تسعى حكومة دمشق بكل الطرق الممكنة لإعادة الترويج لنفسها بأنها العائدة إلى الحضن العربي دون أن يكون ذلك معروفا إن كان على حساب النفوذ الإيراني في سوريا، الذي يعتبر أحد عوائق عودة العرب إلى دمشق، التي ما تزال ترفض الحل السياسي، وتسعى لإعادة تعويم نفسها سياسيا واقتصاديا بمساعدة روسية مباشرة.

في لقاء لافت من نوعه، التقى رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، عبد الفتاح البرهان، يوم أمس بسفير سوريا لدى السودان، حبيب علي عباس، حيث اعتبر الأول بأن الخرطوم حريصة على تطوير العلاقات وسبل آفاق التعاون المشترك مع سوريا.


ما المغزى من هذا اللقاء؟

معاون وزير الخارجية السوري أيمن سوسان، ثمّن سابقا، استئناف الاتصالات مع عدة دول لم يسمها، وأشاد باجتماعات بين الحكومة ووفود عدد من الدول العربية، وأضاف أنه لا يستبعد عودة سوريا إلى جامعة الدولة العربية مجددا.

ووفق المحلل السياسي المصري، كريم شفيق، فإن التحركات السورية تجاه عدد من دول الإقليم فهي إنما بهدف الحصول على شرعية وتخفيف حالة النبذ الإقليمي التي تعرضت له، ومن ثم تنويع مصادر الشراكات الخارجية، والتي من الممكن أن تكون بوابة للعودة لجامعة الدول العربية.

ويردف في حديثه لـ “الحل نت”، فضلا عن الحصول على إعفاءات مختلفة في الاقتصاد كما في السياسة وأمور أخرى غير أن انفتاح دمشق على البلدان في محيطها الحيوي الإقليمي والعربي سيكون محكوما بعدة اعتبارات، أو بالأحرى تعقيدات جمة تتصل في ارتباطاتها بطهران وحسابات الأخيرة التي ترهن سوريا لحساباتها الخارجية وتضع الأسد في تبعية مباشرة، بحسب تعبيره.

وأردف شفيق، “الأمر ذاته مع باقي المنخرطين في الصراع وتشابكات ذلك مع التناقضات العديدة التي تحدث وانعكاسات الاستقطاب الدولي (موسكو واشنطن) على الشرق الأوسط في ليبيا وسوريا وشرق المتوسط والعراق”.

للقراءة أو الاستماع: هل نجحت الاستثمارات السورية في الأردن .. ما هي مزاياها؟


مصالح مشتركة؟

ربما المصالح المشتركة هي أحد الأسباب التي دفعت بعض الدول وجيران سوريا لإعادة إقامة علاقات مبدئية على الأقل مع دمشق.
وحسب مراقبين، يبدو أن الأردن حصلت على إذن من أمريكا لاستئناف العلاقات التجارية مع جارتها سوريا، بحيث يُعفى الأردن من نظام العقوبات الذي يستهدف أي دولة لها معاملات تجارية مع دمشق، من خلال قانون “قيصر”، حيث في سبتمبر/أيلول 2021 تم إعادة فتح معبر جابر- نصيب الحدودي، كما فتحت الباب أمام مفاوضات تتعلق بالتجارة والطاقة والزراعة، ولوحظ سعي عمان، إلى إعادة دمشق إلى الجامعة العربية قبل انعقاد القمة العربية القادمة التي ربما تعقد عام 2022.

وتوضح تقارير إعلامية، اتفاق مسؤولون من الأردن ومصر وسوريا، على البدء في إعادة تأهيل خط الغاز العربي لتصدير الغاز المصري إلى لبنان سوريا، ومن ثم إلى أوروبا عبر تركيا، بعد لقاء وزير الخارجية المصري بنظيره السوري فيصل المقداد في 2021، خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

 وعلى إثره قال إن مصر لن تضع شروطا لعودة سوريا للجامعة، لكنه قال فيما بعد إن تصريحاته أخرجت من سياقها، كما أن الاعتبارات الجيوسياسية، مدفوعة بشكل جزئي بالمصالح المشتركة وإمكانية لعب دور في صفقات إعادة إعمار قد تكون مربحة، ربما تجدها مصر عاملا مهما لها.

أما بغداد فلم تقطع علاقاته بدمشق، بل على العكس امتنع في عام 2011 عن التصويت على قرار بطردها من الجامعة. وقبل أيام، وصفت حكومة دمشق موافقة رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي على فتح التجارة مع دمشق، بأنه يعتبر “نقلة نوعية” في إطار زيادة التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، وبين أن القرار سيسمح بزيادة عدد الشاحنات السورية التي تدخل العراق إلى 100 شاحنة يوميا، بدلا من 15 شاحنة كانت تدخل خلال الفترة الحالية.

للقراءة أو الاستماع: بغداد تسمح بتجارة مفتوحة مع دمشق: ما الأسباب ومن المستفيد؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.