القمة الصينية-الروسية.. شراكة أم فخ يفاقم الاستقطابات العالمية

القمة الصينية-الروسية.. شراكة أم فخ يفاقم الاستقطابات العالمية

القمة الروسية-الصينية التي جمعت الرئيسين الصيني شين جين بينج والروسي فلاديمير بوتين، يوم الجمعة الفائت، جددت الاستقطاب الدولي، في خضم التوتر مع الغرب وواشنطن.
خصوصا مع استبعاد الرئيس الأمريكي للصين وروسيا من قمة الديمقراطية التي استضاف فيها 100 دولة؛ ففي وقت سابق قال الرئيس الروسي في مقال لوكالة الأنباء الصينية “شينخوا” بعنوان: “روسيا والصين: شراكة استراتيجية موجهة نحو المستقبل”.

شراكة غير مسبوقة!

إن مناقشة القضايا الدولية ذات الصلة جزءا مهما من الزيارة التي تجمعه بالرئيس الصيني، لافتا إلى التنسيق المتبادل في السياسة الخارجية بين موسكو وبكين حيث “يعتمد على مقاربات وثيقة ومتزامنة لحل القضايا العالمية والإقليمية.

ويقوم البلدان بدور مهم في تحقيق الاستقرار في البيئة الدولية المتخمة بالتحديات اليوم وتعزيز الديمقراطية في نظام العلاقات الدولية لجعله أكثر إنصافا وشمولية.” وأضاف بوتين: “ونعمل سويا على تعزيز الدور التنسيقي المركزي للأمم المتحدة في الشؤون العالمية ومنع تآكل النظام القانوني الدولي الذي يوجد ميثاق الأمم المتحدة في جوهره”.

وأكد الرئيس الروسي على أن روسيا والصين تتعاونان بنشاط على أوسع جدول أعمال ضمن مجموعة البريكس وإطار العمل الروسي-الهندي-الصيني ومنظمة شنغهاي للتعاون فضلا عن الأطر الأخرى المتعددة الأطراف.

وفي إطار مجموعة العشرين، التزمنا بمراعاة التفاصيل الوطنية عند صياغة توصياتنا، سواء كانت في مكافحة الجوائح أو تنفيذ جدول الأعمال المناخي. وبفضل التضامن المشترك بين بلدينا، في أعقاب قمة مجموعة العشرين 2021 في روما، تم اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن التعاون الدولي لاستعادة النمو الاقتصادي والاعتراف باللقاحات وبشهادات اللقاحات، وتحسين انتقال الطاقة وتقليل مخاطر الرقمنة.

من جانبه أعلن الرئيس الصيني الدعم الكامل لروسيا ضد الغرب والولايات المتحدة، وسلوكها في شرق أوروبا عبر شراكة غير مسبوقة، وذلك برغم الخلافات القديمة بينهما وقد خاضا حربا قصيرة في مارس عام 1969، بيد أنه خلال اجتماع القمة أشاد بوتين بالعلاقات الوثيقة “غير المسبوقة” لبلاده مع الصين، خلال لقاء مع نظيره الصيني في بكين قبل ساعات من افتتاح أولمبياد 2022.


وقال بوتين الذي يواجه أزمة حادة مع الغرب بشأن أوكرانيا، “في ما يتعلق بعلاقاتنا الثنائية، فهي تطورت في ظل روحية صداقة وشراكة استراتيجية”، بحسب ما نقل عنه التلفزيون الروسي، وأضاف بوتين، أن العلاقات بين روسيا والصين يدعم كل منهما تنمية الآخر، واعتبره بمثابة “مثال جيد على تطوير العلاقات الثنائية”.

وفي الوقت الذي نتحدث عن احتمالية وقوع نزاع مسلح في أوكرانيا، هنالك بعض المخاطر على الصين، حسب ما قاله مدير برنامج الدراسات الأمنية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا تايلور فرافيل.

وأوضح أنه يجب ألا تعتمد روسيا بشكل أساسي على دعم الصين؛ نظرا لأن الأخيرة تشتري كميات كبيرة من المعدات العسكرية من أوكرانيا ولا ترغب في أن تعلق وسط حرب لا مغزى منها، ولذلك فإن بكين مستعدة لتقديم الدعم الدبلوماسي لورسيا لأنها لا تريد اندلاع نزاع مسلح في أوكرانيا. وفق تقارير دولية.

