تعاني سوريا من أزمات متعددة، فبالإضافة للوضع الاقتصادي والمعاشي المتدهور للمواطنين، تبرز أوجه أخرى للأزمات منها التعامل مع صرافات البنوك مع بداية كل شهر،لا سيما وأن معظمها يكون معطلا، بالإضافة للإجراءات المعقدة في البنوك، ومشاكل مكاتب التحويل، حتى في مجال إنجاز المعاملات الحكومية تبرز المعاناة القديمة المتمثلة بالروتين والرشاوى.

حكومة دمشق، تتحدث مؤخرا عن مشاريع رقمية والكترونية، كتحول الدفع إلى دفع إلكتروني، والتعامل الرقمي فيما يشبه حكومة رقمية، على الرغم من افتقار البلد لأبسط أنواع البنية التحتية، والتقنية لإنجاز هذه المشاريع.

مشروع تحول رقمي؟

مديرة التخطيط وتعزيز التنافسية في وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية السورية، نبيلة نبعة، قالت إن الاقتصاد الرقمي في سوريا يتسم حاليا بعدم وضوح الملامح الدقيقة، مما يتطلب بذل المزيد من الجهود لرسم هذه الملامح، ومن ثم البدء بتفعيل البرامج اللازمة للنهوض به باعتباره “فرصة كامنة” يمكن الاستثمار فيها لتكون رافعة حقيقية للاقتصاد الوطني، بحسب موقع “هاشتاغ” المحلي، اليوم الاثنين.

وحول المشروع، أوضحت نبعة، أنه من الصعوبة بمكان وخاصة في الوضع الراهن العمل بوتيرة سريعة والنهوض بالبنى التحتية لمشروع تكنولوجيا المعلومات لتأمين مستلزمات الإنتاج، إنما سيكون التطور على مراحل زمنية وضمن برامج بعيدة المدى.

من جانبها، قالت معاون وزير الاتصالات والتقانة، فاديا سليمان، إن الانتقال إلى الخدمات الرقمية أمر لازم وضروري بالرغم من كافة الصعوبات الظروف الراهنة.

ولفتت سليمان إلى أن الكلف الاستثمارية في البداية كانت كبيرة جدا، أما بالنسبة للبنى التحتية التي يمكن ألا تساعد كثيرا في تحقيق إنجاز التحول الرقمي في ظل غياب الدعم اللوجستي من قِبل المنظمات الدولية ومشاركتها فقط من ناحية الدعم الفني.

قد يهمك:الدفع الإلكتروني في سوريا.. من المستفيد الحقيقي؟

الدفع الإلكتروني يواجه صعوبات

مع مطلع الشهر الحالي، منحت الهيئة الوطنية لخدمات الشبكة تصريحا أوليا لعمل تطبيق “إي ليرة” المختص في مجال خدمات الدفع الإلكتروني، من ضمن 4 شركات تقدمت للحصول على تصريح تطـبيق يقدم خدمات دفع إلكتروني وهي “إي ليرة””، و”إي كاش”، و”سدادي”، و”سيدرة”.

وطالبت الهيئة من الشركة المشغلة للتطبيق استكمال الموافقات اللازمة من مصرف سوريا المركزي، تمهيدا لمنحه التصريح النهائي، وذلك استنادا إلى الضوابط والنواظم الخاصة بالتطبيقات الإلكترونية العاملة على الشبكة، حيث يقدم التطبيق خدمات الدفع الإلكتروني للعموم، بما فيها تسديد الفواتير والرسومات والاشتراكات والأقساط والخدمات الإلكترونية لكل المؤسسات المتوسطة والكبيرة ذات النشاط التجاري أو الصناعي أو الخدمي أو التعليمي في القطاعين العام والخاص، بحسب متابعة “الحل نت”.

الباحث الاقتصادي، أدهم قضيماتي، قال في وقت سابق لموقع “الحل نت”، إن مشروع الدفع الإلكتروني يحتاج لبنية تحتية ملائمة وهي غير موجودة في مناطق سيطرة حكومة دمشق، فهي بنية خاصة بأنظمة متطورة، كالاتصالات والأنترنت، والبنية التحتية السورية بشكل عام تعرضت لدمار كبير خلال السنوات الماضية، دون أن يكون هناك قدرة حكومية على إعادة تأهيلها.

وأضاف قضيماتي، أنه لو تم العمل على هذا المشروع، فإنه سيواجه العديد من المشاكل، أبرزها نقص المحروقات وبالتالي نقص الطاقة الكهربائية التي تعتبر حجر أساس في المشروع، بالإضافة للحاجة لوجود كادر متخصص، وهو ما تفتقر إليه سوريا.

الدفع الإلكتروني، من التطبيقات التي تدر أرباحا مادية كبيرة لا تقل بأهميتها عن أرباح شركات الاتصالات، ولكن بحسب قضيماتي، فإن الحكومة السورية لا تملك الأموال لإنجاز هذا المشروع، كما أنه ليس لديها القدرة التقنية لتصنيع التجهيزات والمعدات الخاصة به، وبالتالي فلا بد أن يكون هناك اتفاق لتوريد المعدات إما من روسيا أو إيران، بالإضافة لجلب خبرات من إحدى هاتين الدولتين، لافتقار سوريا لخبرات متخصصة في هذا المجال، وبالتالي فلن يكون المشروع وطنيا سوريا بشكل كامل.

أما بالنسبة لعوائد المشروع، فيرى قضيماتي، أنها ستعود لأشخاص محددين في الحكومة، بالشراكة مع الجهة المنفذة للمشروع، وبالتالي فلا يمكن لأرباح هذا المشروع أن تدخل في موازنة الدولة أو الاقتصاد الوطني بشكل عام، ولن تنعكس بأي أثر إيجابي على المواطن، فالمشروع ليس سوى أحد المشاريع التي يهدف من خلالها أشخاص محددين على الاستحواذ على ما تبقى من الاقتصاد السوري.

إقرأ:سوريا.. الصرافات الآلية خارج الخدمة والدفع الالكتروني وهم

يذكر أن الدفع الإلكتروني، هو نظام يقوم على سداد وتحويل الأموال بشكل إلكتروني بعيدا عن النقود الورقية “الكاش”، بحيث يتم تحويل الأموال من ماكينة إلى ماكينة أخرى اعتمادا على شيفرات رقمية سرية لا يعرفها سوى العميل والجهة التي يتعامل معها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.