يعيش نحو 80 بالمئة من اللاجئين السوريين في الأردن خارج المخيمات، بينما يتوزع الباقي منهم على عدة مخيمات أكثرها شهرة مخيم الزعتري قرب مدينة المفرق شمال شرق الأردن، ويعاني السوريون في الأردن منذ عدة سنوات من نقص في الخدمات، يتراوح ما بين النقص الإغاثي، والنقص الطبي الكبير.

تكاليف مرتفعة

في شهر أيار عام 2014، أوقفت مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، الدعم الطبي الشامل المقدم للاجئين السوريين في الأردن، بعد أن كان اللاجئ السوري في الاردن يستطيع الذهاب لأي مشفى حكومي أردني ليتم علاجه مجانا.

وبعد ذلك انتقل الملف الطبي للسورين، إلى جمعية العون الطبية الأردنية، والتي كانت تلعب دور الوسيط بين مفوضية شؤون اللاجئين، واللاجئين أنفسهم، ليتقلص الدعم في وقت لاحق، حتى أصبح شبه متوقف تماما.
وذلك ما ترك أثرا سلبيا على المرضى السوريين من اللاجئين، خاصة أولئك الذين يعانون من أمراض مزمنة، كأمراض القلب وسكر الدم، ومرضى غسيل الكلى.

لذلك لم يبق أمامهم سوى التوجه للمراكزالطبية، والمستشفيات الأردنية الحكومية، حيث تقدم وزارة الصحة الأردنية الخدمات الطبية للاجئين في المراكز الصحية والمستشفيات من خلال تأمين صحي يساوي بينهم وبين الأردنيين القادرين غير المؤمّنين وبأسعار منخفضة نسبيا، لكنها تبقى مرهقة لهم نتيجة الأوضاع الاقتصادية التي يعيشونها.

كما تعمل الحكومة الأردنية، على تقديم دعم وإن كان محدودا في المجال الطبي، لتخفيض التكاليف التي يدفعها اللاجئون، حيث رصدت وزارة الصحة الأردنية، في موازنتها للعام الحالي مبلغ 5 ملايين دينار “7 ملايين دولار”، للمعالجات الطبية للاجئين السوريين ضمن صندوق التأمين الصحي، وتقدم الوزارة خدمات الأمومة والطفولة وتنظيم الأسرة والولادة والرضع ومطاعيم الأطفال مجانا، ولجميع اللاجئين المسجلين بالمفوضية السامية بشكل مجاني، إضافة إلى مطاعيم فيروس كورونا.

إقرأ:هل نجحت الاستثمارات السورية في الأردن .. ما هي مزاياها؟

إغلاق منظمات طبية ساهم بتفاقم المعاناة

أدى إغلاق العديد من المنظمات الطبية، لمشاريعها الخاصة باللاجئين إلى ازدياد الأوضاع سوءا، خاصة مع ارتفاع تكاليف العلاج في الأعوام الثلاثة الأخيرة، وانخفاض مستوى المساعدات المقدمة من مفوضية شؤون اللاجئين نتيجة نقص التمويل، ومن جهة ثانية نتيجة توقف أعمال العديد من السوريين، بسبب الآثار التي تركتها جائحة كورونا التي أدت إلى إفقار عدد كبير منهم.

فقد توقفت مؤخرا منظمة أطباء بلاحدود، عن تقديم الدعم والعلاج في العديد من مشاريعها، وكانت المنظمة خلال السنوات الماضية تقدم دعما أبرزه الأدوية المجانية لمرضى أمراض القلب وسكر الدم، ولكن ذلك توقف، وهذا ما دفعهم لتحمل نفقات شراء هذه الأدوية بمبلغ لا يقل عن 40 دينارا بشكل شهري.

وقالت فريال محمد، الناشطة في المجال الطبي، لموقع “الحل نت”، إن القصة ليست تقليصا في الدعم، وإنما ليس هناك دعم أصلا في الوقت الحالي، مضيفة أن منظمة أطباء بلا حدود أغلقت مشاريعها لدعم الدواء، ومشروعها الأضخم الخاص بالولادة بنوعيها الطبيعية والقيصرية، ولم يبق إلا مشروعها للجراحة العظمية في أحد مستشفيات عمان، والذي لا فائدة منه حاليا لعدم وجود جرحى سوريين كما كان الحال عليه خلال الحرب.

