تشهد إيران أزمة اقتصادية خانقة، خاصة بعد الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي عام 2018، وإعادة العقوبات الأميركية، لتشهد البلاد بعد ذلك موجات احتجاج متلاحقة نتيجة تدهور الوضع الاقتصادي، وازدياد الأسعار الكبير.

وتعاني إيران من مشاكل اقتصادية مختلفة، أبرزها التضخم، نتيجة التدني الكبير في التومان الإيراني، وزيادة نسبة السيولة المالية غير المسبوق، على الرغم من الإجراءات التي تحاول الحوكمة الإيرانية إجراءها من خلال تثبيت سعر التومان أمام الدولار بسعر حكومي، إلا أن كل محاولاتها تبوء بالفشل.

الأسعار ترتفع ولا تنخفض
تحدثت صحيفة “آمتاب يزد”، في تقرير لها، عن الواقع السيء للاقتصاد الإيراني، قائلة إن أسعار السلع والحاجات الأساسية تشهد ارتفاعا سريعا عندما ترتفع أسعار الدولار والعملات الصعبة، لافتة إلى أنه عندما تتراجع أسعار العملات، لا يكون هناك أي تراجع في أسعار السلع الأساسية التي يعتمد المواطنون عليها في تسيير حياتهم اليومية.

ونوهت الصحيفة إلى أن أسعار بعض المواد الأساسية مثل الأرز والسكر واللحوم، قد ارتفعت في الأيام الماضية، محققة أرقاما قياسية بالرغم من التراجع الملحوظ في أسعار الذهب والدولار، في ضوء الأجواء الإيجابية السائدة في مفاوضات فيينا.

ونقلت الصحيفة عن الخبير الاقتصادي الإيراني، هادي حق شناس، أن ارتفاع الأسعار في إيران بات يتسم بما يطلق عليه مصطلح “التصاق الأسعار”، أي عندما يرتفع سعر سلعة ما، ثم تحدث تطورات وتغييرات تزيل العوامل التي ساهمت في رفع السعر، فإن ذلك يتطلب وقتًا طويلًا لكي ينقص سعر تلك السلعة وقيمتها في الأسواق.

كيف تخنق إيران نفسها اقتصاديا؟

ساهمت السياسة الإيرانية، وخاصة السياسة الخارجية التي تقوم في السنوات الأخيرة على مد النفوذ الإيراني من خلال دعم جماعات تابعة لها في عدة دول بالتأثير بشكل سلبي على اقتصادها، بالإضافة إلى عدم وجود شفافية في التعاملات المالية الخارجية، هذه العوامل انعكست سلبًا على الاقتصاد الإيراني.

ففي العام 2019 يعيد إدراج إيران على القائمة السوداء في مجموعة العمل المالي الدولية، وهي مجموعة تعرف بمحاربة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب “فاتف”، وذلك ما أدى إلى عرقلة العمليات المالية بين إيران والبنوك العالمية، وكذلك توقف آلية ” إينستكس”، وهي آلية دعم وتسهيل التبادل التجاري بين إيران والدول الأوربية.

ويسهم رفع إيران من قائمة “فاتف”، بتسهيل التبادلات المالية لإيران مع البنوك الخارجية، وحتى لوم ترفع العقوبات، إذ يمكنها في هذه الحالة حتى الالتفاف على العقوبات، لكن بشرط عودة إيران إلى هذه المجموعة ومحاربتها دوليا لغسيل الأموال وتمويل الإرهاب.

لكن ذلك ليس في مصلحة الحكومة الإيرانية، حتى لو رفعت العقوبات الأميركية عنها في حال نجاح المفاوضات المتعلقة بالشأن النووي، فالحكومة الإيرانية ومؤيدوها، يرون أن رفع العقوبات والتزام إيران بمنع غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، سيعرقل تقديمها الدعم المالي للجماعات التابعة لها في عدة دول، وبالتالي يؤثر على تمدد نفوذها.

بينما يرى اقتصاديون إيرانيون معارضون لسياسات الحكومة الاقتصادية، أنه لا بد من الشفافية المالية في التعامل مع الآخرين، في ظل انقطاع نظام التعامل المصرفي الإيراني مع معظم دول العالم حتى مع البنوك الصينية.

ويعتقد هؤلاء الاقتصاديون، أنه يجب على إيران أن تقوم بتحديث قواعد غسيل الأموال وتقديمها للعالم، وهو السبيل الوحيد لإنقاذ الاقتصاد الوطني الإيراني من ظروف العقوبات.

أسباب تدهور الاقتصاد الإيراني

هناك العديد من الأسباب، التي أدت لتدهور الاقتصاد الإيراني، بعضها كان نتيجة للعقوبات، فهناك عشرات المليارات من الدولارات الإيرانية المحجوزة في الخارج، كما لا يوجد دخول عملات أجنبية إلى إيران، عن طريق الاستثمار أو التمويل المباشر.ومن ناحية ثانية، لا يوجد هناك رغبة لدى البنوك الأجنبية بإجراء معاملات مالية مع إيران، بسبب إدراجها على القائمة السوداء ” فاتف”.

وبحسب مركز الإحصاء الإيراني، فإن التضخم السنوي في الاقتصادي الإيراني، في العام الماضي تراجع بنسبة 3 نقاط، وأن السيولة ازدادت نسبتها إلى 43 بالمئة وهو معدل غير مسبوق.

وكان المرشد الإيراني، علي خامنئي، قد انتقد نهاية الشهر الماضي، تراجع الإحصائيات الاقتصادية خلال العقد الأخير، ملقيا باللوم على القرارات الاقتصادية الخاطئة التي تم اتخاذها خلال العقد الماضي، مؤكدا أنها أسهمت في الأوضاع الصعبة التي تواجهها بلاده اقتصاديا، وليس فقط العقوبات المفروضة خارجيًا، ومشيرًا إلى الاستياء الشعبي من الأوضاع الاقتصادية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.