لم تترك الموجة الغبارية الأخيرة التي ضربت العراق، فجر اليوم، أي قطاع يسير في عمله دون أن توقفه، حتى أن الحياة تعطلت بشكل شبه كلي في معظم أنحاء البلاد.

آخر الجديد، هو إعلان وزارة النقل العراقية، مساء الاثنين، إيقاف الحركة البحزية في جميع الموانئ بسبب سوء الأحوال الجوية، ناهيك عن توقف حركة الملاحة الجوية.

فقد أغلقت مطارات البصرة والسليمانية والنجف وبغداد الحركة الجوية وقرّرت تعليقها إلى حين تحسن الأحوال الجوية، في وقت أعلن مطار بغداد الدولي، مساء الاثنين، عودة الحركة الجوية فيه.

تعطيل واختناقات وحوادث

المتنبئ الجوي حسين الأسدي، توقع في وقت سابق من اليوم من خلال تدوينة عبر موقع “فيسبوك”، استمرار موجة الغبار في البلاد حتى صباح يوم غد الثلاثاء. 

وذكر الأسدي، أن “الغبار حاليا يغطي تقريبا 70 بالمئة من مساحة العراق، ويستمر اليوم والليلة بكثافة مختلفة بين منطقة وأخرى، وفي وقت لاحق من الليلة يبدأ الغبار يترسب تدريجيا من مناطق الشمال والوسطى والغربية، وربما يستمر حتى صباح الغد الثلاثاء بشكل خفيف ومتوسط ثم ينتهي”. 

صباح اليوم،، أعلنت وزارة التربية تعطيل الدوام في المدارس وتأجيل الامتحانات، وذات الأمر فعلته وزارة التعليم العالي مع الجامعات، قبل أن تقوم 7 محافظات بتعطيل الدوام الرسمي لهذا اليوم.

من جهتها، أكدت وزارة الصحة في بيان رسمي، تسجيل 2000 حالة اختناق نتيجة العاصفة الترابية الحمراء الأخيرة، خلال ساعات الصباح الأولى من اليوم الاثنين.
  
في السياق، قالت دائرة صحة كركوك، إن “الموجة التي تضرب العراق محملة بأتربة غاية في الضرر للجهاز التنفسي (مادة PM 2.5)، وهذه المادة تسبب الجلطات ٲيضا، فتاثيرها مثل تٲثير الدهون المضرة التي تضر بجدار الأوعية الدموية”.      

للقراءة أو الاستماع:

وسجّلت معظم المدن العراقية، عشرات حوادث السير؛ بسبب انعدام الرؤية التي اقتصر مداها على بضعة أمتار فقط.

300 يوم مغبر

“مديرية الدفاع المدني”، سارعت بنشر فرقها ومفارزها في عدد من شوارع العاصمة بغداد وبقية المحافظات العراقية؛ وذلك من أجل  إسعاف الحالات الطارئة.    

وفي مشهد بدأ العراقيون بالاعتياد عليه، غطت طبقات الرمال، اليوم، المباني والسيارات المركونة في الشوارع وأثاث المنازل، وحجبت سحب الغبار السميكة، الرؤية لمجرد بضع أمتار قليلة.   

وشهد العراق تسجيل 122 عاصفة ترابية خلال 283 يوما في سنة واحدة. ومن المتوقع أن تسجّل البلاد في السنوات المقبلة 300 يوم مغبر في كل سنة، حسب وزارة البيئة العراقية.

وفق منظمة “حماة دجلة”، فإن التصحر واستمرار زيادة الأراضي المتصحرة والجفاف وارتفاع درجات الحرارة، وقلة التشجير مع عدم وجود حزام أخضر، هي من أهم الأسباب التي تؤدي لحدوث العواصف الرملية.

كدليل على ذلك، بلغت نسبة مساحة الغابات الطبيعية والاصطناعية 1.6 بالمئة فقط من مساحة العراق الكاملة، حسب إحصائية أعدّها “الجهاز المركزي للإحصاء”، في عام 2020.

ذات الإحصائية، أكدت أن 69 بالمئة من مساحة العراق تعد أراضي متدهورة؛ لأن 15.6 بالمئة منها هي أراضي متصحرة و53.9 بالمئة هي أراضي مهدّدة بالتصحر.

تهاون

يحتاج العراق إلى 14 مليار شجرة لإحياء المناطق التي تعاني من التصحر، والحفاظ على بيئته من التغيرات المناخية، وفق وزارة الزراعة العراقية.

للقراءة أو الاستماع:

تهاون الحكومة مع من يحولون الأراضي الزراعية إلى مجمعات سكنية سبب آخر وراء التغير المناخي؛ إذ فقد العراق 60 بالمئة من الأراضي المزروعة والصالحة للزراعة، نتيجة التجريف والتجاوزات، حسب وزير البيئة حسن الفلاحي.

ولا يقتصر التغير المناخي في العراق على التصحر وحصول العواصف الترابية فقط، بل يعاني من شح المياه أيضا.

وستعاني البلاد من عجز مائي تصل نسبته إلى 10.8 مليار متر مكعب بحلول عام 2035، على حد قول رئيس الجمهورية برهم صالح في تصريح صحفي بوقت سابق.

العجز المائي الذي تحدّث عنه صالح، هو بسبب تراجع مناسيب مياه دجلة والفرات والتبخر بمياه السدود وعدم تحديث طرق الري، وفق وزارة الموارد المائية العراقية.

يجدر بالذكر، أن العراق يصنّف الأول عالميا بالتغيرات المناخية مما ينذر بجفاف كبير، ويعد من أكثر البلدان تضررا من ناحية شح المياه والأمن الغذائي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.