يترك السوريون منازلهم، متشبثين بأصغر أمل، فبسبب العنف، والأزمة الاقتصادية، وعدم قدرة الحكومة على تلبية الاحتياجات، تصبح الحياة لا تطاق، لكن الظلم الأكبر الذي يتعرض له هؤلاء الفارين، هو تعرضهم للاحتيال، لا سيما وأن أغلبهم تكبد معاناة ليجمع المال من أجل الخلاص.

حيتان السفريات

تستفيد شركات السفر من تلهف الناس إلى مغادرة البلاد، لا سيما الشباب الذين تتركهم لمواجهة مصيرهم في الغربة، وهذا ما وقع مع شباب من مدينة السويداء، والذين راحوا ضحايا عملية احتيال قامت بها إحدى وكالات السفر بالمدينة، والتي وعدت بتأشيرة عمل مضمونة وإقامة في “ساحل العاج” مقابل نحو عشرة ملايين ليرة سورية للشخص الواحد.

وروى شاب من المدينة لموقع “السويداء 24” المحلي تفاصيل قصته، قائلا إنه بعد وصوله إلى ساحل العاج لم يجد عملا ولا سكنا، كما أخبره مكتب السفريات، وأن ثمن كانت التأشيرة أقل بكثير من المبلغ المدفوع للمكتب، لذلك وفور وصوله علم أنه كان ضحية لعملية نصب.

ووصف شاب آخر (حجب الموقع اسمه) واقعة احتيال مماثلة، حيث أخبره أحد الأشخاص في ساحل العاج عن فرص عمل هناك وأنه يمتلك شركة مقاولات وسيؤمن له العمل والسكن، لذلك سافر هو وعشرة من أصدقائه مقابل العمل والسكن، ودفع كل منهم مبلغ يقدر بأكثر من 6 ملايين دولار، وعند وصولهم اكتشفوا أنها خدعة وأن الوعد بفرصة عمل آمنة كان خداعا، وأن الشخص الذي أحالهم إلى صاحب شركة السفر يكسب ما يقرب من 1.5 مليون لكل شخص.

حوادث احتيال مماثلة استغلت حاجة الشباب السوري إلى تحسين أوضاعهم نتيجة للوضع الحالي ورغبتهم في تأمين حياة أكثر استقرارا، كما حدث مع شاب سوري في العراق اعتقلته السلطات العراقية ورحلته إلى سوريا، بعد أن تعرض للاحتيال من قبل أحد مكاتب العمل، حيث تم إيهامه أن هناك فرصة عمل تنتظره في العراق، إلا أنه فوجئ بعدم وجودها بعد أن دفع المال.

للقراءة أو الاستماع: سوريون يبيعون أغراضهم في “سوق الجمعة” من أجل الهجرة

الهجرة نحو أفريقيا

تأشيرة ساحل العاج، وبناء على ما ذكره موقع الحكومة هنالك، فهي الإلكترونية متاحة عبر الإنترنت للمواطنين السوريين. وعادة ما تكون الإقامة قصيرة لمدة 90 يوما ثم تنتهي التأشيرة، ولا يشترط على مقدم الطلب أن يكون حاضرا عند التقدم بطلب للحصول على تأشيرة إلكترونية من ساحل العاج. إلا أن المطلوب ما مجموعه 8 مستندات لتطبيق تأشيرة ساحل العاج الإلكترونية عبر الإنترنت.

ويتكون إجراء التأشيرة الإلكترونية من مرحلتين، أولا يقوم الشخص بالدفع مقابل التأشيرة ثم يحتاج إلى ملء نموذج الطلب.

وبمجرد استلام بريد التأكيد يتم طباعته، لأنه سيتم السؤال عن هذا المستند عند الوصول إلى مطار أبيدجان حيث سيتم تسليم التأشيرة البيومترية الخاصة بالشخص.

وتضاعف عدد وفيات اللاجئين الذين يحاولون الوصول إلى إسبانيا في عام 2021، إذ ما يقدر بنحو 12 شخصا ماتوا أو اختفوا يوميا أثناء محاولتهم الوصول إلى إسبانيا خلال العام ذاته، أي أكثر من ضعف العدد الإجمالي للعام السابق. وتشير التقارير إلى أن هناك ربط مباشر بين ارتفاع الوفيات والجهود المبذولة من قبل خفر السواحل الأوروبي، للحد من الهجرة في البحر الأبيض المتوسط.

الجدير ذكره، أن أبيدجان أكبر مدينة في ساحل العاج والعاصمة السابقة لها، وهي مدينة غنية بتنوعها وأعمالها وتقدم صورة فريدة عن العالم إذ تحتضن أبناء من مختلف جنسيات العالم بحثا عن فرص عمل ومجالات للاستثمار.

للقراءة أو الاستماع: على خُطى السوريين.. ثلث الإيرانيين يريد الهجرة بسبب الوضع الاقتصادي

لماذا يغادر الناس من سوريا؟

الآن في عامها الحادي عشر، تظل أزمة اللاجئين السوريين أكبر أزمة لاجئين ونزوح في العالم في عصرنا. فمنذ اندلاع الحرب داخل البلاد، عانت العائلات من صراع أودى بحياة مئات الآلاف من الأشخاص، ومزق البلاد، وأحدث تراجعا في مستوى المعيشة لعقود كان السبب الرئيسي فيه الحكومة السورية.

حوالي 6.8 مليون سوري هم من اللاجئين وطالبي اللجوء، و6.7 مليون شخص آخر نازحين داخل سوريا. وهذا يعني أن إجمالي عدد النازحين قسرا 13.5 مليون سوري، أي أكثر من نصف سكان البلاد. وما يقرب من 11.1 مليون شخص في سوريا بحاجة إلى المساعدة الإنسانية. ونحو نصف المتضررين من أزمة اللاجئين السوريين هم من الأطفال.

كما أن مراكز الرعاية الصحية والمستشفيات والمدارس والمرافق وأنظمة المياه والصرف الصحي متضررة أو مدمرة، وتم تحويل المعالم التاريخية والأسواق التي كانت مزدحمة في السابق إلى أنقاض. كما قطعت الحرب العلاقات الاجتماعية والتجارية التي كانت تربط الجيران بمجتمعهم.

وعن الأسباب التي تحول دون بقاء السوريين في منازلهم، فإن العنف هو السبب الرئيسي، كما أن البنية التحتية المنهارة من جملة الأسباب التي تؤدي إلى هجرة الشباب، فأكثر من 8 ملايين شخص يفتقرون إلى المياه الصالحة للشرب. ويقدر أن 2.4 مليون طفل خارج المدرسة.

للقراءة أو الاستماع: تزايد الطلب على جوزات السفر وسط استمرار الهجرة من شمال وشرق سوريا