ارتفاع أسعار القمح عالميا.. ماذا عن رغيف الخبز بسوريا؟

ارتفاع أسعار القمح عالميا.. ماذا عن رغيف الخبز بسوريا؟

تسببت الحرب التي تشنها روسيا في أوكرانيا بتقلبات اقتصادية في مختلف الأسواق العالمية، والتي طالت كل شيء، واليوم الخميس، سجلت أسعار القمح ارتفاعا حادا في الأسواق العالمية، خاصة أن روسيا تعتبر من أهم منتجي القمح حول العالم.

وقد ارتفع سعر بوشل “مكيال للحبوب” القمح لأكثر من 5 بالمئة، أي لنحو 935 سنت أميريكي، وهو أعلى سعر تم تسجيله منذ العام 2008، حيث أدت الحرب في أوكرانيا، لفرض ضغوط مضاعفة على أسعار القمح، وأوكرانيا أيضا من أكبر منتجي القمح حول العالم، وتمثل مع روسيا معا، نحو ربع التجارة العالمية لهذه المادة.

حيث تعتبر أوكرانيا أحد أكبر الدول المصدرة للقمح إلى كل من الصين والاتحاد الأوربي، ودول أخرى منها مصر.

ارتفاع غير مسبوق لأسعار القمح

قالت وكالة “بلومبيرج” الإخبارية، أن نسبة ارتفاع أسعارالقمح وصلت إلى 27 بالمئة منذ بداية العام الحالي، وذلك بالتزامن مع تعطيل شحنات حبوب سلة الخبز في منطقة البحر الأسود، وارتفاع حدة التوترات الجيوسياسية بين روسيا وأوكرانيا.

وحسب “بلومبيرج”، فقد تخطت أسعار القمح الأحمر الصلب حاجز الـ10 دولار للبوشل، فيما اقترب قمح الطحين في باريس من أعلى مستوى له في التاريخ.

من جهة ثانية، ارتفعت عقود الذرة المؤجلة مسجلة زيادة بنسبة 22 بالمئة لتصل للحد الأعلى منذ أيار/مايو الماضي، وهي أعلى نسبة مسموح بها في بورصة شيكاغو في الولايات المتحدة.

كما ساهمت الحرب في أوكرانيا، بشلل السلسلة الزراعية في تلك المنطقة، بداية من عملية الزراعة، وحتى عمليات الشحن للتصدير، حسب شركة الاستشارات، “أوكرا-أجرو-كونسالت”، ومقرها في العاصمة الأوكرانية كييف.

إقرأ:انهيار قريب للاقتصاد الروسي.. ما احتمالاته؟

سوريا ومعاناة نقص القمح

قالت منظمة “الفاو”، في تقرير نشر في 16 كانون الأول/ديسمبر الماضي، أن سوريا تمثل جزءا من مشكلة أكبر ألا وهي مشكلة انعدام الأمن الغذائي في الشرق الأوسط، حيث أكد التقرير بأن نحو ثلث السكان في منطقة الشرق الأوسط يعيشون حالة انعدام أمن غذائي، وذلك مع ارتفاع في نسبة الجوع التي وصلت إلى 91.1% خلال العقدين الأخيرين.

حيث شهدت سوريا في عام 2021 أخفض نسبة لإنتاج القمح منذ خمسين سنة وذلك بسبب القحط وارتفاع أسعار المواد والظروف الاقتصادية السيئة، وذلك بحسب ما ورد في تقرير نشرته منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة “الفاو”، نهاية العام الماضي.

فقد هبط إنتاج القمح والشعير بشكل كبير خلال العام 2021، حيث نقص إنتاج القمح بنسبة 63% عن إنتاج العام 2020 ليصل إلى 1.05 مليون طن انخفاضا من 2.8 مليون في عام 2020، أما إنتاج الشعير فقد توقف عند حد 10% من معدلات الإنتاج خلال عام 2020.

يقول الخبير الاقتصادي، حسن سليمان، لموقع “الحل نت”، تعرض مخزون القمح في سوريا، منذ عام ٢٠١٨، والذي كان يعتبر مخزونا استراتيجيا، إلى نقص شديد، نتيجة انعاكاسات الحرب والسياسات الاقتصادية والزراعية للحكومة، ما انعكس مباشرة على أسعار الخبز، تلاها نقص حاد في انتاج الخبز أدى إلى أزمة عانى منها السوريون، وهذا ما حصل أيضا في مخزون الأعلاف والشعير وحبوب تغذية الحيوانات، إلى أن قام الاتحاد الروسي بتزويد سوريا بالقمح عبر ناقلات وبواخر عن طريق البحر، كذلك قامت إيران بتزويد سوريا بأنواع من حبوب الأعلاف كالشعير والصويا والذرة البيضاء.

وأضاف سليمان، أنه بعد الحرب الروسية الأوكرانية، ستتضاعف أزمة القمح والخبز في سوريا بشكل كبير جدا، خاصة أن روسيا تزود سوريا بمادتي القمح والشعير بأسعار تفضيلية، ومع ارتفاع الأسعار العالمي، سيلجأ التجار لبيع المادتين في السوق السوداء بدل تحويله الى دمشق، وبالتالي ومع خلو الصوامع ستدخل سوريا في أزمة حادة، تجبر التجار على رفع أسعار القمح والذرة وبالتالي ارتفاع أسعار الخبز، هذا في حال توفر المادتين، في الأصل.

قد يهمك:اللحوم الإيرانية تنافس السورية في ارتفاع الأسعار

البدائل العالمية والسورية

أدت الحرب الروسية – الأوكرانية، إلى غياب أكبر اثنين من أكبر الموردين للقمح في الأسواق العالمية، وهذا ما سيدفع المشترين إلى البحث عن موردين آخرين كبدائل.

ويبحث مشترو القمح، حول العالم عن بدائل بسبب التداعيات للحرب في أوكرانيا، فيما يعرف بـ”سلة الخبز العالمية”، إضافة لإمكان حدوث انقلاب في زراعة محاصيل كالذرة، وهذا ما سيؤدي إلى امتداد فترة التأثير السلبي على إمدادات القمح.

أما في سورية، وحسب حسن سليمان، لا بدائل سريعة يمكن للحكومة السورية اتباعها، فإنتاج القمح والحبوب إنتاج موسمي، ومعظم أراضي إنتاج القمح في الجزيرة السورية خارجة عن سيطرة الحكومة، إضافة إلى أزمة المياه وشحها في نهر الفرات.

وستضطر الحكومة السورية إلى استيراد القمح بأسعار عالمية، ولن تحصل على أي دعم من حلفائها وخاصة روسيا لانشغالهم أيضا بتأمين احتياجات بلادهم، وهذا ما سينعكس بشكل مخيف على المواطنين السوريين، وحتى على أعلاف الحيوانات، وربما سيكون المواطن عاجزا عن تأمين متطلباته اليومية من الخبز بالفعل.

إقرأ:“الزيوت تغلي” مع استمرار ارتفاع أسعارها في سوريا

تشير كافة المعطيات، إلى أن تداعيات الحرب في أوكرانيا، لن تقتصر على الحرب بحد ذاتها وما تخلفه من دمار وضحايا، فهناك الآثار الاقتصادية على المستوى العالمي، ولا يمكن للكثير من الدول ومن بينها سوريا المنهكة اقتصاديا أن تتحمل تداعياتها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.