كما وحسب تقارير، فإن معدل التجارة بين الصين وبكين في 2019 وصلت نحو 100 مليار دولار، ويخططان الآن لزيادة لنحو 200 مليار دولار قبل عام 2025، لكن كليهما لم يتحدثا عن “تحالف” محتمل مثلا، كما أن الواقع السياسي والتناغم الكامل في ملفات كثيرة حول العالم ذات أبعاد كبيرة وليست بهذه السهولة.

للقراءة أو الاستماع: روسيا تستغل الأزمة الأوكرانية من أجل مصالحها الاقتصادية.. هل تنجح؟

ماذا عن واشنطن وحلفاءها

مايتصل بواشنطن واستراتيجيتها، فإنه يبقى خط نقل الغاز الروسي إلى ألمانيا “نورد ستريم 2” الأمر الأكثر خلافا بين دول الناتو، كما أن شراء تركيا لمنظومة الدفاع الصاروخية “إس 400” أدى لخلافات حادة بينها وبين واشنطن ودول الحلف، فضلا عن الخلافات التاريخية بين اليونان وتركيا.

ويقول الباحث المتخصص في العلوم السياسية، “سامح مهدي”، إن التحالفات الأمريكية طويلة المدى، وتستطيع أن تحافظ على الطابع الأمريكي للقرن الحادي والعشرين، لذا فإن واشنطن وحلفاءها قادرون على المنافسة مع كل من الدولتين روسيا والصين.

وأردف “مهدي” في حديثه لـ “الحل نت”، بايدن جدد دعمه مؤخرا لحلف الناتو الذى يضم 30 دولة، وتوعد بضم عدد آخر من الدول أبرزها أوكرانيا وجورجيا في البحر الأسود، وهذا يعتبر تعاون قوي في وجه روسيا والصين.

وحسب صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، فإن الصين أكدت على دعمها للتحركات الروسية في خطاباتها الدولية خلال الفترة الماضية ضد الغرب وأمريكيا، لكنه دعم مُتبادل حيث قدم بوتين أيضا دعمه العلني للصين بعد إعلان واشنطن وحلفائها مقاطعتهم الدبلوماسية لأولمبياد بكين الشتوي وأشارت الصحيفة، إلى أن هذا الدعم هو نتيجة للوحدة التي جمعت بوتين وجينبينج على خلفية العقوبات الأمريكية ضد بلديهما، نتيجة تدخلهما في الصراع السوري والوقوف ودعم الحكومة السورية، وسحب سوريا إلى الهاوية.

للقراءة أو الاستماع: ما هي خيارات واشنطن لفرض عقوبات على بوتين؟

وبالعودة إلى الباحث المصري “مهدي”، بعدما بايدن أسس “تحالف أوكوس”، فإن دور ومكانة واشنطن قوية ولا أعتقد أن ذلك يشكل تحالفا- هذا إن حصل- بين الصين وروسيا، ولكن من وجهة نظري فإن هذه القمة ليست سوى لتوطيد العلاقات بين البلدين ولكن ليس بهذا الشكل العميق، وربما زيارة بوتين ليست سوى لإظهار نفسه في مكان قوة.

يذكر أن “تحالف أوكوس” الذي أسسه بايدن في 15 سبتمبر الفائت، والذى يضم مع الولايات المتحدة مع بريطانيا وأستراليا، ويجرى التعاون الآن في قضية الغواصات الشهيرة، كما تبنى الولايات المتحدة سلسلة من القواعد العسكرية غرب أستراليا، وباتت الشراكة العسكرية في كل شيء، وليس الغواصات فقط بين الدول الثلاث.

في حين وقعت الولايات المتحدة الأمريكية منذ عهد الرئيس السابق دونالد ترامب في خطأ كبير، عندما تعاملت مع الصين وروسيا بنفس المستوى، حيث أعلن في ديسمبر 2017 عن استراتيجية الأمن القومي الأمريكي، وقد كرر بايدن نفس الخطأ، حين استلم الحكم في أمريكا، وتعامل مع الصين وروسيا بنفس استراتيجية إدارة ترامب واعتبرهما منافسين.

حيث تم استبعاد الرئيس الأمريكى جو بايدن للصين وروسيا من قمة الديمقراطية التى استضاف فيها 100 دولة، وهو ما دفع الصين لإعلان الدعم الكامل للأجندة الروسية، ضد الغرب والولايات المتحدة، وسلوكها فى شرق أوروبا والبحر والأسود.

للقراءة أو الاستماع: غارات إسرائيلية جديدة على سوريا.. ما موقف روسيا الحقيقي؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.