تزايد نشاط طرق التهريب بين مناطق شمال وشرق سوريا مع إقليم كردستان وتركيا، لكن الهجرة غير الشرعية، والتي لم تتوقف منذ عشر سنوات، باتت تشمل مؤخرا نسبة متزايدة من أصحاب الكفاءات سواء المادية أو العلمية، كما وأصحاب المهن؛ ممن لم يكن يفكرون سابقا بالهجرة.

طرق صعبة ومكلفة

ووصل محمد خالد، 22 عاماً، وهو حلاق من مدينة قامشلي، الأسبوع الفائت إلى إقليم كردستان، عبر طرق التهريب، بعدما دفع 3500 دولار مقابل أن يصل بعدها إلى تركيا.وقال شقيق محمد، مفضلا عدم ذكر اسمه، لـ “الحل نت”، إن لديه أيضا رغبة في الهجرة إلى أحد الدول الأوربية، إلا أن ارتفاع تكلفة طرق التهريب إلى نحو 18 ألف دولار، جعلته يقرر التريث لفترة أخرى.

ورغم ارتفاع نسبة الهجرة من المنطقة، إلا أن مناهضين للفكرة على مواقع التواصل الاجتماعي، يرون أنها ليست عصا سحريا، وأن هناك ضريبة سيضطر المهاجر إلى دفعها في المجتمعات الجديدة على حساب عائلته وأطفاله، في ظل انتشار التوترات السياسية في مختلف بلدان العالم.وتمكنت ليلوز جمعة، 25 عاما، مؤخرا من الوصول إلى مدينة هانوفر الألمانية بعد رحلة استغرقت نحو شهرين عبر إقليم كردستان ومن ثم تركيا.

وتركت جمعة عملها في مجال الإعلام بقامشلي، ودراستها في السنة الثالثة بقسم الأدب الإنكليزي بجامعة دمشق، حيث تقول إن حادثة اختفاء أحد اخوتها قبل ثلاث سنوات كان له تأثير حاسم على مغادرتها للبلاد.

وتوضح الشابة أن أخيها كدر،24 عاما، كان يدرس بجامعة الفرات بدير الزور وقد فقدنا الاتصال به في آذار/مارس 2019 في قامشلي، ولا معلومات عن مصيره حتى الآن.

وتضيف جمعة، أن فقدان الأمان والاستقرار هو ما دفعها مع اختها وأخيها الآخر، وهما يدرسان في الجامعة أيضا، إلى الهجرة قبل إنهاء دراستهم، ودفع مبلغ وصل إلى 50 ألف دولار للمهربين.

وبشكل مماثل تستعد طبيبة أسنان من قامشلي في الـ27 من عمرها للهجرة إلى أحد الدول الأوربية “بحثا عن حياة أكثر استقرارا”، متأملة أن تتمكن من تطوير عملها خارج البلاد.

وجاء قرارها بمغادرة البلاد بعد أشهر من افتتاحها عيادة خاصة بريف القامشلي، بعدما تمكن أفراد من عائلتها من الاستقرار في ألمانيا وإرسالهم طلب لم شمل إليها.

قد يهمك: “الإدارة الذاتية” تستحدث مجلسا لتحسين الواقع الاقتصادي

إقبال على الجوازات

في غضون ذلك، تحولت دائرة الهجرة والجوازات الحكومية بالحسكة، إلى مصدر يدر آلاف الدولارات على ضباط من الأفرع الأمنية الحكومية، والمرتبطين بشبكة من السماسرة المنتشرين في المنطقة.

ويقدم سماسرة خدماتهم في استصدار الجوازات بين جواز مستعجل يصل سعره إلى  300 دولار وآخر غير مستعجل بـ 200 ألف ليرة سورية، وغيرها من الوثائق الخاصة بالسفر لمطلوبين من الأجهزة الحكومية، حيث تختلف كل خدمة تبعا لسعرها والمدة المتفق عليها لإنجازها.

وكانت تكاليف استصدار جواز السفر المستعجل بداية العام الفائت تصل إلى 35 ألف ليرة فقط، بينما تكلفة جواز السفر غير المستعجل لم تكن تتجاوز 15 ألف ليرة.ويقول أبو سمير؛ وهو سمسار يعمل منذ سنوات في استصدار الجوازات، إن الطلب على استصدار الجوازات تزايد منذ نحو عام وأن لديه حاليا نحو 40 طلبا للتسجيل على جواز.

وأضاف أن إجراءات استخراج الجواز باتت أصعب في الأشهر الأخيرة، منها محدودية عدد دفاتر الجوازات التي تصل إلى محافظة الحسكة، حيث لا تتعدى 7 دفاتر اسبوعيا وهو ما يجعل من إمكانية التسجيل عليها صعبة جدا.

ويضيف أنهم كانوا يصدرون الدفتر حتى قبل شهر بـ 100 دولار، ولكن الموظفين المرتبطين بضباط داخل الدائرة لا يقبلون بأقل من250 إلى 300 دولار حاليا.وفي حين يسلك المقتدرون ماديا طرق التهريب للوصول إلى إقليم كردستان يغامر محدودو الدخل بعبور الجدار الحدودي مع تركيا بواسطة سماسرة، لكنهم كثيرا ما يتعرضون للضرب المبرح على يد الجندرمة التركية فيما لو اعتقلوا، وقد توفي البعض نتيجة الاعتداء عليهم العام الفائت.

ونشرت قوات الحشد الشعبي قبل يومين تسجيلا مصورا يظهر 22 سوريا ينحدر غالبيتهم من القامشلي وديريك-(المالكية) كانوا قد اعتقلوا أثناء اجتيازهم للحدود في محاولة للوصول إلى إقليم كردستان الذي شددت سلطاته الإجراءات على الحدود منذ أشهر.ويتعرض مثل هؤلاء المهاجرين لاحتمالية التسليم إلى السلطات السورية ما أن تتأكد السلطات العراقية من عدم انتمائهم إلى تنظيم “داعش”.

قد يهمك: إيجارات العقار السكنية إلى ارتفاع في شمال وشرق سوريا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.