الحرب السورية الطويلة التي ألقت بظلالها على السوريين من جميع الجهات ودفعتهم نحو الهاوية اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا. دفعت نسبة كبيرة من الأيتام والفقراء الذين ليس لديهم معيل إلى ممارسة مهنة “النبش بالقمامة” أو “التسول”، حيث ازداد تواجدهم في الشوارع  بشكل ملحوظ خلال الفترة الماضية، حتى  فرضت الحكومة السورية مؤخرا غرامة  مالية على عملهم، بحجة أنها “مهنة غير مرخصة”.

“نبش القمامة” مردود مضاعف برمضان

انتشرت ظاهرة النبش في القمامة على نطاق واسع في عدة مدن سورية مؤخرا بشكل كبير حتى أصبحت مهنة شائعة غزت الشوارع ومجمعات القمامة بشكل كبير، حيث أصبحت الحاويات مصدر الرزق الوحيد لكثير من الأطفال والفقراء والمعوزين.

وكشف موقع “أثر برس” المحلي، في تقرير له اليوم، في حديثه مع مواطن سوري يمتهن “نبش القمامة”، وجاء في التقرير “الركوب على دراجة والطواف في شوارع دمشق ليلا لنبش الحاويات ومكبات القمامة، هو المهنة التي يعيش من خلالها “أبو مؤيد”، وأسرته المكوّنة من سبعة أشخاص، مبينا أنه خلال شهر رمضان تغيرت مواعيد العمل، فوقت الذروة بات يعتبر في الفترة ما بين الفطور والسحور”.

وأضاف المواطن السوري، للموقع المحلي، “رمي القمامة في وقت ما بعد الفطور يكون غالبا يحتوي على عبوات بلاستيكية أكثر من الأيام السابقة، فمحال بيع الحلويات باتت تعتمد البلاستيك في تغليف منتجاتها، إضافة لتزايد عبوات العصير والمشروبات الغازية في شهر رمضان”.

كما أن المرور من أمام أي محل سوبر ماركت، سيعني الحصول على كميات أكبر من المعتاد من “الكرتون و وعبوات البلاستيك”، فالاستهلاك يزيد بشكل كبير في “شهر رمضان”، وأنه تضاعف عائده اليومي من “نبش القمامة”، بحسب أبو مؤيد للموقع المحلي.

هذا وفي وقت سابق، صرح مدير البيئة في ريف دمشق المثنى غانم لموقع “أثر برس” المحلي، أن مهنة نبش القمامة منتشرة في كل سوريا وليس في منطقة محددة على وجه الخصوص، مفضلا تسميتها بـ “فرز للقمامة” لأن العاملين فيها ينتقون المواد الممكن بيعها واستثمارها.

وأشار مدير البيئة في ريف دمشق إلى أن “المهنة ليست مرخصة”، وفي حال تم إلقاء القبض على من يعمل بها، يفرض عليه غرامة بسيطة تبلغ 3000 ليرة سورية.

وبالرغم من أن هذه المهنة لها الكثير من الأضرار والمخاطر الصحية، نتيجة الاحتكاك الدائم مع بيئة ملوثة وغنية بالجراثيم قد تجعل أي جرح يصيب النباش في القمامة جرحا مهددا للحياة، فضلا عن العديد من الأمراض الجلدية والهضمية أو التنفسية الناتجة عن استنشاق الروائح المتخمرة في مكب النفايات.

لكن يبدو أنه في ظل انعدام كل مقومات الحياة لهؤلاء الأشخاص، وخوفهم من الموت جوعا، دفعهم إلى ممارسة هذه المهنة رغم خطورتها الصحية وغيرها من المخاطر والنبذ الاجتماعي.

تاليا، في ظل الأوضاع الراهنة السيئة وغياب أي دور حقيقي للحكومة في وضع حد أو حل لهذه الظواهر، فإن هؤلاء الأشخاص يريدون العيش أيضا وربما هذا المصدر الرزق الوحيد المتاح لهم.

قد يهمك: “مافيات” في دمشق تجبر الأطفال على التسول

الفقر في سوريا

كما يقول أيهم (اسم مستعار)، للموقع المحلي، أن بيع الورد والمحارم على أبواب المساجد يكون أفضل من مفارق الطرق في فترة ما بعد “صلاة التراويح“.

بينما تقول سمية، وهي فتاة تبلغ من العمر ما يقارب 14 عاما، للموقع السوري، “في فترة ما بعد الإفطار تكون الشوارع خاوية ما يعطيها مجالا لتناول “سندويش في الحديقة”، بانتظار انتهاء صلاة التراويح لتبدأ بالتسول، وسمية من أسرة مؤلفة من 5 أطفال ووالدين، وكلهم يعملون بالتسول”.

وانتشرت ظاهرة التسول بشكل كبير في عدة محافظات سورية مؤخرا، وذلك في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي تخيّم على السوريين عموما.

وبحسب متابعين، فإن ظاهرة التسول والنبش في القمامة باتت منتشرة بشكل كبير خلال السنوات الماضية في سوريا، ورغم تفعيل مكاتب مكافحة النبش في القمامة والتسول في مختلف المحافظات السورية، فإن هذه الظاهرتين عند الأطفال والنساء والشيوخ تنامت إلى حد كبير في الأشهر الأخيرة؛ بسبب الفقر وغلاء المعيشة وتدني مستوى الليرة السورية مقابل العملة الأجنبية من جهة، ومن جهة أخرى عدم توافر الأوراق الثبوتية لعدد كبير من الأطفال؛ بسبب فقدانهم الأب، وبالطبع ذلك يحرمهم من الحصول على بعض المساعدات من قبل الجمعيات والمنظمات الإنسانية الخاصة التي تقدم المساعدات الغذائية، وغيرها من حاجيات الإنسان الأخرى كالأدوية والألبسة، حتى ولو بنسبة قليلة.

قد يهمك: “نبش القمامة” ممنوعة على الفقراء بسوريا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.