لا يبدو أن خطوات الإنعاش التي اتخذتها الدراما السورية، لموسم دراما رمضان 2022، قد أخذت الأصداء التي كان يتحدث عنها بعض صناع الدراما الذين قادوا “الخطوات الانعاشية“، بهدف عودة دراما سوريا إلى زخمها المعهود.

فرغم الإقبال الجيد على مشاهدة “بعض الأعمال“، إلا أن حالة من الفصام، شابت هذه المسلسلات، ما بين البحث عن رؤية جديدة وفاعلة تعيد ألق الأعمال التي كانت سائدة قبل الحرب السورية، فرأينا سرقات في النص والأفكار، ومشاهد تبرر ظواهر اجتماعية فاسدة، ومسلسلات تتعرض لاتهامات بتشويه التاريخ.

“الحل نت” أجرى حوارا مطولا مع الفنان السوري سعد لوستان، رأى خلاله أن الدراما السورية اليوم في أسوأ حالاتها، مشيرا إلى أن مرحلة الانهيار بدأت حتى قبل عام 2011، فلم تكن خلال السنوات الأخيرة الدراما في سوريا بأفضل حال.

لوستان يقول في حديثه مع “الحل نت“ إن “الحرب أتت على معظم منجزات ومكتسبات هذه البلاد ودمرت كل أسواق العمل، فأضحى قطاع التلفزيون والسينما في سوريا بدوره يصارع الزوال، إضافة إلى أن ظروف ومفردات العالمية قد اختلفت بمجملها، وذلك ليس من صالح الدراما والإعلام السوري بشكله الحالي على الأقل“.

قد يهمك: يزن السيد يعترف: أنا فنان بالصدفة

ما دور شركات الإنتاج؟

لعل أبرز ما يساهم في توجه صناعة الدراما، هي شركات الإنتاج التي تمول صناعة المسلسلات، وقد ظهرت مؤخرا العديد من شركات الإنتاج على ساحة صناعة الدراما السورية.

وحول ذلك يعتقد لوستان أن “شركات الإنتاج هي أصل الأزمة في الدراما السورية بشكل مباشر. فتحت وطأة رؤوس أموال وقحة وبمعظمها من مصادر كسب غير مشروعة وبعيدة عن سلطة المؤسسة السورية والقطاع العام وعدى عن الفساد الحكومي وسوء الإدارات، أمسى المبدع السوري أجيرا لدى بلطجية المنتجين ومستعبدا بأجور مذلّة ومخجلة، ومحكوما بالتعامل مع مختلف أشكال وصنوف العاملين غير المهنيين الذين أقحمتهم تلك الشركات بأكثر القطاعات المهنية أهمية وجمالا وحساسية في سوريا، فأدى ذلك بمجمله إلى تشوه ثم انهيار ذلك القطاع الفني بنهاية المطاف“.

ماذا ينقص الدراما السورية للنجاح؟

ولدى سؤاله حول احتياجات الدراما السورية لتصل إلى العالمية، في ظل انتشار منصات العرض الإلكتروني، أجاب لوستان “الدراما السورية ينقصها كل شيء ابتداءا من الإختصاصات والعناصر الفنية المتنوعة، وليس انتهاء عند الخيارات الجيدة والسليمة للنصوص والمواضيع والممثلين وصناع العملية، وذلك يتطلب معيارية نقدية منهجية وهذا ما هو مفقود في سوريا لغاية اليوم“.

ويبقى وصول الدراما العالمية، مرهونا بشركات واحتكارات كبرى هيمنت اليوم على أهم المهرجانات ووسائل الإعلام، والدراما السورية لازالت بعيدة عن كل ذلك ولا سيما بعد الحرب والعقوبات بحسب رأي الفنان السوري.

التجارب السورية في أعمال الدراما المشتركة؟

بالمقارنة مع شركاء لبنانيين ضمن تجربة فنية واحدة فإن العنصر السوري لا يزال يحافظ على فارق ملحوظ في التميز الإبداعي والمواهب والتقنيات، أما بالمقارنة مع المصريين فلا يزال الفارق الإبداعي لا ضفاف له  ويصعب مجاراتهم وذلك من قبل الأزمة والانهيار السوري العام فكيف وبهذا الظرف التاريخي القاتل، وفق رأي لوستان.

كما أن الفارق بات ملموسا كذلك الأمر مع دول الخليج اليوم في ظل الانفتاح والنهضة الخليجية. وبالعموم فإن الحالة السورية في تراجع مستمر على الرغم من الكثير من الجهود لأجل استعادة المبادرة السورية ولو جزئيا، يضيف لوستان.

وختم “الحل نت” حواره مع سعد لوستان بسؤاله عن دور المنصات الإلكترونية، في التأثير على متابعات الدراما السورية، وهو ما أشار له لوستان بالتأكيد على أن معظم الجمهور اليوم، لا سيما الشباب هو متابعون للتطبيقات الذكية الحديثة.

وحول ذلك تابع بالقول: “هذا أمر طبيعي وجيد، ولكن ما هو سيء أن معظم الجمهور هم متابعين لكافة أشكال السموم التلفزيونية من “أعمال البيئة” الهمجية ومسلسلات التشويق والأكشن وأنسنة التشبيح، وهذا بحد ذاته يصنف بأنه أخطر أشكال الحرب الهجينة على وعي وكيان الإنسان السوري ومجتمعه، والكارثة أنه بأيدي ومنصات سورية غير وطنية.. برأيي أن المنصات الإلكترونية هي التي باتت تفرض اليوم الشكل الفني والإنتاجي للمادة المعروضة كما أنها تحدد طبيعة المتابعين وتؤثر في تشكيل وعيهم ومزاجهم ومسلسلات الحلقات القصيرة هي موائمة جداً للمنصات الإلكترونية“.

تجدر الإشارة إلى أن الممثل السوري سعد لوستان، خريج المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق، وله عشرات الأعمال التلفزيونية والمسرحية والإذاعية والسينمائية.

من أعماله: “صلاح الدين الأيوبي“و”عصي الدمع” مع المخرج السوري حاتم علي، “أناشيد المطر” مع المخرجة السورية إيناس حقي، “زمن الصمت” و “قلبي معك“وأعمال أخرى عديدة.

سينمائيا له مشاركات مع المخرج السوري محمد ملص في فيلم “المهد“، وآخر مع المخرج السوري عبد الحميد عبد اللطيف في فيلم “مطر أيلول“، ومشاركة مع المخرج السوري وليد حريب في فيلم“خمس دقائق في منتصف الليل“، قبل مشاركته مؤخرا في أفلام شاركت في مهرجانات دولية مثل فيلم “الرجل الذي باع جلده” (إنتاج عام 2020) مع الممثلة العالمية مونيكا بيلوتشي و “قماشتي المفضلة” (إنتاج عام 2018).

قد يهمك: خناقة عالهوا واتهامات بـ”التشبيح” بين فؤاد حميرة ومنتج “كسر عضم”

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.