الهروب نحو الخلاص.. هكذا فرّت قيادات «داعش» من سوريا وتركت العناصر يواجهون الموت

الهروب نحو الخلاص.. هكذا فرّت قيادات «داعش» من سوريا وتركت العناصر يواجهون الموت

لا يُعتبر ما أعلنت عنه السلطات المغربية، يوم الأحد الفائت، حول إلقاء القبض على قيادي في تنظيم “داعش” خلال تواجده على الأراضي السورية، بالخبر الأول من نوعه، فكان فرار قيادات التنظيم من الأراضي السورية أمراً مخططاً له منذ 3 سنوات، وفق ما أشارت إليه معلومات عدة بينت أن قيادة التنظيم جهزت نفسها للهروب من سوريا منذ ذلك الوقت.

“المديرية المغربية لمراقبة التراب الوطني”، أفادت الأحد، بتوقيف مواطن مغربي كان يشغل مناصب قيادية في التنظيم داخل الأراضي السورية.

وأوضحت أنّ توقيف القيادي جاء بعد تنسيق وثيق مع القوى الأمنية الإيطالية المكلفة بقضايا الإرهاب. أسفر عن تحديد مكان تواجد الملقب بـ”أبي البراء” وتوقيفه بإيطاليا، بعدما تمكن من الهجرة بطريقةٍ غير قانونية من أماكن القتال التابعة لتنظيم “داعش” باتجاه أوروبا عبر تركيا.

كما أعلنت إيطاليا سابقاً، عن إلقاء القبض على مواطن إيطالي من أصول مغربية، قالت إنه كان قيادياً في تنظيم “داعش” في سوريا. ووفق السلطات الإيطالية، فإن “سمير بوجانة” من مدينة بريشا شمال إيطاليا، سافر إلى سوريا في 2013 قادما من ألمانيا، قبل أن يهرب منها.

بينما عاقبت محكمة في مدينة باريس الفرنسية، في شهر تموز/يوليو من العام الفائت، فرنسياً اعتنق الإسلام وسافر إلى الخارج للقتال مع تنظيم “داعش” بالسجن في أول محاكمة فرنسية ناجحة لإرهابي كان مسؤولاً عن جرائم عديدة ارتكبها في سوريا.

في المقابل، فإن قيادات التنظيم تركت أفرادها وعوائلها ليلاقوا مصيرهم المجهول داخل سوريا، وبدأت تخطط للهروب منذ عام 2018 وفق ما أفاد به موقع “دوتشيه فيله” الألماني نقلا عن مجلة “دير شبيغل”، والذي أشار إلى أن قيادات التنظيم بدأت بمغادرة سوريا والعراق، بعد اندثار وهم “دولة الخلافة” التي استقطبت آلاف العناصر الغريبة عن سوريا، ومن ثم تخلوا عنهم في الوقت الذي اشتدت ضربات “التحالف الدولي” المركّزة على مواقع التنظيم.

وبحسب تقديرات المتابعين لشؤون الجماعات المتطرفة، فإن القيادات القائمة على مشروع الخلافة، كانت عازمة منذ البدء على استثمار جهل العناصر الأجنبية بحقيقة المشروع الذي دعا إليه داعش، وطبيعة الأوضاع في سوريا، بينما أغرت العناصر المحلية السورية أو العراقية بالأموال.

يتطابق هذا الرأي مع ما ذهبت إليه دراسة صدرت العام الحالي، عن “مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة” (مقره مدينة فيينا النمساوية) حيث بيّنت أن كثيراً من العناصر الإرهابية الأجنبية في كل من أوروبا وآسيا، انجذبوا أيضاً إلى عامل التشويق والإثارة للقتال في نزاع دائر خارج بلدانهم.

كذلك أشارت الدراسة الأممية إلى أن الكثيرين منهم وبسبب شعورهم بالإقصاء، وعدم الانتماء إلى مجتمعاتهم المحلية، ازدادت لديهم الرغبة في التوجه إلى سوريا والالتحاق بـ “داعش”، وبالتالي تولّد لديهم «شعورٌ بأن انضمامهم إلى صفوف القتال في سوريا لن يُسفر عن أي خسائر، بل سيحقق لهم الكثير من المكاسب».

إلا أنهم لم يحسبوا العواقب، سواء في مقتلهم ضمن حرب لا علاقة لهم في بلدٍ مثل سوريا، أو حتى احتجازهم لسنوات طوال دون أن تلتزم دولهم بمسؤولياتها المتمثلة بإرجاعهم كما حصل في سوريا.

سعى التنظيم للإيقاع بالعناصر الأجنبية ودفعهم للالتحاق بسوريا، من خلال توظيفه لـ “رسالة جذابة” توحي بالانتماء والأخوة والمغامرة، فضلاً عن منحهم دافعاً يسعون لأجله، سواء أكان ذلك الدافع السعي وراء الانتقام الذي تحركه مشاعر الإحباط والغضب، أو السعي وراء المكانة وتقدير الآخرين من نفس الفكر المتطرف.

بينما نوه التقرير الألماني إلى أن التنظيم خطط من أجل تحديد أفضل سبل المغادرة دون إثارة الانتباه أو إلقاء القبض عليهم في رحلة العودة إلى أوروبا، بالمقابل فقد اعتُقِل آلاف المقاتلين التابعين للتنظيم في معتقلات داخل سوريا، بينما احتُجِزت عوائلهم في مخيمات هناك.

وذكر بأن موقعاً خُصِص للقيادات الأجنبية من التنظيم كانوا يتواجدون على الأراضي السورية، نشر أواخر عام 2018 تحذيرات من استعمال القيادات جوازات سفر مزورة أثناء الهرب إلى أوروبا، داعياً إياهم إلى استعمال وثائق هوية حقيقية أو التخلي عن كل أنواع الوثائق، مع ترك كل الأغراض التي قد تفشي بمقامهم القيادي في سوريا. كما نصحهم الموقع بعدم الخوض في موضوع “داعش” مع الغرباء.

أدركت قيادات داعش، منذ عام 2018 أن وضعهم الميداني بسوريا في تراجع مستمر، إلا أنهم آثروا زج العناصر في معارك خاسرة، بالتزامن مع فرار تدريجي للقيادات من سوريا إلى تركيا فأوروبا.

في سياق موازِ، تشير تقديرات مختصين إلى أن عناصر التنظيم ومن خلفهم عوائلهم، سيدركون أن سعيهم وراء وهم الخلافة كان “خطأً كبيراً”، في ظل عدم وضوح مصيرهم، وتدمير حياتهم ومستقبلهم، بمقابل هروب قيادات عديدة كانت تتزعم التنظيم بسوريا، حتى أن قائد التنظيم السابق، “أبو بكر البغدادي”، كان يخطط للهروب من سوريا قبل مقتله عبر غارة أميركية استهدفت مكان تواجده في #بلدة_باريشا بمحافظة إدلب الحدودية مع تركيا، في تشرين الأول/أكتوبر من عام 2019.


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.