سلسلة صواريخ بالستية استهدف في منتصف ليل، اليوم الأحد، القنصلية الأميركية بمحافظة أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، بهجوم هو الأقوى من نوعه في الآونة الأخيرة على المواقع الأميركية هناك.
واطلق 12 صاروخا بالستيا بعيد المدى، من جهة الشرق خارج الحدود العراقية، صوب المبنى الجديد “للقنصلية الأمريكية” في أربيل، والمناطق المدنية السكنية القريبة من مبنى قناة “كوردستان 24″ومحيطها، وفقا لبيان أوردته وزارة الداخلية في الإقليم، وأطلع موقع “الحل نت” نسخة منه.
قد يهمك/ي: فيديو): استهداف “السفارة الأميركية” في بغداد بـ /5/ صواريخ
تساؤلات
هجوم أثار في توقيته أسئلة عدة حول ما يسعى إليه، لاسيما مع اقتراب طهران وواشنطن من عقد اتفاق نووي جديد، وفيما إذا كان الهجوم بهدف الضغط من قبل جماعات متخوفة من عقد أي اتفاق نووي ما يكون من شأن هذا التصعيد هو تخريب المفاوضات النووية، لا سيما إذا ما كانت هناك جهات داخل العراق تحاول عرقلة الاتفاق من خلال دفع طهران في مواجهة أميركا خشية على فقدان دعمها، كما يرى مراقبين.
وفي هذا الشأن، تحدث موقع “الحل نت” للخبير السياسي علي البيدر، وقال إن “إيران تستخدم الجماعات الموالية لها في العراق كأداة لتنفيذ برامجها، ومن ثم عندما تنتفي الحاجة لهم، يتم رميهم خارج الاهتمام والرعاية”.
وأشار إلى أن “الجماعات العراقية الموالية لطهران والتي تخشى فقدان دعمها، لا تمتلك القدرة على خلق لوبي عراقي يتعلق بصناعة قرار داخل دوائر القرار الإيرانية، كما يحصل ربما في البلدان التي تهيمن عليها طهران، مثل لبنان وسوريا”.
استهداف يحمل أكثر من سيناريو، لاسيما وأنه يأتي بالتزامن مع مقتل قادة في “الحرس الثوري” الإيراني في سوريا من قبل غارات إسرائيلية، وهذا الأمر يشكل إزعاجا لطهران على المستوى الشعبي وحتى على مستوى سمعتها الدولية، ما يرجح أن يكون هجومها ضد المصالح الأميركية في أربيل بدافع انتقامي، كما يرى البيدر.
ويضيف، أن “الهجوم قد يتعلق بالصراع الذي يجري بين روسيا وأميركا عبر أوكرانيا، فمن المحتمل أيضا أن إيران تحاول سحب الولايات المتحدة إلى أزمة جديدة أو ساحة أخرى من المواجهة، انتصارا إلى الموقف الروسي الذي ساند طهران طوال المراحل السابقة” وفق تعبيره كأحد التفسيرات الإضافية لهجوم ليلة أمس.
قد يهمك/ي: قصف السفارة الأميركية في بغداد.. التفاصيل الكاملة للاستهداف
موقف محرج
مؤخرا، ازدادت الاستهدافات الإيرانية، سواء عبر وكلاء إيران في العراق، أو بشكل مباشر من طهران، ما ينبغي على واشنطن أن “يكون ردها حازم على هذا التصعيد الخطير والمؤشر الكبير، وتلتفت لتعزيز حماية مصالحها في الشرق الأوسط”، وفقا للبيدر.
من جانبه، يرى المحلل السياسي علاء مصطفى أن “الهجوم يأتي في سياق رد طهران على الغارات الإسرائيلية في سوريا”، مشيرا إلى أن “المؤلم في الموضوع، المواجهة لا تجري بين الخصمين بشكل مباشر، وإنما على أرض هي الأضعف في المنطقة، بالتالي أن هذه الرسائل تلزم الحكومة العراقية المقبلة بفرض سيطرتها على جميع الأراضي العراقية ومتابعة أي تواجد أجنبي غير مبرر”.
