دخل #الاقتصاد_السوري، في مرحلة استثنائية وصعبة مع بداية #الحرب في سوريا عام 2011، نتيجة الحصار الاقتصادي والعقوبات.

وبدأت الليرة السورية، تشهد انهيارات دراماتيكية سريعة في ظل غياب شبه كامل  للسياسة النقدية في الحكومة السورية، لكون الأخيرة مُسيرة و محكومة بسياسات اقتصادية معلبة، تنسجم مع طبيعة الخيار السياسي للاقتصاد السوري.

وهذه ما جعل “مصرف سوريا المركزي” وهو الذي يرسم السياسة النقدية للبلاد، عبارة عن مؤسسة تدار بطريقة تقليدية لا تتمتع بالاستقلالية والمرونة، وأصبحت أداة بيد أصحاب القرار السياسي، وباتت الليرة السورية خاضعة  للمضاربات في #السوق، ويتحكم بها أصحاب المصالح.

سياسة مالية انكماشية

وربط المحلل الاقتصادي “سالم المحمد” لموقع (الحل نت) أسباب تراجع القيمة السوقية لليرة السورية بتراجع الأداء الاقتصادي للحكومة السورية، والتي شمل الإنتاج النباتي والحيواني، وتوقف الصناعة التحويلية عن الإنتاج، مما ساهم في زيادة الطلب على الاستيراد والاستعانة بالقطع الأجنبي سواء كان المتوفر في “مصرف سوريا المركزي” أو داخل السوق المحلية.

كما أن توقف عمل القطاعات الخدمية وعلى رأسها السياحة، وتوقف الاستثمار الأجنبي المباشر أربك السياسات النقدية في الحكومة السورية، وبدأت تنحى بوظيفة بعيدة عن وظيفتها الحقيقية فبدلاً من أن تقوم  بإدارة العرض النقدي والاستقرار في سعر الفائدة وسعر الصرف والحفاظ على معدل تضخم منخفض ومستقر، لجأت إلى سياسة مالية انكماشية عن طريق تخفيض الإنفاق الحكومي وزيادة الضرائب.

سياسات نقدية إسعافية وترقيعية!

بما أن السلطات النقدية في الحكومة السورية لم تنتهج سياسة نقدية واضحة منذ بداية الأحداث في سوريا، واتجهت إلى حلول ترقيعية وإسعافية، من خلال  زيادة الإصدار النقدي، لتمويل عجز الموازنة، وانخفاض الناتج المحلي لتوقف العمل في الكثير من مراكز الإنتاج، فكانت النتيجة ارتفاع معدلات التضخم بشكل كبير فاقت معدلات ارتفاع أسعار الصرف وانخفاض الناتج المحلي بشكل كبير.

وظهرت الأزمة من خلال وجود تضخم كبير وركود أكبر، كما أن دوافع عدم عدالة توزيع الدخل القومي، من قبل أحداث 2011، ساهمت في حالة تراجع مستوى المعيشة لذوي الدخل المحدود، ورافقها ارتفاع دائم في الأسعار، بينما الأجور بعيدة عن الواقع.

وأصبح التضخم في سوريا ظاهرة معقدة ومركبة، وسيطر شبح التضخم النقدي وارتفاع الأسعار، على الحياة العامة في سوريا، وسط تدني الأجور وتدهور الحالة المعيشية للشعب السوري.

هل توجد أرقام إحصائية صحيحة للتضخم في سوريا؟

الكثير من الاقتصاديين يشككون في الأرقام التي تصدرها الجهات الرسمية في القطاع المالي حول الإفصاح عن نسب التضخم في سوريا خلال العشر السنوات الأخيرة.

وتبقى الأرقام مضللة وغير حقيقية مقارنة مع الواقع الحالي، ومثال على ذلك ما أعلن عنه  كل من “مصرف سوريا المركزي” و”المكتب المركزي للإحصاء” عندما  قدّرا معدلات التضخم في سوريا خلال أول 9 أشهر من 2019 بـ 9.95%.

