قال الرئيس الأميركي جو بايدن، بعد ظهر اليوم الخميس، إنه مع اقتراب قوات العمليات الخاصة الأمريكية، خلال مداهمة ليلية، في بلدة تابعة لمحافظة إدلب شمال غرب سوريا، فجّر زعيم تنظيم “داعش”، أبو إبراهيم الهاشمي القرشي، عبوة ناسفة قتلته هو وعائلته.

المهمة التي وصفها مسؤولو البيت الأبيض بأنها ناجحة، قضت على زعيم إرهابي كبير في الشرق الأوسط، كذلك منحت هذه المهمة للرئيس الأميركي جو بايدن نجاحا في السياسة الخارجية، وسط أزمة مزعجة في أوكرانيا فضلا عن المشاكل الداخلية، بحسب ما أفاد به تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية.

وفي خطاب ألقاه في البيت الأبيض، اليوم الخميس، أوضح بايدن إنه أمر بالغارة التي قتلت أبو إبراهيم الهاشمي القرشي في وقت مبكر من يوم الخميس، حيث قال: “لقد أدت عملية الليلة الماضية إلى إزاحة زعيم إرهابي كبير من ساحة المعركة، وأرسلت رسالة قوية إلى الإرهابيين في جميع أنحاء العالم: سوف نلاحقكم ونجدكم”، مؤكدا بأن القوات الأميركية عادت بسلام.

وقد نفذ هذه المهمة، في شمال غربي سوريا على طول الحدود التركية، طائرات أباتشي ومقاتلات حربية وطائرات بدون طيار، واستمرت حوالي ساعتين، وفقا لمسؤولين أمريكيين وحسابات على وسائل التواصل الاجتماعي، وذكرت تقارير أن من بين ضحايا هذه العملية نساء وأطفال.

وقال مسؤولون أميركيون إنه بعد فترة وجيزة من هبوط قوات العمليات الخاصة والاقتراب من المبنى متعدد الطوابق، فجّر القرشي، الذي كان يعيش في الطابق الثالث مع أسرته، عبوة ناسفة، مما أدى إلى مقتله مع عائلته.

وصرح بايدن قائلا: “في عمل أخير جبان ويائس، دون أن يعير حياة أسرته أو حياة الآخرين في المبنى أية أهمية، اختار أن يفجّر نفسه، من خلال سترة ناسفة، لينسف ذلك الطابق الثالث بأكمله، بدلا من مواجهة العدالة عن الجرائم التي ارتكبها”.

وقال المسؤولون إن نائب القرشي، الذي كان يعيش في الطابق الثاني، تحصّن هو وزوجته واشتبك مع القوات الأمريكية، في محاولة لصد الهجوم، بينما لم يوضح المسؤولون كيف تعرفوا على القرشي، وقد اعترفوا بأن طائرة هليكوبتر أمريكية تعرضت لعطل ميكانيكي أثناء العملية، وتم إخراجها من الموقع قبل تدميرها على مسافة قصيرة، دون وقوع خسائر في الأرواح بين الأمريكيين.

وأكدوا بأن معظم القتلى كانوا نتيجة تفجير القرشي لمتفجرات يعتقدون أنها سترة ناسفة، وقالوا إن الانفجار كان قويا لدرجة أنه أسفر عن تطاير بعض الجثث إلى خارج المنزل.

فيما قال متطوعون في “الدفاع المدني السوري”، والذين وصلوا إلى مكان الحادث بعد دقائق من مغادرة القوات الأميركية، إنهم انتشلوا جثث 13 شخصا، بينهم ستة أطفال وأربع سيدات، من المنزل والمنطقة المحيطة به، دون أن يتضح كيف ماتوا.

“كان هناك الكثير من الدماء، ولهذا السبب لم تكن تفاصيل [عن الوفيات] واضحة للغاية، ولكن كان هناك انفجار في المكان. ولم نتمكن من تحديد إذا كان ذلك بسبب القصف أو بسبب شيء تم التلاعب به لتفجيره، من الصعب معرفة ذلك”، قال رائد الصالح، مدير “الدفاع المدني”.

وقال السكان إن الغارة بدأت في الصباح الباكر، حيث قال عدنان أبو محمد، الذي يعيش في مكان غير بعيد من موقع الهجوم، موضحا: “استفقنا في الساعة الواحدة صباحا على أصوات الطائرات الحربية والمروحيات. كانوا يطيرون على ارتفاع منخفض جدا عن الأرض، واستمرت الاشتباكات حتى الساعة الثالثة صباحا”.

وموقع العملية هذا هو مبنى، يقع على بعد حوالي 15 ميلا من القرية السورية في إدلب، حيث قتل زعيم تنظيم “داعش” الأسبق، أبو بكر البغدادي في تشرين الأول/أكتوبر 2019 خلال غارة بقيادة الولايات المتحدة، عندما فجّر البغدادي هو الآخر نفسه بسترة ناسفة، واختار التنظيم القرشي زعيما له بعد وقت قصير من مقتل البغدادي.

وقال مسؤولون إن العملية كان مخططا لها على مدى أشهر، وتم إطلاع بايدن عليها في كانون الأول/ديسمبر الماضي، موضحين بأن الرئيس راقب العملية وقت حدوثها في غرفة العمليات بالبيت الأبيض، إلى جانب مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، ووزير الدفاع لويد أوستن ورئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الجنرال مارك ميلي، كما قالوا إن عملية يوم الخميس تأجلت لعدة أيام بسبب الأحوال الجوية.

كذلك قال مسؤولو الإدارة الأمريكية، في إيجاز لوسائل الإعلام، إن المسؤولين العسكريين استخدموا نموذجا علويا للمبنى المستهدف لتخطيط المهمة، وأن بحثهم تضمن تحديد ما إذا كان المبنى سينهار في حالة تفجير قرشي سترة ناسفة أم لا.

ويقول تشارلز ليستر، المتخصص في الشؤون السورية بمعهد “الشرق الأوسط”، إن الغارة بدأت عندما هبطت طائرتان أو ثلاث طائرات هليكوبتر في بلدة أطمة، حيث توجد عدة مخيمات للنازحين، وحاصرت مبنى سكني، وقامت القوات الأميركية، باستخدام مكبر صوت، بالطلب من النساء والأطفال الخروج من المبنى.

ويرى الخبراء بأنه من الصعب على الولايات المتحدة تجاهل المنطقة، بالنظر إلى الجماعات التي تعمل هناك. يقول أندرو تابلر، الزميل في معهد “واشنطن لسياسة الشرق الأدنى” والمسؤول السابق في وزارة الخارجية: “إنها جزء من سوريا تختلط فيها الجماعات المتطرفة مع عناصر أخرى من المعارضة السورية، وهذا يظهر أنه بغض النظر عن مقدار خروج سوريا من العناوين الرئيسية للأخبار، فإن المشاكل تظل كما هي”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة