مؤخرا، يتصدر مشروع مد أنبوب النفط البصرة–العقبة أهم القضايا التي تشغل الأوساط العراقية السياسة والاجتماعية، وما سيمثله من جدوة اقتصادية وسياسية للعراق.

تعود فكرة المشروع إلى ثمانينيات القرن الماضي حينما بدأ العراق في البحث عن طرق لمنفذ ثان لتصدير النفط، وحاول العراق تحقيق تقدم ملحوظ في فكرة إنشاء أنبوب نفطي يمتد من الأراضي العراقية إلى الأراضي الأردنية، ليصل إلى هدفه الأساسي في ميناء العقبة، لكن العقبات التي واجهت الحكومات العراقية كانت مختلفة، أولها العقوبات الدولية والحصار الاقتصادي وكلفة المشروع العالية.

للمزيد من الاطلاع: بالمرتبة الأولى.. العراق ينفي تخلي الهند عن نفطه واستبداله بالروسي

سياق المشروع

وفيما بعد، طرح تنفيذ المشروع في العام 2013 بوصفه جزءا من فكرة التعاون المشترك بين العراق والأردن ومصر، حينما وقع العراق والأردن في نيسان من ذلك العام اتفاقا لمشروع مد أنبوب بطول 1700 كلم لنقل النفط العراقي إلى الأردن بكلفة تقارب نحو 18 مليار دولار، وسعة مليون برميل يوميا، وكان من المفترض الانتهاء من تنفيذ المشروع في عام 2017، إلا أنه تأجل بفعل أحداث “داعش”.

ووافق مجلس الوزراء، عام 2018 أبان عهد حكومة حيدر العبادي، على إحالة المشروع إلى شركة ماس العراقية القابضة لتنفيذ المشروع داخل الأراضي الأردنية وبطريقة الاستثمار، ولكن أيضا لم يوقع العقد.

وخلال عام 2019 في زمن حكومة عادل عبد المهدي، أعلن العراق أنه يدرس إعادة النظر بدراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع بشكل كامل، بحيث يتم إيصال الخط إلى مصر بدلا من انتهائه في العقبة، قبل أن يعود في الوقت الحالي بزمن حكومة الكاظمي إلى الواجهة بقوة.

وعلى الزغم من أن إنشاء المشروع لن يكلف خزينة الدولة العراقية ودلارا واحد، لأنه سينفذ بطريقة (بوت) والتي بموجبها تبني الشركة المستثمرة المشروع وتتحمل كل التكاليف وتقوم بإدارة المشروع لمدة زمنية معينة، إلا أن وكلاء إيران في العراق أزعجهم المشروع بشكل كبير.

وأثارت جدية الحكومة الحالية في تنفيذ المشروع حفيظة القوى السياسية المدعومة إيرانيا، ليبدأ الجدل على نطاق واسع من أنه المشروع سيتسبب بخسائر فادحة العراق، وحذر عدد من الشخصيات وعلى رأسهم رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي من إنجاز المشروع.

وبحسب مراقبين، على ما يبدو أن هناك أطراف تخشى انفتاح العراق اقتصاديا على محيطه العربي، لا سيما وأن النشاطات الاقتصادية اليوم تلعب دور الرابط الأساسي للشراكات السياسية بين الدول واستقرارها، فضلا عن ما يمكن أن يمثله المشروع من حيث اخراج العراق بنسبة كبيرة من دائرة التوترات الأمنية التي تديرها طهران في مضيق “هرمز” الذي يمر من خلاله 97 بالمئة من صادرات العراق النفطية، والتخلص من احتمالية الضغط الإيراني.

للمزيد من الاطلاع: تراجع انتاج النفط العراقي.. ما الأسباب؟ 

وجهات نظر

وفي هذا الشأن، تحدث موقع “الحل نت”، مع الخبير الاقتصادي صالح الهماشي، وقال إن “المشروع يندرج في إطار محاولات العراق توسيع منافذ تصيد النفط، لا سيما وأن منافذ تصديره للنفط مخصورة بين الشمال والجنوب”.

وأضاف أنه “بما يعتمد العراق في مصادر تصديره على الشمال والجنوب، فالمشروع هو جاء لتدارك المشكلات التي تحدث في الجنوب والشمال، من حيث الجانب السياسي وجانب التغييرات المناخية التي تؤثر على تراجع الصادرات، وبالتالي هذا ما دفع العراق تجاه توسيع المنافذ، وهذا ما تعمل به جميع الدول”.

وفيما يتعلق بالتأثيرات السلبية التي يمكن أن تنعكس على العراق في هذا المشروع، الهماشي بين أن “الأنبوب الذي سينقل مليون برميل نفط باليوم والتي ستأخذ الأردن منها 150 ألف برميل لاستهلاكها المحلي وسيبدأ العمل به حاليا، من سلبياته أن العراق تحمل تكلفة انتاجه، كما أن وضع العراق السياسي الضعيف، يضعه في محل استغلال من قبل محيطه الإقليمي، ما يتسبب بخسارة الاتفاقيات الاقتصادية”.

كما أكد أن “للمشروع ستكون هناك تأثيرات على إيران، إلا أنها لن تكون مؤثرة بشكل كبير على اعتبار أنها تعتمد على موارد كبيرة ومتعددة ولا تنحصر بهذا المحال، ولكن ما سيعزز ذلك التأثير هي العقوبات المفروضة عليها”.

بالمقابل، عد الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي في تصريح صحفي، المشروع بأنه يمثل “أهمية قصوى للعراق في اتجاه تنويع منافذ تصدير النفط الخام ودخول أسواق جديدة، لأن الاقتصار على التصدير جنوباً عبر البحر قد يعرقل الإمدادات النفطية العراقية مستقبلاً بسبب التوترات الأمنية، وخاصة في مضيق هرمز”.

من جانبه، طالب زعيم ائتلاف “دولة القانون”، نوري المالكي، أمس الجمعة، الحكومة بعدم المضي في تنفيذ مشروع أنبوب النفط البصرة – العقبة، معتبرا إياها حكومة تسيير أعمال ناقصة الصلاحية.

للمزيد من الاطلاع: زيادة إنتاج النفط العراقي.. المباشرة بحفر بئر نفطي جديد في البصرة

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.