بعد أسابيع من الغزو الروسي لأوكرانيا، رسا في الموانئ التركية يختان عملاقان تابعان لرومان أبراموفيتش، الأوليغارشي الروسي المعاقب من قبل بريطانيا. كما شوهدت قوارب تابعة لاثنين آخرين من الأوليغارشية، هما أندريه مولشانوف، ومكسين شوباريف. وكذلك شوهد قارب يعود للرئيس الروسي السابق ديميتري ميدفيديف. وظهر السيد أبراموفيتش بنفسه في تركيا في التاسع والعشرين من شهر آذار/مارس الماضي منضما إلى المفاوضين الروس والأوكرانيين في المحادثات التي عقدت في إسطنبول.

وبحسب مجلة “إيكونوميست” البريطانية، وفق ما ترجم عنها موقع “الحل نت” فإن تركيا تلعب اليوم أكثر من دور في الحرب الدائرة في أوكرانيا. فهي عضو في “حلف شمال الأطلسي” (الناتو) وتدعم أوكرانيا، حيث تستمر ببيعها الطائرات المسيرة العسكرية التي حولت عشرات الدبابات الروسية إلى خردة. ومع ذلك فقد كان انتقاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للفظائع الروسية المرتكبة هناك معتدلا. والأكثر إثارة للقلق هو أن هناك دلائل على أن تركيا ربما تتحايل على العقوبات المفروضة على روسيا.

في 26 آذار/مارس المنصرم، قال مولود جاويش أوغلو، وزير الخارجية التركي، إن أعمال الأوليغارشية الروسية موضع ترحيب في تركيا طالما أنها تحترم القانون الدولي. كذلك صرح أردوغان بأنه “سيبقي الأبواب مفتوحة”. وفي محادثة هاتفية مع فلاديمير بوتين، اقترح أردوغان أن تجري تركيا وروسيا تجارتهما باستخدام الروبل أو اليوان الصيني أو الذهب. وقد رفضت تركيا، التي واجهت بالفعل عقوبات أمريكية لشرائها نظام دفاع جوي روسي، استبعاد صفقات أسلحة جديدة مع روسيا.

وبالرغم من تعاطف معظم الأتراك مع أوكرانيا، فإن عادة أردوغان في استفزاز الغرب واسترضاء روسيا كان لها أثرها. وقد أظهر استطلاع حديث للرأي أن 73 بالمئة من الأتراك يريدون أن تظل بلادهم محايدة تجاه أوكرانيا، بينما يقول 34 بالمئة فقط إن روسيا مسؤولة عن الحرب، في الوقت الذي يلقي فيه 48 بالمئة باللوم على أمريكا و”حلف شمال الأطلسي”. ويبدو أن أردوغان مصمم على عدم السماح لأي شيء، بما في ذلك جرائم الحرب، بعرقلة علاقته مع بوتين. وقد صرح المتحدث باسم الرئيس الروسي، دميتري بيسكوف، في الثاني من نيسان/أبريل الجاري، قائلا: “علاقاتنا مع تركيا ممتازة”.

وعرض أردوغان التوسط بين روسيا وأوكرانيا أكسبه الثناء. فالرئيس الأوكراني، فلاديمير زيلينسكي، الذي انتقد بشدة الزعماء الآخرين لتساهلهم مع روسيا، لم يكن لديه سوى كلمات لطيفة بحق الرئيس التركي. وترى يفغينيا جابر، من مركز الدراسات التركية الحديثة بجامعة كارلتون، بأن دور الطائرات التركية بدون طيار قد خفف من الانتقادات الأوكرانية لأنقرة.
وليس من المستغرب أن ترفض تركيا الانضمام إلى العقوبات المفروضة على روسيا. فلطالما عارضت أنقرة العقوبات كأداة للسياسة الخارجية، لكن الإحباط من انتهازية أردوغان يتصاعد في العواصم الغربية. ويشعر الكثيرون أن تركيا تستخدم المفاوضات حول أوكرانيا غير المثمرة كذريعة، حيث يقول مسؤول أوروبي: “لا أحد هنا يؤمن بنجاح هذه المفاوضات. فروسيا مصممة على تدمير أوكرانيا، ومن مصلحة تركيا منع ذلك”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة