لا تزال أكبر اعتبارات إسرائيل في المنطقة، تتمثل بأن إيران هي أكبر تهديد لها يمس وجودها، خاصة في ظل الحديث الإيراني الدائم عن مشروعها التي تدعي من خلاله بـ”إزالة إسرائيل”، في ظل دعم إيران للتنظيمات المناوئة لإسرائيل، وتلميع ذلك على الصعيد الإعلامي.

لكن لا بد هنا من الإشارة إلى أن أكثر ما يؤرق ساسة تل أبيب هو الملف النووي الإيراني، الذي تحاول إسرائيل وقفه بشتى الوسائل الممكنة، ففي التاريخ الإسرائيلي، تشدد تل أبيب من مواجهتها لأي دولة من دول المنطقة تسعى لحيازة تكنولوجيا نووية من الممكن أن تفضي لامتلاك قنبلة نووية، حيث سبق وأن قامت إسرائيل بمهاجمة العراق عسكريا وتدمير مفاعلاته النووية “تموز 1” و”تموز 2″، في ثمانينات القرن الماضي.

هل تهاجم إسرائيل إيران بشكل مباشر؟

وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، قال خلال مؤتمر “ميونخ للأمن” يوم أمس، إنه “إذا تقرر استخدام القوة للحفاظ على أمننا، فلن نتردد وسنتحرك في أي وقت ومكان لضمان أمن إسرائيل”، في إشارة منه إلى التهديد الإيراني.

وأضاف غانتس، أن التهديد الإيراني لا يقتصر على البرنامج النووي، مشيرا إلى أنشطة “فيلق القدس” التابع لـ “الحرس الثوري” الإيراني في دول المنطقة، قائلا ” سنستخدم القوة” في أي وقت ومكان “عند الضرورة” لحماية أمن إسرائيل، مؤكدا على ضرورة اتخاذ كافة الإجراءات لمنع تطوير البرنامج النووي، وبرنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية.

من جهته، قال المستشار الألماني، أولاف شولتز في مؤتمر “ميونخ للأمن”، إن إيران النووية أمر غير مقبول، وإن أمن إسرائيل غير قابل للتفاوض، بحسب تعبيره.

يقول الدكتور ابراهيم الجباوي، المحلل السياسي والعسكري، لموقع “الحل نت”، إنه “عند النظر إلى إمكانية استهداف إسرائيل لإيران في الجغرافيا الإيرانية، فيجب الأخذ بعين الاعتبار البعد الجغرافي الكبير بين الطرفين، وهذا ما سيكلف إسرائيل تكلفة مادية كبيرة، ومعنوية حيث ستخضع للعديد من الانتقادات على المستوى الدولي”.

لكن، وبحسب الجباوي، فإن إيران حاليا أقرب إلى إسرائيل جغرافيا، من خلال تواجدها على الأراضي السورية، وهذا ما تعتبره إسرائيل تهديدا مباشرا لأمنها وخطرا على حدودها، وتعتبر أن من حقها الدفاع عن نفسها، من خلال استهداف المواقع الإيرانية، والتعزيزات العسكرية والأسلحة التابعة لإيران و”حزب الله” اللبناني.

من جهته قال الصحفي الأردني، إياد خليفة، رئيس تحرير موقع “البوابة” الأردني، لموقع “الحل نت”، إنه لا يمكن لإسرائيل شن هجمات مباشرة على المنشآت النووية الإيرانية، لعدة أسباب “أولها أن الرئيس الأميركي جو بايدن أبلغ قادة إسرائيل بشكل مباشر عدم موافقته على ذلك، حيث أن الولايات المتحدة ليست في وارد الدخول في معركة مع إيران حاليا وإلا لما عادت إلى المفاوضات النووية، بالإضافة إلى أن الولايات المتحدة التي أنهت تواجدها في أفغانستان، وتنوي الانسحاب من العراق، وربما من سوريا، للتفرغ لأي مواجهة من أي نوع مع الصين”.

