بسبب استخدام آلات خياطة لأول مرة بدلاً من الخياطة اليدوية، وبقيت ألمانيا المصنّع الوحيد إلى أن انتشرت حمّالات الصدر في أوروبا وبعدها في أميركا.


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.