دفعت الظروف المعيشية المتدهورة في شمال غربي سوريا، وغلاء الكشفيات الطبية والأدوية المرضى السوريين إلى اللجوء للأدوية العشبية لعلاج أمراضهم. فبعد ارتفاع أسعار الأدوية في مناطق سيطرة المعارضة في شمال غربي سوريا، بدأ العديد من السوريين بالفعل باللجوء إلى طب الأعشاب. كذلك رفعت وزارة الصحة السورية بدمشق الأسعار مرتين في الأشهر الماضية، آخرها في شهر شباط/فبراير الماضي.

ويقول أبو عبد الرحمن، من ريف إدلب وهو متخصص في طب الأعشاب منذ 18 عاما، موضحا لموقع “المونيتور”، “طب الأعشاب هو بديل للطب العلمي الحديث، ولا يمكن تجاهله. وعلى مدى العامين الماضيين، زاد الطلب على الأدوية العشبية بشكل ملحوظ”، عازيا أسباب هذا الطلب المتزايد إلى الكشفيات الطبية والأدوية الباهظة الثمن التي لا تراعي الظروف المعيشية الصعبة في المنطقة. ويرى بأن الطب البديل، والأعشاب الطبية والمراهم الطبيعية والحجامة والوخز بالإبر، ينجح في علاج بعض الحالات المرضية ويتفوق حتى على الطب الحديث، حيث يقول: “لقد عالجت العديد من الأمراض؛ حتى الأمراض المزمنة مثل السكري وأمراض الديسك وأمراض القلب، لقد وجد المرضى نتائج إيجابية”.

ويشير أبو عبد الرحمن إلى أنه لا يتقاضى أجرا مقابل الاستشارة الطبية، ولكن فقط ثمن الأعشاب التي يحتاجها لصنع الدواء، فيقول “إن الدواء العشبي رخيص نسبيا، وليس له نفس الآثار الجانبية الخطيرة للعقاقير الكيميائية على الجسم. أحيانا، أجد صعوبة في العثور على العديد من الأعشاب الطبية، لأننا محاصرون في منطقة صغيرة في شمال غربي سوريا ولا يمكنني الحصول على مجموعة متنوعة من الأعشاب المتوفرة في مناطق أخرى. بعض الأعشاب موسمية والبعض الآخر يصعب نموه في بيئة جبلية مثل إدلب، وأحيانا يتقاضى عمال الغابات الكثير مقابل هذه الأعشاب”.

بحسب التقرير الذي نشره موقع “المونيتور” وترجمه موقع “الحل نت”، فقد لجأت فاطمة المحمد، 40 عاما، من سكان إدلب، إلى الأدوية العشبية لعلاج إصابات الإنزلاق الغضروفي، لأنها لم تعد قادرة على تحمل تكاليف المسكنات، حيث تقول “لقد تعرضت لسقوط عنيف، وبعد ذلك بدأت أشعر بألم أسفل الظهر امتد لاحقا إلى ساقي. لم أعد أشعر بساقي وكان الألم لا يطاق لدرجة أنني لم أستطع المشي أو حتى النوم. لقد استشرت طبيبين؛ أعطاني الأول الأدوية والحقن والمسكنات، لكن لم ينجح ذلك. ذات يوم، تم نقلي في سيارة إسعاف إلى طبيب آخر، وبعد الفحص بالتصوير المحوري، حدد الطبيب موعدا لإجراء عملية جراحية عاجلة لأن لدي انزلاق غضروفي في أسفل ظهري. لم أجر العملية الجراحية، لأنني لم أستطع تحمل تكاليفها، وكنت خائفة من المضاعفات المحتملة بعد الجراحة والألم”.

وتضيف فاطمة قائلة “أخبرني بعض أفراد الأسرة أن أرى أخصائي طب أعشاب، ففعلت ذلك، وقدم لي وصفة طبيعية تتكون من مزيج من زيت الزنجبيل ودهن الضأن المذاب، لفرك وتدليك منطقة الألم. كما أعطاني مقويات عصبية وعلمني بعض تمارين الظهر لأقوم بها في المنزل. وفي غضون شهر ونصف من بدء العلاج هذا، تحسنت حالتي بنسبة 80 بالمئة. لقد اختفى الألم، ولم أعد بحاجة لعملية جراحية”.

من جانبه، يقول اختصاصي أنف وأذن وحنجرة يعمل في مستشفى خاص في إدلب، شرط عدم الكشف عن هويته “المرضى الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف الأدوية والذين يعانون من أمراض معينة يمكن علاجها بالأعشاب والمراهم الطبيعية، كالسعال والتهاب القصبات وآلام الكلى، هم عادة من يلجأون إلى الأدوية العشبية. على الرغم من مزايا الأدوية العشبية، التي اكتسبت ثقة المرضى مؤخرا، إلا أن العلاجات العشبية غالبا ما تستمر لفترة طويلة ولا توفر الشفاء السريع كما تفعل الأدوية الحديثة”.

يقول حسن إبراهيم، مدير مديرية صحة اعزاز التابعة للمعارضة السورية في ريف حلب الشمالي، “لا يمكن إنكار فوائد الطب البديل وفاعليته في علاج بعض الأمراض. ومع ذلك، هناك أمراض مزمنة تتطلب فحوصات طبية وتشخيصا دقيقا، ولا يمكن إدارة علاجها إلا من خلال الطب العلمي الحديث بالعقاقير الكيميائية اللازمة أو الجراحة”.

وفي معرض الحديث عن الاستشارات والأدوية باهظة الثمن، والتي تعد السبب الرئيسي للجوء المرضى إلى الطب البديل، يقول إبراهيم “تسعى مديرية الصحة لتنظيم الأسعار وتوحيدها في الأشهر المقبلة، بالتعاون مع المديريات في مناطق أخرى. وستكون هناك قائمة تحدد تسعيرة الاستشارات المناسبة لكل تخصص طبي. كما أن حوالي 80 بالمئة من الأدوية التي يتم استهلاكها في شمال غربي سوريا تنتجها مختبرات النظام الحكومية، في حين يتم إنتاج 10 بالمئة محليا داخل مناطق المعارضة و10 بالمئة يتم استيرادها من تركيا”.

ويختتم إبراهيم حديثه بالقول “فرضت مديرية الصحة عدة إجراءات لضبط أسعار الأدوية في الصيدليات والمستودعات، وستطلق قريبا تطبيقا إلكترونيا متاحا للجميع من أجل الكشف عن سعر كل دواء لمنع التلاعب بالأسعار”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.