ولفت إلى أن تلك الإلزامات للحكومة العراقية، هي “لتحصن العراق من أي اعتداء خارجي، وفي حال حصولها يتم اللجوء للمنظمات الدولية”، مبينا أنه “هكذا تحفظ السيادة من خلال عدم إعطاء مبررات للآخر وتواجهه إن مسك”.
بالمقابل يرى البيدر أن “الموقف العراقي الرسمي كان خجولا ولم يرتقي لمستوى الهجوم، إذ أن الرئاسات الثلاث لم تتطرق إلى اسم إيران”.
علاء مصطفى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة بغداد، قال في حديث لموقع “الحل نت” أن “الصواريخ التي استهدفت أربيل، تندرج في خانة الصراع الإيراني-الإسرائيلي”، معتقدا أن من بين أحد الأسباب لـ توقيت الهجوم الإيراني هو “الرد على الغارات الإسرائيلية ضد وجود طهران في سوريا”.
قد يهمك/ي: بعد استهداف “السفارة الأميركية” ببَغداد: هذه سيناريوهات رَد “ترامب”
مواقف دولية ومحلية
وفي السياق، دانت الخارجية الأميركية في بيان الهجوم الذي وصفته بـ”الشائن” واستعراض العنف الذي جرى في أربيل، فيما نفت حدوث أضرار أو إصابات في أي منشأة تابعة للحكومة الأميركية.
لكن داخلية إقليم كردستان، أكدت أن “الهجوم ألحق أضرارا مادية في المباني والمنازل في المنطقة، ولم يسفر عن سقوط خسائر بشرية سوى إصابة مدني واحد بجروح طفيفة، وإن السلطات باشرت بالتحقيق حول الهجوم وسيتم إعلان النتائج إلى الرأي العام”، بينما أشارت وزارة صحة الاقليم إلى أنها “لم تسجل أية حالة وفاة، ولم تصل أية حالات إصابة إلى المستشفيات”.
بالمقابل، سارع مسؤول أميركي، إلى اتهام إيران بالهجوم، حيث نقلت وكالة “أسوشيتد برس”، قوله، إن “6 صواريخ بالستية أطلقت من إيران استهدفت القنصلية الأميركية في أربيل”، في حين أكدت صحيفة “واشنطن بوست” نقلا عن مسؤول عراقي أن “الصواريخ أطلقت من إيران”.
لكن المسؤولون الأميركيون لا يعرفون ماذا كانت أهداف إيران بالتحديد في هذا القصف، لأن الصواريخ لم تصل إلى القنصلية، بحسب صحيفة “وول ستريت جورنال”، التي أكدت أيضا أن “إيران اطلقت صواريخ على القنصلية الأميركية في أربيل”.
من جانبها، دعمت مديرية مكافحة الإرهاب في إقليم كردستان، رواية داخلية الإقليم، التي أشارت إلى “أن القصف الذي تعرضت له مدينة أربيل تم عبر 12 صاروخا باليستيا انطلقت من خارج الحدود العراقية تحديدا من جهة الشرق”.
واعتبر الرئيس العراقي برهم صالح في تغريدة على موقع “تويتر” وتابعها موقع “الحل نت” أن “الهجوم جريمة إرهابية مدانة، كما يستهدف عرقلة الاستحقاقات الدستورية بتشكيل الحكومة العراقية”، في حين عد رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، أن “الهجوم تعد على أمن الشعب، وإن القوات الأمنية ستقوم بالتحقيق بالحادث”.
من جانبه، قال زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر في تغريدة على “تويتر” تابعها موقع “الحل نت” إن “أربيل تحت مرمى الخسران والخذلان، وتحت طائلة التجويع وكأن الكرد ليسوا عراقيين”، مشيرا إلى إنها “لن تركع إلا للاعتدال والاستقلال والسيادة”.
كما أدان رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني، الهجوم، وأكد أن “أربيل لن تنحي للجبناء”، وأدان الهجوم “الإرهابي” على عدة مواقع في أربيل بشدة”، فيما اعتبر رئيس مجلس النواب، محمد الحلبوسي، أن “الهجوم يتطلب موقفا وطنيا موحدا وحازما، كما أنه يعد تعد على سيادة العراق”.
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.