تختلف صور “المهر” من مجتمع إلى آخر. ففي المجتمع السوري عادة ما يشترط أن يكون “المهر” على شكل شراء كمية من الذهب للعروس، وتختلف كميته حسب قدرة الشاب المادية، وهذه العادة تختلف من محافظة إلى أخرى في سوريا، وفي بعض المحافظات، يُشترط أن يكون “المهر” على شكل مبالغ مالية محددة سلفا، وغالبا ما تتعلق بالحالة الاجتماعية والوجاهة العائلية لأسرة العروس.

ومع ذلك، يبدو أن ارتفاع سعر الذهب إلى أعلى المستويات، وهو ما يفوق قدرة نسبة كبيرة من الشباب في البلاد اليوم، حيث تقوم العديد من الأسر مؤخرا بتزويج بناتها بتكاليف أقل نتيجة لسوء الأوضاع المعيشية، وهناك آراء تشجع على إلغاء مسألة “المهر” وحصره في شراء “المحابس” فقط للمقبلين على الزواج، نتيجة تدهور الأوضاع الاقتصادية لمعظم السوريين في الداخل وتوخيا لتخفيف أعباء الزواج، وأن لا يكون “المهر” عائقا أمام الزواج.

الاكتفاء بـ “المحابس”

لم تقتصر تأثيرات الأسعار القياسية التي سجلها الذهب مؤخرا على النشاط الاقتصادي وحركة بيع وشراء المعدن النفيس وادخاره، بل تعداها وصولا إلى المناسبات الاجتماعية التي يأتي الزواج في مقدمتها، حيث اكتفت فئة المقبلين على الخطوبة والزواج في العديد من المحافظات في سوريا باليسير من الذهب لا يتجاوز في أحيان كثيرة خاتم الخطوبة فقط، وفق تقرير لصحيفة “تشرين” المحلية اليوم السبت.

وتقول إحدى السيدات للصحيفة المحلية، “قبل سنوات كان الذهب أحد أهم أساسيات الزواج التي كان يجب على العريس تقديمها لعروسه يوم الخطوبة، وكان وزن القطع المقدمة لا يقل عن 50 غراما، وتشمل غالبا الحابس والمحبس والحلق وإسوارة أو اثنتين وأحيانا العقد، وكان ثمة ما يشبه السباق بين العائلات على اقتناء الذهب يوم الخطوبة، ليكون مقدار ما يجري تقديمه للعروس حديثا يجري على ألسنة الناس وقتا طويلا بل هو مضرب للمثل”.

وتردف السيدة في حديثها: “كل ذلك بات من الذكريات، فمع تجاوز سعر غرام الذهب الـ200 ألف ليرة سورية، بات أغلبية المقبلين على الزواج اليوم تكتفي بالمحبس بوزن لا يتجاوز أربعة أو خمسة غرامات، حتى هذا المحبس بات هما يشغل البال بعد أن وصل سعره إلى مليون ليرة.

وحول قضية المهور التي تشغل الشباب، أشار القاضي الشرعي الثالث في دمشق خالد جندية، في تصريحات صحفية يوم أمس، إلى أن القانون لم يحدد للمهر حدا أعلى أو أدنى، وأعلى قيمة مهر سُجلت منذ عدة أشهر بلغت 15 ألف ليرة ذهبية، لافتا إلى أن الرقم الوسطي للمهور يتراوح بين مليون إلى خمسة ملايين ليرة سورية.

قد يهمك: ازدياد حالات الزواج الثاني في سوريا.. أعلى مهر 15 ألف ليرة ذهبية

يجب تقييد مسألة “المهر”

ضمن هذا الإطار، يرى الشاب محمد أثناء حديثه لصحيفة “تشرين” المحلية، أن “مسألة تقديم الذهب في مناسبات الزواج، تعد نسبية وتختلف من بيئة لأخرى وتخضع للظروف المادية للعريس، والأهم من ذلك حسب رأيه مدى التفاهم بين العروسين على هذه المسألة”.

