كان عدم الاتفاق مع زوجها على أسلوب محدد لتربية الأبناء سبب معاناة أروى الأحمد مع زوجها حول تربية أبنائهم.

أروى (اسم مستعار) وهي مهندسة أربعينية مقيمة في اللاذقية، متزوجة منذ 10 سنوات، لديها اثنين من الأبناء (طفل وطفلة). تقول في حديثها لـ”الحل نت” بأنها ما تزال منذ زواجها تواجه العديد من المشاكل مع زوجها بسبب خلافاتهما في تربية الأطفال.

وتضيف “يتعامل معهم بعصبية شديدة، في المقابل كنت أحاول أن أعاملهم بلين ورفق”، متابعة “غير أن والدهم لا يعترف بضرورة أن نتفق في أسلوبنا معهم، فهو يعتبر أنه كان على صواب في نهجه التربوي، إلا أن ذلك “تسبب لنا بالكثير من المشكلات، حتى إنه أثر على علاقتنا كزوجين”.

الآثار

كل هذه الخلافات والتناقضات في التعامل مع الأبناء سببت لدى أبنائهم الكثير من المشكلات النفسية والاجتماعية. ولا تخفي أروى شعورها بالحزن على أولادها الذين تشعر بأسى عليهم. وكثيرا ما تشهد بعض الأسر خلافات ومشادات تصل حد المشاجرات حول اختلاف الزوجين في تربية الأبناء، حيث ينعكس تعارض أساليب التربية بين الأم والأب، على الأبناء سلبا.

ومن الأخطاء التي يتبعها الأهل في التربية، أن يقول الأب لا للأبناء على أمر، وتقول الأم نعم للقرار ذاته، وينشب الاختلاف والتعارض.

الاختصاصية النفسية، زاهدة الخليل، أشارت خلال حديثها لـ”الحل نت” إلى أن تربية الأبناء من العمليات المهمة في تكوين وتطور شخصياتهم، وكلما كان هناك اتفاق بين الوالدين في التربية انعكس بشكل إيجابي على الأبناء، واتسم الأبناء بالثقة الكافية في أنفسهم والقدرة على التواصل مع الآخرين وتحمل المسؤولية.

أما الاختلاف بين الوالدين في التربية فله انعكاسات “سلبية على المدى البعيد في شخصيات الأبناء”، وفق الخليل التي تشير الى أن “تعامل الأب بأسلوب معين مع الأبناء كالعقاب مثلا بحرمانهم شيئا معينا، وتأتي الأم وتحث على عدم تنفيذ ذلك الحرمان أو تقوم بالعكس، وخاصة في حالة عدم الاتفاق بين الأبوين في أسلوب تربية الأبناء أو كثرة المشاكل بين الشريكين والتفكك الأسري أو سفر أحد الشريكين، وغيرها من الحالات التي تنعكس على نفسيات الأبناء ويؤثر على سلوكيات الابن، ومنها الكذب والتحايل والتمويه وعدم تكوين علاقات إيجابية مع الآخرين، سواء على المستوى الأسري أو خارجه، فضلا عن زعزعة الثقة بأنفسهم”.

سوسن عادل (38 عاما) ربة منزل ولديها ثلاثة أبناء، تقول لـ”الحل نت”، “هناك اتفاق إلى حد كبير بيني وبين زوجي في أسلوب تربيتنا لأبنائنا، وإن لم نكن قد خططنا له منذ البداية، ولكن الأمور تسير بشكل جيد مع أبنائنا حيث نحاول أن نزرع فيهم القيم والمبادئ والأخلاق التي نشأنا عليها وأن نكون لهم نعم القدوة كأم وأب”.
كما تؤكد، أنه لا حرج في تدخل الأهل بتربية الأبناء، حيث إنها تسعد جدا بمساهمة الجميع في تربية أبنائها، منوها إلى أن المدرسة توجه والجد والجدة والأهل يوجهون ويسهمون مع الوالدين في تربية الأبناء.

تؤمن سوسن بالنمط القديم القائم، في نظرها، على أن “الجميع يشترك في التربية”، مستدركة على أن يكون التدخل والتوجيه في الأساسيات التي لا يوجد خلاف عليها ولا تحمل وجهات نظر متعارضة في الأسلوب وطريقة التوجيه”، على حد قولها.

من جانبها تلفت التربوية، إيمان حامد، أن الأبناء نعمة وأمانة ومسؤولية، يجب على الوالدين أن يتحملاها، “لكن للأسف أحيانا يقصر الوالدان في هذه المسؤولية عندما يتعاملون معها بشكل خاطئ، بسبب اختلاف الأب والأم في تربية الأبناء ما يؤثر سلبا عليهم، فالتشتت غير المرغوب فيه والذي بدوره يؤثر على المدى البعيد في شخصية الأبناء”.

وعن الآثار السلبية لذلك تقول حامد خلال حديثها لـ”الحل نت”، “تسبب هذه الخلافات الكثير من المشكلات النفسية والاجتماعية للأبناء، حيث لا يشعر الأبناء بالثقة الكافية في أنفسهم، والقدرة على التواصل مع الآخرين وتحمل المسؤولية مستقبلا”.

وتتابع “قد يكره الطفل والده ويميل إلى الأم، وقد يحدث العكس بأن يتقمص صفات الخشونة من والده، وقد يجد هذا الطفل صعوبة في التمييز بين الصح والخطأ، كما يعاني من ضعف الولاء لأحدهما أو كليهما. وقد يؤدي أيضا إلى ميله وارتباطه بأمه إلى تقمص صفاتها الأنثوية”.

الحلول

والحل لهذه المشكلة، وفق حامد، يكمن بالحوار البناء والمناقشة المناسبة بين الوالدين، “على الأهل إشعار أبنائهم بوجود الاتفاق فيما بينهم، وإشباع حاجات الأبناء الفسيولوجية، وتوفير الأمان والاستقرار والحب والاحترام، وتنميتهم على تقدير الذات وإشعارهم بأهميتهم وأدوارهم في الأسرة”.

هذا وتفتقر الكثير من العائلات والأسر إلى المبادئ الأساسية في التعامل مع الأطفال وتربيتهم والتي تستطيع من خلالها تجنب حالات سلبية عديدة في حياة أولادهم، ورغم تعدد السلبيات التي يقع فيها الآباء والأمهات في التعامل التربوي مع أبنائهم وكثرة البحوث العلمية والتطبيقية حول أفضل الطرق التربوية، يعد اختلاف الأب والأم في تربية الأولاد من أكثر المشاكل تكرارا في الأسر ومن أعمها ضررا وأبلغها أثرا. فنرى تنوع وتشعب هذه المشكلة في معظم المنازل، ولا يكاد يخلو منزل أو أسرة إلا وعاش أفرادها نماذج كثيرة من هذه المشاكل، التي تؤثر في الأبناء تأثيرا بالغا، فالاختلاف التربوي بين الأبوين له نتائجه السلبية التي تنعكس على نفسية الأولاد ويؤدي إلى تشتتهم وإرباكهم في عدم تمييز الأسلوب الخاطئ من الصواب.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.