ليست المرة الأولى ويبدو أنها ليست الأخيرة أيضا، إذ دخل لبنان أمس الجمعة، في عتمة تامة بسبب أزمة الكهرباء التي تطورت إلى التدهور التام، مع تدرج إجراءات الحكومة من التقنين إلى انهيار الشبكة.

توقف تام للمعامل

في إعلان جديد ومتوقع على المستوى المحلي، صرح مسؤول في وزارة الطاقة اللبنانية، أمس الجمعة، توقف إنتاج الكهرباء بشكل كامل في البلاد، بعد توقف المحطتين الأخيرتين عن العمل نتيجة نفاد الوقود.

وأعلنت شركة كهرباء لبنان، الخميس الفائت، توقف محطتي دير عمار في الشمال، و”الزهراني” عن العمل بسبب نفاد الوقود، وهما المحطتان الوحيدتان اللتان كانتا تعملان في الآونة الأخيرة.

ونقلت وكالة الإعلام الرسمية اللبنانية، عن أحمد عباس، مدير مصنع “الزهراني” التابع لوزارة الطاقة، قوله: “أزمة تأمين الوقود والفيول مستمرة، والموضوع متعلق بالدولار وتأمينه”. حيث حافظت لبنان مؤخراً، على تصدر الأخبار بعنوان واحد، هو عدم توفّر الفيول بشكل منتظم لتشغيل المعامل.

وأوضح عباس، أن “الإنتاج الحالي لكهرباء لبنان يبلغ صفر ساعة”. وتوقع عودة المحطتين المتوقفتين للعمل بين الثلاثاء والأربعاء المقبلين، بعد تأمين استيراد شحنة وقود.

وكانت الحكومة اللبنانية، قد صادقت في آذار/مارس الماضي على خطة لإنعاش” قطاع الكهرباء في البلاد، وإنشاء معبر حدودي جديد مع سوريا.

وقال وزير الإعلام اللبناني، زياد مكاري، حينها، “وافق مجلس الوزراء على الخطة الوطنية للنهوض المستدام بقطاع الكهرباء في لبنان” دون تفاصيل عنها.

ويوجد في لبنان 7 محطات كهرباء، خرجت جميعها عن الخدمة بعد توقف محطتي “دير عمار” و”الزهراني” عن العمل. كما تراوح حجم إنتاج الطاقة في لبنان بين 1600 و2000 ميغاواط، لكن شح الوقود في الأشهر الماضية جعلت الإنتاج يتراجع تدريجيا إلى مستويات متدنية غير مسبوقة.

للقراءة أو الاستماع: بعد عتمة بيروت.. الدولارات تملئ حاويات النفاية في لبنان

الكارثة مستمرة

بحسب خبراء في مجال الطاقة، يحتاج لبنان إلى نحو 3200 ميغاواط لتوفير الكهرباء على مدار 24 ساعة في اليوم، لكنه لم يتمكن من تحقيق ذلك منذ عقود، وينعكس ذلك في ترشيد التيار في معظم المناطق، وهو ما يدفع الكثير من اللبنانيين للاشتراك بمولدات الطاقة الخاصة أو استخدام الألواح الشمسية.

وحول ذلك، قرر البنك الدولي عدم تمويل استيراد الغاز من مصر والكهرباء من الأردن عبر الأراضي السورية، وهو ما كشف عنه وزير الطاقة اللبناني، في وقت تحاول فيه الحكومة اللبنانية حل القضايا المعيشية والاقتصادية والموافقة على خطة الإنعاش التي لا يوجد ضمنها معالجة جدية لواقع الأزمة.

وهذا يعني أن معضلة الكهرباء مستمرة، مما يسبب مزيدا من الألم والمعاناة للبنانيين المستعدين للتصويت في الخامس عشر من الشهر المقبل لاختيار برلمان جديد، تتأمل فيه البلاد التعافي والخروج من الأزمة.

وكشف وليد فياض، الأربعاء الفائت، أن البنك الدولي رفض مشروعا لتمويل استخراج الغاز في مصر وتوليد الكهرباء في الأردن عبر سوريا، معربا عن استغرابه من القرار، ومشيرا إلى أن ورقة الضمان الأميركية حول عقوبات “قانون قيصر” كانت الضامن للحصول على التمويل.

للقراءة أو الاستماع: بدون انترنت وكهرباء.. لبنان خارج التغطية من جديد

الفقر يعشش في بيوت اللبنانيين

الوزير اللبناني، وفي تصريحاته لموقع “الشرق”، إن رفض البنك الدولي الموافقة على المشروع جاء على أساس “دراسة جدوى سياسية”، وأن “الحديث عن الجدوى السياسية لا يتماشى مع أي من شروط البنك الدولي وكذلك شروط واشنطن التي طالبت بيروت بالاستجابة للحصول على التمويل المطلوب وهو 200 مليون دولار سنويا”.

وأوضح وزير الطاقة اللبناني، أن خطة الكهرباء تمت الموافقة عليها بالإجماع من قبل جميع اللبنانيين في هذه المرحلة، مؤكدا على أهمية تنفيذها من أجل تحسين المستوى المعيشي للمواطنين اللبنانيين، وإحياء الحركة الاقتصادية في البلاد، وتسهيل تنفيذ بند الإصلاح الذي يطلبه صندوق النقد الدولي لمساعدة لبنان في أزمته الاقتصادية.

تعليقا على مصير الاتفاقات المتعلقة بتسهيل الولايات المتحدة عملية نقل الغاز المصري والكهرباء الأردنية إلى لبنان عبر سوريا، قالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية لقناة “الحرة”، إن “حكومة الولايات المتحدة تنتظر العقود النهائية وشروط التمويل من الأطراف لضمان توافق مشروعي الغاز والكهرباء مع سياسة الولايات المتحدة ومعالجة أي مخاوف محتملة تتعلق بالعقوبات”.

الجدير ذكره، أنه مرت ثلاث سنوات تقريبا منذ أن بدأ لبنان، الذي كان يُطلق عليه سابقا “سويسرا الشرق الأوسط”، في الغرق ببطء في الفقر. وكما جاء في تقرير “الإسكوا”، يعيش 82 بالمئة من اللبنانيين وغير اللبنانيين في فقر، بينما يعيش 40 بالمائة منهم في فقر مدقع. وهذه الأرقام ناتجة عن أزمة اقتصادية غير مسبوقة بدأت في تشرين الأول/أكتوبر 2019 واستمرت في التفاقم مع تفشي وباء “كورونا”، وانفجار ميناء بيروت، والفساد المستمر داخل الدولة، وأخيرا الغزو الروسي على أوكرانيا.

للقراءة أو الاستماع: الموانئ السورية خارج نطاق الخدمة للسوريين.. ما دور الأردن ولبنان؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.