وأوضحت محمد، أن المنظمات الأخرى التي كانت تأتي من الخارج لتقديم الخدمات الطبية توقفت أيضا، مشيرة إلى أن البديل الوحيد حاليا هو أن تقوم مفوضية شؤون اللاجئين بالاتفاق مع منظمات عربية أو دولية لتسليمها الملف الطبي للسوريين، لأنها عاجزة عن تقديم أي دعم.

مرضى السرطان المعاناة الأكبر

تعتبر معاناة مرضى السرطان من اللاجئين السوريين هي الأكبر، حيث لا يتم تقديم أي دعم لهم من المفوضية، أو حتى من الحكومةالأردنية، لارتفاع تكاليف العلاج وعدم وجود دعم.

حيث تختلف تكلفة جرعة العلاج الكيماوي للسرطان، حسب نوع الإصابة، حيث تبدأ من 200 دينار أردني، وتتجاوز في بعض الأحيان إلى مبلغ 2000  دينار أردني، للجرعة الواحدة، كما ترتفع صور تشخيص المرض “الرنين المغناطيسي، والطبقي المحوري” بشكل مضاعف في مركز الحسين للسرطان، حيث تبلغ تكلفة الصورة ما لا يقل عن 500 دينار أردني، كونه مركز متخصص بأمراض السرطان، فيما تكون أقل من ذلك في خارجه، حيث تتراوح من 110 – 180 دينار أردني، مع المادة الملونة.

وعادة ما يتبع مركز الحسين للسرطان آلية لقبول المصابين ومحاولة دعمهم للحصول على العلاج ، ولكن تكمن الصعوبة في قبول الحالات، لعدم وجود أي مذكرة تفاهم بين المركز ومفوضية اللاجئين، ولكن هناك لجنة اجتماعية حيث يجب على المريض إعادة تشخيص حالته في المركز، وتقديم التشخيص إلى قسم الحالات الإنسانية “اللجنة الاجتماعية”، وهنا إما أن يكون الرد بالقبول أو الرفض.

وحتى في مرحلة انتظار الموافقة أو الرفض من قبل اللاجىء السوري المصاب بالسرطان، فإن تكلفة تشخيص المرض في المركز، من صور وخزعات للفحص المخبري، تقع على عاتق المريض، وهي مرتفعة جدا بالنسبة لأوضاع اللاجئين المادية الضعيفة.

وكان المركز قد سبق وأنشأ ما يعرف بـ”صناديق الخير”، وهي صناديق تستقبل التبرعات المالية من المتبرعين، على شكلين، إما للمرضى دون تحديد جنسيتهم، فتوزع لعلاج المرضى الأردنيين وغيرهم، وأخرى يتم تحديدها للمرضى السوريين بناء على رغبة الجهة المتبرعة، فيتم تخصيصها لعلاج المرضى السوريين.

وحسب نتائج مسح صحي أجرته مفوضية اللاجئين في الأردن عام 2021، فإن عدد الإصابات بالأمراض المزمنة زاد، وإن 87 بالمئة من المصابين لم يتمكنوا من تحمل تكاليف الأدوية، و77 بالمئة من أموالهم أنفقت على خدمات الرعاية الصحية، وبلغت قيمة الإنفاق الشهري على الصحة 98 دينارا “138 دولارا”، أي بما يعادل 44 بالمئة من دخلهم الشهري.

قد يهمك:الأردن وتركيا من أجل عودة اللاجئين السوريين.. هل تنجح مساعيهم؟

يذكر أن عدد اللاجئين السوريين، في الأردن، والمسجلين لدى مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، يبلغ نحو 650 ألف لاجىء، بينما يزيد عدد السوريين بشكل عام في الأردن عن 1,2 مليون سوري حسب أرقام الحكومة الأردنية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.