واعتبر خليفة، أنه من غير الممكن أن تقوم إسرائيل بغارات على إيران بشكل منفرد، حيث لا يمكن للطائرات الحربية أن تقطع هذه المسافة الطويلة إلى إيران دون التزود بالوقود، وهذا الأمر توفره فقط الولايات المتحدة الرافضة لفكرة الغارات، بحسب تقديره.

إقرأ:“مفاوضات فيينا”.. هل يمكن إعادة إحياء الاتفاق النووي؟

هل هناك توقيت لضربة إسرائيلية لإيران؟

برزت في الأيام الأخيرة، معلومات حول مجريات مفاوضات فيينا، الخاصة بالملف النووي الإيراني، حيث تم الكشف عن تفاصيل اتفاق نووي محتمل مع إيران.

وفي غضون ذلك، أفادت القناة “11” الإسرائيلية بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، سيرد على الاتفاق النووي الجديد بين إيران ومجموعة 5+1، والذي تقول القناة الإسرائيلية أنه سيتم التوقيع عليه هذا الأسبوع، حسب موقع “إيران انترناشيونال”.

ويبدو أن إسرائيل تنتظر نهاية مفاوضات فيينا، للإطلاع على نتائجها وعلى الاتفاق الذي سينتج عنها، حيث يرى مراقبون أن إسرائيل ستحدد تعاملها مع إيران بناء على الاتفاق المرتقب.

ويعتقد الجباوي، أنه بشكل عام لا يوجد وقت محدد للتصعيد الإسرائيلي ضد إيران، خاصة في سوريا، فالطائرات الإسرائيلية لم تتوقف أبدا عن استهداف المواقع الإيرانية ومواقع “حزب الله” في سوريا، وهي تملك الضوء الأخضر للعمل بحرية في سوريا، من قبل الأميركيين والروس.

وأشار الجباوي، إلى أن مسألة استهداف الجغرافيا الإيرانية من قبل إسرائيل، مرتبط بنتائج مفاوضات فيينا، والاتفاق النووي الجديد، والذي في الغالب لن يكون مقنعا لإسرائيل المتشددة تجاه الملف النووي الإيراني، وهذا ما يدفعها لتوجيه ضربات جوية مباشرة ضد أهداف في العمق الإيراني.وتابع “كما يمكن لإسرائيل أن تستهدف إيران بوسائل أخرى، كما حدث عند اغتيال عدد من العلماء الإيرانيين، أو من خلال هجمات سيبرانية وإلكترونية قادرة على تعطيل العمل بالمنشآت النووية الإيرانية، أو القيام بعمليات تخريب في بعض المنشآت من خلال عملاء وجواسيس تابعين لها داخل إيران، لكن كل ذلك مرتبط بما سينتج عن مفاوضات فيينا”.

أما خليفة، فرأى، أن إسرائيل أخذت الضوء الأخضر لمواصلة غاراتها الجوية على الميليشيات الإيرانية في سوريا، وهذه الغارات والهجمات لا تحتاج إلى توقيت محدد، ومن المؤكد أنها سوف تستمر بصرف النظر عما يجري في فيينا، ودون حاجة لأن تتطور الأوضاع إلى حرب مباشرة بين الطرفين، وإيران بدورها لن يكون لها أي ردة فعل تجاه الغارات الإسرائيلية.

قد يهمك:إسرائيل تستثمر ملايين الدولارات لمواجهة إيران في سوريا.. متى ستقع المعركة؟

تصريحات مستمرة، بين إسرائيل وإيران، تظهر التوتر المتصاعد بينهما في العديد من الملفات، لتبقى كل احتمالات المواجهة مفتوحة بين الطرفين، رغم الاعتقاد السائد لدى غالبية الخبراء العسكريين والسياسيين، بأن هذه المواجهات لن تتعدى الجغرافيا السورية على الأقل خلال المرحلة القريبة المقبلة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة