عفو خاص لنجل مسؤول عراقي مدان بالـمخدرات يثير استهجان ذوي آلاف المعتقلين

عفو خاص لنجل مسؤول عراقي مدان بالـمخدرات يثير استهجان ذوي آلاف المعتقلين

عفو رئاسي خاص، أصدره رئيس الجمهورية العراقي برهم صالح، عن نجل محافظ النجف السابق لؤي الياسري، المدان بتهمة تجارة المخدرات، ما أثار استهجان ذوي آلاف المعتقلين، لا سيما من اعتقلوا بوشاية المخبر السري منذ سنوات.

وكان جواد لؤي الياسري، قد اعتقل مطلع عام 2018 مع شخصين أخرين، من قبل قوة أمنية تابعة لوزارة الداخلية، وبحوزتهم مواد مخدرة وقطعة سلاح.

وذكر بيان أمني حينها أن “عملية القبض، طالت عصابة مؤلفة من ثلاثة أشخاص، بينهم نجل محافظ النجف، وضبطت بحوزتهم خمسة كيلو غرامات و600 غرام من (الحشيشة)، ومسدسا و7000 الاف حبة مخدرة”. 

وعقب ذلك، في الحادي عشر من آذار/مارس 2018، أصدرت محكمة الجنايات في بغداد، حكما بالسجن المؤبد على نجل المحافظ، بعد إدانته بالاتجار بالمخدرات.

مقالات قد تهمك: برهم صالح يخاطب القضاء مجددا: هل يحاول اللعب على وتر الدستور؟

وألزم الحكم الذي أصدرته محكمة جنايات الكرخ وقتها، جواد الياسري والد المتهم، بدفع غرامة مالية قدرها 30 مليون دينار أي ما يعادل 25 ألف دولار أميركي.

ورغم ذلك، كشفت وثائق مذيلة بتوقيع رئيس الجمهورية اليوم السبت، إصدار عفوا خاصا عن نجل الياسري، المسجون بحكم قضائي بتهم تجارة المخدرات.

وبحسب القرار الرئاسي الذي أظهرته الوثائق، وأطلع عليها موقع “الحل نت”، فأنه يقضي بإعفاء المحكوم عما تبقى من مدة محكوميته في الحكم الصادر عن محكمة جنايات الكرخ في آذار/مارس 2018.

كما أوعز صالح إلى “وزير العدل بتنفيذ هذا المرسوم من تاريخ صدوره، في العاشر من شهر كانون الثاني/يناير الماضي”، وفقا للوثيقة المسربة.

مرسوم سياسي!

المرسوم أثار استهجان ذوي آلاف المعتقلين العراقيين والمدونين، ما اعتبروه محاباة سياسية، وإن القرار صدر “ضمن صفقة سياسية” وهذا ما يسمح بالإعفاء عن “مجرم مدان وترك أبنائهم الذين اعتقلوا بوشاية المخبر السري”.

فيما اعتبر أخرون أن، مرسوم العفو قد يرتبط بقبول والده بتقديم استقالته من منصبه كمحافظ قبل توقيع المرسوم بمدة قليلة.

يذكر أن محافظ النجف السابق لؤي الياسري، كان قد أعلن في 24 كانون الأول/ديسمبر الماضي، تقديم استقالته من منصبه، بعد أيام من توعد زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، بالعمل على إقالته بـ”الطرق القانونية”.

حراك الصدر جاء، بعد أيام شهدتها مدينة النجف من تظاهرات تطالب بإقالة المحافظ ومحاسبته في “ملفات فساد”، وقضايا تتعلق بـ “ترويج المخدرات”.    

 عقب ذلك، كشفت هيئة النزاهة الاتحادية، في 21 من كانون الأول/ديسمبر الماضي، عن تنفيذها أربع عمليات ضبط في محافظة النجف، فيما أكدت تمكنها من ضبط حالات تجاوز للصلاحيات في منح عقار استثماري، وتلاعبات أدت إلى حصول هدر بالمال العام في المحافظة.  

مقالات قد تهمك: برهم صالح يعول على “المفاجأة” لنيل رئاسة العراق مجددا

وبحسب بيان النزاهة حينها، قد تمكنت فريق عمل من مكتب تحقيق النجف، الذي انتقل إلى هيأة استثمار المحافظة، من ضبط الأوليات كافة المتعلقة بقيام محافظ النجف بتجاوز الصلاحيات الممنوحة له بإحالة عقار إلى الاستثمار، لافتة إلى أن، العقار المحال بشكل مخالف للقانون.