ولفت إلى أن “قيمة الذهب كثرت أم قلت لن تجلب معها السعادة الزوجية بل بالعكس كانت في حالات كثيرة موضع خلاف بين أهل العروسين وسببت مشكلات وصل صداها إلى المحاكم”.

وتعليقا على الأخبار التي يتم تداولها بين الحين والآخر على مواقع التواصل الاجتماعي حول تقديم البعض كميات كبيرة من الذهب كـ “مهر”، أشار الشاب نفسه إلى أن “هذا الأمر خاطئ ولا يجب الالتفات له أو التقيد به، بل يثير مشاعر الغيرة والتنافس وقد يكون سببا لانتهاء الزواج قبل حدوثه”، في إشارة إلى ضرورة إلغاء هذه العادة من قاموس الزواج وخاصة أن الأوضاع المعيشية في عموم البلاد باتت “متدهورة”.

وضمن سياق الأسعار المرتفعة للذهب، خرجت أصوات أهلية للمطالبة بإلغاء الذهب مؤقتا كشرط لازم لإتمام الخطوبة والزواج لعدم القدرة على اقتنائه وتقديمه، بحسب تقرير الصحيفة المحلية.


الزواج أصبح عبئا

أما حول الزواج وتكاليفه، يقول أبو نسيم 60 عاما، لصحيفة “تشرين” المحلية، اليوم السبت، إنه وفي ظل الظروف الاقتصادية الصعبة صار الزواج عبئا على الكثير من الشباب الذين لم يعودوا قادرين على مجاراة ارتفاع الأسعار وخصوصا الذهب.

وعليه، لا بد من مراعاة أوضاع الشباب المادية و يجب ألا يقف الذهب حجر عثرة في وجه المقبلين على الزواج، فالتيسير بالأمر مهم ومطلوب، لذلك لا بد أن تتكون ثقافة مغايرة للتي كانت سائدة سابقا والتي كانت تشترط الذهب كأحد أساسيات الزواج وإلا تسبب الأمر في عزوف كثيرين عنه، على حد وصف أبو نسيم.

واختتمت الصحيفة المحلية تقريرها نقلا عن أحد الصاغة بالقول: “تراجع الذهب في حفلات الخطوبة والزواج، حيث يوجد تبدل في الأولويات لدى الزبائن مع وجود عزوف شبه كامل عن القطع المشغولة فنيا التي عادة ما كان يتم اقتناؤها للمناسبات الاجتماعية كالزواج والأعياد وغيرها، كما أن الأسعار الحالية التي بلغها المعدن النفيس بدأت تضغط باتجاه تخفيض الذهب في حفلات الزفاف والأعراس”.

ارتفاع نسبة تعدد الزوجات

القاضي الشرعي الثالث في دمشق خالد جندية أكد ارتفاع نسبة تعدد الزوجات في سوريا، حيث كانت تشكل 30 بالمئة، من مجمل عقود الزواج، موضحا أنه بسبب الحرب وهجرة الشباب وقلتهم، أصبحت بعض النساء تتقبل فكرة الزواج الثاني على حد تعبيره.

وقال جندية في تصريحات نقلتها إذاعة “شام إف إم” المحلية يوم أمس إن: “نسب الطلاق والزواج متقاربة في السنوات الأخيرة، ولكن هناك ازدياد بنسب الطلاق عما كانت سابقا، وذلك لعدة أسباب منها الوضع الاقتصادي المعيشي الحالي، حيث حالة الفقر تؤدي لوقوع الخلافات وبالتالي ينتهي الأمر بالطلاق، إلى جانب أسباب شخصية أخرى تتعلق بفارق العمر بين الزوجين، أو التقارب العمري، أو قلة الانسجام والتفاهم“.

وكشف جندية عن آخر إحصائيات الزواج والطلاق في دمشق وأضاف: “عام 2020 سجلت 30 ألف حالة زواج و10 آلاف حالة طلاق، أما في عام 2019 تم تسجيل 26 ألف حالة زواج و9500 حالة طلاق“، مؤكدا أن حالات الزواج أكبر من حالات الطلاق“.

قد يهمك:  ظاهرة زواج القاصرات ترتفع إلى الضعف في سوريا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.