وهذا رقم غير دقيق ، بدليل أن الزيادة التي أعلن عنها “مصرف سوريا المركزي” لا يعطينا ذلك الفارق بعد مرور عشر سنوات من الأحداث في سوريا، لأن ما أعلنت عنه  دائرة الأبحاث الاقتصادية والإحصاءات العامة في “مصرف سوريا المركزي”، عام 2011 وتقديرها معدل التضخم السنوي في كانون الثاني ٢٠١١ بـ 7.13 % مقارنةً مع أسعار السلة نفسها في كانون الثاني عام ٢٠١٠، الذي بلغ فيه معدل التضخم السنوي 2.18 %.

ويدلل ذلك على أن الأرقام الأخيرة التي تصدر عن الجهات الرسمية توضع دون تدقيق أو تصحيح، فضمن آخر المؤشرات الإحصائية الدولية في شهر يناير 2020، حلّت سوريا في المركز الرابع في تصنيف لدول العالم من حيث معدلات التضخم الأعلى في العالم، حيث بلغ معدل التضخم في سوريا 287 %.

غياب الاقتصاد السوري الحقيقي

وقال أستاذ في كلية الاقتصاد في جامعة دمشق، فضل عدم ذكر اسمه، إن الأوضاع الاقتصادية الكارثية التي تعيشها سوريا ونقص الموارد المالية وتوقف عجلة الإنتاج المحلي تدلل على أن الأيام المقبلة ستكون كارثية، وأن أرقام التضخم التي يعلن عنها غير صحيحة، لأن الأسعار غير ثابته ومتبدلة باستمرار ولا يمكن إعطاء رقم صحيح في هذا المجال.

وقلل الأستاذ في كلية الاقتصاد من أهمية السياسات النقدية والإجراءات المتنوعة، التي يتخذها “مصرف سوريا المركزي” سواء من خلال محاولاته ضبط سعر العملة أو اللجوء إلى طباعة عملة نقدية جديدة حيث يزيد المعروض النقدي دون أن يقابله زيادة موازية في السلع والخدمات.

فالمؤشرات الاقتصادية، تدلل على أنه لا يوجد اقتصاد فعلي، بما أن الإنفاق في سوريا يفوق الإيرادات بأكثر من 70%، وهي نسبة كارثية، وما لمسناه خلال سنوات الحرب أن طباعة المزيد من النقود، قد يكون أحد أدوات السياسة الاقتصادية لإنعاش الاقتصاد والحث على زيادة الإنتاج، ولكن تستخدم هذه الأداة فقط، عندما يكون الاقتصاد في حالة نمو وليس في ركود كما حال  الاقتصاد السوري، بحسب الأستاذ في كلية الاقتصاد.

8% يتحكمون بالاقتصاد السوري

بدوره، اعتبر “عرفان علي” ماجستير في الاقتصاد السياسي، أن الحرب في سوريا ساهمت في انقسام حاد في المجتمع السوري، من حيث المستوى المعيشي، وبات 8% يتحكمون بالاقتصاد السوري  و92% من الشعب يعيش تحت خط الفقر.

كما غابت ما يسمى الطبقة الوسطى، بعد انعدام تحقيق العدالة الاجتماعية، وانتقد علي سياسة السلطات النقدية في سوريا، التي بقيت في حدود الشكل والمعالجات الإسعافية، ولم تتناول الجوهر الرئيسي من خلال ربطها بصورة التنمية المستدامة، فالأسباب الرئيسية للتضخم يرتبط داخلياً بالإنفاق العام ويرتبط أيضاً بتأخر الإصلاح الإداري وإصلاح مؤسسات القطاع العام.

أما خارجياً فتوقف الدعم الإيراني والحصار الاقتصادي التي يفرضه الغرب وقانون قيصر تعد من الأسباب الرئيسية في ارتفاع نسب التضخم إلى مستويات قياسية في سوريا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.