عادت الحركة تدريجيا إلى قطاع العقارات بمناطق شمال وشرق سوريا عقب فترة ركود، حيث ساهمت الأمطار والثلوج الأخيرة في تبديد مخاوف السكان من احتمالية تضرر الموسم الزراعي في منطقة لا تزال الزراعة فيه صاحبة التأثير الأكبر على الحركة الاقتصادية رغم ما شهدته من تراجع خلال سنوات الأزمة السورية.

ومع عودة النشاط إلى الأسواق برزت أزمة إيجارات في عدة مناطق منها القامشلي، حيث تجلت في قلة العرض مع ارتفاع أسعار الإيجارات مجددا رغم توفر الآلاف من الشقق والمنازل التي يعزف سكانها عن إيجارها.

تضرر النازحين وذوي الدخل المحدود

وقال أحمد حسين، وهو صاحب مكتب عقاري في حي الكورنيش بمدينة قامشلي، لـ “الحل نت”، “إن السبب الحقيقي للركود في حركة العقارات، كان عزوف رؤوس الأموال في الخارج عن شراءها نتيجة فقدان الشعور بالأمان”، على حد وصفه.

وبات غالبية مُلاك العقارات يحددون إيجاراتها بالدولار الأميركي، الأمر الذي يثقل كاهل النازحين والوافدين وسكان المنطقة ممن لا يمتلكون منازل في ظل واقع اقتصادي متدهور.

وقالت نازحة مقيمة بحي العنترية بمدينة القامشلي، فضلت عدم الكشف عن اسمها، إنها تعاني من مشكلة التنقل بين منازل الإيجار منذ ثلاث سنوات، وهي تبحث عن مأوى لعائلاتها حاليا، لكنها لم تستطع تأمين منزل جديد للانتقال إليه رغم الإنذارات المتكررة لصاحب العقار ومطالبته لهم بالإخلاء.

وأضافت النازحة المتحدرة من رأس العين لـ “الحل نت”، أن صاحب العقار يتحجج في كل مرة ليزيد الإيجار، كان آخرها أن بعضا من أقاربه بحاجة للسكن، لكنه علمت من الجيران بأنه يريد زيادة الإيجار الذي كان يتقاضاه منها و قدره مئة ألف ليرة سورية”.

ورغم بحثها الطويل لم تستطع النازحة استئجار بيت آخر مرجعة السبب إلى أن معظم مالكي العقارات السكنية لا يرغبون بتأجيرها بالليرة السورية، كما أن بعضهم يفضلون تأجيرها للمنظمات المدنية التي تدفع مبالغ أكبر بالدولار.

وكانت مناطق شمال وشرق سوريا قد تحولت إلى مقصد لعشرات الآلاف من النازحين من مناطق سورية مختلفة منذ العام2013، جراء توافر الأمان النسبي، كما استقبلت موجة نزوح في العام 2019 من مناطق رأس العين-(سري كانيه) وكري سبي-(تل أبيض) وذلك بعد عام من وصول المئات من العائلات من منطقة عفرين بعد سيطرة الجيش التركي وفصائل “الجيش الوطني” عليها.

ويعاني النازحون في شمال وشرق سوريا من صعوبة بالغة في تأمين إيجارات المنازل شهريا، لعدم انتظام الدخل لدى غالبيتهم، وقلة فرص العمل، وضعف أجور العاملين، مقارنة بإيجار المنزل، الذي يتراوح بمعدل وسطي بين 25و 175 دولارا أميركيا، تبعا لمواصفات المنزل وموقعه في المدينة.

وقال الصحفي منذر محمد، وهو نازح من عفرين، إنه اننقل مع أربعة من أصدقاءه إلى منزل جديد بحي الهلالية بـ90 دولارا وتسليم الشقة السكنية في حي الموظفين التي اضطروا لاستئجارها بـ200 دولار قبل عامين.

وأضاف لـ “الحل نت” إن الشقة السابقة لا تزال على حالها منذ أشهر بعدما رفع صاحبها تسعيرة الإيجار إلى 250 دولارا.

وتسبب انخفاض قيمة الليرة سورية مقابل الدولار، إضافة إلى استغلال أصحاب مكاتب عقارية ومالكي منازل لأوضاع النازحين، بارتفاع الإيجارات، وسط شكوى من غياب الرقابة من جانب المؤسسات المعنية في “الإدارة الذاتية”.

و أصدر “المجلس التنفيذي” للإدارة الذاتية” في شمال وشرق سوريا في شباط/فبراير من العام الفائت، قرارا يُحدد أسعار إيجارات المنازل في المنطقة، وينظم عملية التأجير والاستئجار.

وحدد القرار إيجار المنازل بتجهيزات ذات مواصفات عادية بمبلغ يتراوح بين عشرة و50 ألف ليرة سورية، كما حدد إيجارات المنازل بتجهيزات ذات مواصفات متوسطة بمبلغ بين 50 ألفا و75 ألف ليرة سورية.

كما حدد القرار إيجار المنازل ذات التجهيزات الممتازة بين 75 و100 ألف ليرة سورية، بينما حدد إيجار المنازل بتجهيزات “سوبر ديلوكس” بين 100 ألف و150 ألف ليرة سورية.

قد يهمك: تراجع الثروة الحيوانية في القامشلي والحسكة.. ما أسبابه؟

“لا شكاوى”

وقال عدنان مسور، مسؤول اتحاد المكاتب العقارية في القامشلي، في تصريح صوتي لـ “الحل نت”، إن “سبب حدوث تجاوزات لدى بعض المكاتب العقارية على القرارات ذات الصلة من “الإدارة الذاتية” المتعلقة بالعقارات، هي امتناع السكان من تقديم الشكاوى لدى الجهات المعنية”.

وأشار مسؤول المكاتب العقارية إلى أن “كل من يتقدم بشكوى سيسترجع حقه، وفق الوثائق الصادرة من “اتحاد الأصناف شمال شرقي سوريا””.
ويضطر المستأجرون إلى توقيع عقد رمزي مع صاحب العقار السكني لتسليمه إلى مجالس الأحياء(الكومينات) بشروط تتوافق مع تعميم “الإدارة الذاتية”، لكنها تخالف الاتفاق الفعلي بين الطرفين.

ويُعتمد نموذج عقد الإيجار والاستئجار الصادر عن “اتحاد الأصناف في شمال وشرق سوريا” بعملية التوثيق، ويُوثق العقد لدى البلدية المعنية، بعد كشف وموافقة “الكومين” وموافقة مكتب الشؤون العقارية لدى الأمن الداخلي.

ويتعرض المخالف لأحكام هذا القرار لغرامة مقدارها ضعف الأجرة المخالِفة، وتُضاعف الغرامة في حال التكرار بالإضافة إلى فسخ العقد المخالِف.

وتشهد مناطق شمال وشرق سوريا ارتفاعا غير مسبوق لأسعار العقارات منذ سنوات، ما جعل شراء منزل بالنسبة لفئة محدودي الدخل حلما بعيد المنال.

قد يهمك: “الإدارة الذاتية” تستحدث مجلسا لتحسين الواقع الاقتصادي

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.