عملية تثبيت الزواج في سوريا، من المعاملات القانونية والإدارية البسيطة، من حيث الأوراق المطلوبة، وآلية تثبيت العقد في المحاكم الشرعية، ورسوم بسيطة تدفع في المالية، ولكن الحكومة تعمل من خلال بعض القرارات على زيادة الأعباء المالية على المواطنين حتى في أبسط معاملاتهم الحكومية ومنها الزواج.

التقرير الطبي إلزامي

التقرير الطبي الذي يثبت خلو الخاطبين من الأمراض السارية أحد الأوراق المطلوبة في تثبيت عقد الزواج، لكنه في السابق لم يكن ملزما، كما لم يكن قادرا في حال عدم وجوده على تعطيل عقد الزواج.

وفي هذا السياق، أصدر وزير العدل،أحمد السيد، تعميما على كافة قضاة المحاكم الشرعية يوم أمس، يقضي بعدم إجراء المعاملات الخاصة بعقد الزواج مالم يكن مرفقا بها التقرير الطبي والتحاليل اللازمة، الصادرة عن مخبر وعيادة ما قبل الزواج في نقابة الأطباء، وذلك حرصا على الصحة العام.

وأكد التعميم الذي حصل موقع “الحل نت” على نسخة منه على إدارة التفتيش القضائي والمحامين العامين مراقبة حسن تطبيق أحكام التعميم.

التعميم الذي صدر عن وزير العدل أثار استياء لدى المواطنين على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث اعتبرت شريحة كبيرة من السوريين أن إلزامية التقرير الطبي ما هي إلا طريقة جديدة لـ”تشليح” المواطن، وفتح باب جديد لدفع الرشاوى في المراكز الطبية التابعة لوزارة الصحة للحصول على التقارير بسرعة ودون إجراء الفحوص المطلوبة أصلا.

إقرأ:تخفيفاً لأعباء الزواج.. هل يختفي “المهر” من المجتمع السوري؟

التقرير الطبي يشكل عبئا ماديا وغياب للرقابة على المخابر

في آخر قرار برفع تكلفة التقرير الطبي الخاص بالزواج عام 2020، بلغت هذه التكلفة 55 ألف ليرة، بعد أن كانت 15 ألف ليرة قبل ذلك، بينما تتجاوز في المراكز المخبرية الخاصة الـ100 ألف ليرة،حيث تبرر نقابة الأطباء ارتفاع التكاليف نتيجة لارتفاع أسعار المواد المستخدمة في هذه التحاليل، بحسب متابعة “الحل نت”.

وفي العام 2008، أطلقت نقابة الأطباء بالتعاون مع وزارة الصحة مشروع عيادات ما قبل الزواج منذ عام وعممته على معظم المحافظات وباتت فحوصها إلزامية ومن الشروط المطلوبة لإتمام إجراءات الزواج مع العلم أنها لا تستطيع اتخاذ قرار بمنع الزواج في حال وجود أي خلل وراثي لدى العروسين ويقتصر دورها على إعطاء نصيحة بعدم إتمامه.

وحول ارتفاع تكاليف الفحوص المخبرية للزواج، قال رئيس هيئة المخابر الطبية السابق غسان شنان، أكد أن ارتفاع أسعار الخدمات والتحاليل في المخابر الطبية، يعود إلى أن “معظم المواد المستخدمة في المخابر هي مستوردة، وتتأثر بسعر صرف الدولار أمام العملة المحلية“.

وأضاف أن المواطن غير قادر على تحمل كلفة المخابر الطبية، ونتيجة لارتفاع الأسعار أصبحت بعض المخابر تستخدم مواد رخيصة وذات جودة منخفضة، ما تسبب بتراجع مستوى الخدمات المقدمة في المخابر، مشيرا إلى غياب الرقابة على عمل المخابر، وذلك بسبب إلغاء هيئة المخابر الطبية بقرار من وزارة الصحة، الأمر الذي “لا يوجد له مبرر”، بحسب متابعة “الحل نت”.

قد يهمك:ازدياد حالات الزواج الثاني في سوريا.. أعلى مهر 15 ألف ليرة ذهبية

كيف يتم تثبيت الزواج؟

في عملية ثتبيت الزواج بسوريا، هناك حالتين رئيسيتين، الأولى تتم في المحاكم الشرعية وفق ما تعرف بإضبارة الخاطب والمخطوبة، عندما يكون العروسان عازبين، حيث يتم الحصول على استمارة للزواج من خارج المحكمة، بالإضافة لرسوم في المالية وطوابع قضائية ومالية، ويحتاج الخاطب العازب إلى موافقة من شعبة التجنيد التي يتبع لها في حال لم يكن قد أتم الخدمة العسكرية الإلزامية، بالإضافة للتقرير الطبي الذي بات إلزاميا بعد تعميم يوم أمس، ووجود شاهدين.

ويتم إنجاز ملف الزواج في ديوان المحاكم الشرعية، ثم يعرض على القاضي الشرعي، الذي يتأكد من شروط عقد الزواج من الخاطبين ليكون جاهزا بعد ذلك.

ولكن في المقابل، يعمد الكثير من السوريين إلى الزواج خارج نطاق المحكمة، بما يعرف محليا بـ”عقد الشيخ”، حيث يقوم أحد رجال الدين بإجراء عقد زواج غير مثبت، وفي هذه الحالة يحتاج الزوجان لتثبيته بشكل إلزامي عند إجراء أي معاملة تتعلق بهما، كتسجيل المواليد، وإثبات النسب، وحصر الإرث وغيرها.

وفي هذه الحالة يحتاج الزوجان إلى إخراج قيد لكل منهما من دوائر النفوس، وتقرير طبي من أحد المشافي الحكومية يثبت أن الزوجة حامل إذا كانت كذلك، ويتم تثبيت العقد في المحكمة، وفي الحالات الأخرى، كإثبات النسب، والإرث، هناك أوراق إضافية، كشهادة الوفاة للزوج أو الزوجة، وأحيانا فحوص مخبرية معينة أو ما يمكن أن تطلبه المحكمة غير ذلك.

إقرأ:المخابر تخاف من الدولار وتحاليل زواج السوريين بـ100 ألف

تسعى الحكومة لزيادة الأعباء على المواطن بحجة الصحة في نواح دون أخرى، في ظل تردي القطاع الصحي الذي يعاني انهيارا كبيرا، بما فيه قطاع المخابر التي انخفضت جودة فحوصها نتيجة لاستخدام مواد رخيصة الثمن بعد الارتفاع الكبير في أسعار المواد المستوردة.