وفي الرابع من كانون الثاني/يناير 2022، أي قبل ستة أيام من إصدار الرئيس صالح مرسوم إعفاء نجل الياسري من الحكم الصادر بحقه، أعلن الياسري، موافقة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي على طلب استقالته.

مخالفة دستورية

لم يقتصر مرسوم الرئيس صالح، على استهجان ذوي المعتقلين فحسب، بل اعتبره أخرون مخالفة دستورية، وحنث باليمن.

وكتب مسعود حيدر، مستشار زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود بارزاني، في تغريدة على “تويتر تابعها موقع “الحل نت” أنه “حسب المادة 73/أولا من الدستور، ليس من صلاحية رئيس الحمهورية إصدار العفو بحق المدانين بالجرائم الدولية”.

وأضاف أن “تجارة المخدرات هي من الجرائم الدولية، اذن فان ما قام به فخامته، هو الحنث باليمين”، لافتا إلى أنه “استنادا إلى المادة 61/سادسا /ب الفقرة 1 و 2 يجب اعفاء رئيس الجمهورية”.

من جانبه علق مقدم البرامج أحمد الملا طلال، على مرسوم الصدر من قبل رئيس الحمهورية، بتدوينة على جداريته الخاصة في “تويتر” قائلا إن: “العفو الخاص من صلاحية رئيس الجمهورية، بطلب من رئيس الوزراء”، مضيفا أنه “حق منحه القانون للسلطة التنفيذية تستخدمه في حالات خاصة جدا، وبعد تنازل أصحاب الحق الشخصي”.

ملا طلال لفت إلى أن “يعفى عن محكوم بجريمة الاتجار بالمخدرات، فهذا يستدعي استجواب رئيس الوزراء، وإقالته وإقالة رئيس الجمهورية بتهمة الحنث باليمين”.

ويذهب مع هذا الطرح الباحث والمحلل السياسي، يحيى الكبيسي، الذي يرى أنه “لا يمكن لرئيس الجمهورية لوحده أن يصدر عفوا خاصا”، مشيرا إلى أن “الأمر يتطلب توصية من رئيس مجلس الوزراء”.

الكبسي أشار في تغريدته على “تويتر” إلى أن ذلك “يعني كلا التحالفين الكبيرين شاركا في إصدر العفو عن تاجر مـ ـخـ ـدرات”.

يذكر أن القوى السياسية في العراق، تنقسم بين تحالفين سياسيين، يضم الأول الحزب الديمقراطي، وتحالف “السيادة” الجامع للقوى السنية، والكتلة الصدرية عن الشيعة، فيما ينخرط حزب “الاتحاد الوطني الكردستاني”، في تحالف مع قوى “الإطار التنسيقي” المقربة من إيران، والداعمة لرئيس الجمهورية برهم صالح في السباق على الرئاسة لولاية ثانية.

مقالات ذات صلة: منصب رئاسة العراق في حيرَة!

من جانبه يقول الصحافي عبد الله النجار، إنه “بينما يصدر ⁧‫برهم صالح‬⁩، عفوا رئاسيا على ابن محافظ ⁧‫النجف‬⁩ السابق المحكوم بتهمة تجارة المخدرات، فأن
‏هناك عراقية من ⁧‫الفلوجة‬⁩ تستنجد لإنقاذ زوجها المحكوم بالإعدام، نتيجة وشاية كاذبة من مخبر سري”، مشددا على ضرورة أن “يصل صوت هذه المرأة للجميع”.

ويبلغ عدد المعتقلين في السجون العراقية أكثر من 50 ألف سجين تقريبا، ونصفهم محكومون بالإعدام، بحسب إحصاءية أعلنتها وزارة العدل في العام 2021. 

وطوال السنوات الماضية بقيت إشكالية السجون في العراق واحدة من الإشكاليات التي كثيرا ما يثار حولها الجدل سواء في الداخل أو الخارج. 

ففي الوقت الذي طالما وجهت المنظمات الدولية، وبالأخص المعنية بحقوق الإنسان، ومنها منظمة “هيومان رايتس ووتش”، انتقادات حادة لملف حقوق الإنسان في العراق، لا سيما لجهة أحكام الأعدام التي يصدرها العراق بين فترة وأخرى.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة