سواء كانت الأخبار المحلية حول ضبطيات المخدرات المعلنة من وزارة الداخلية أو الأخبار الإقليمية أو العربية حول الشحنات المهربة المضبوطة، فإن أخبار المخدرات أصبحت في سوريا شبه يومية، إلا أن الأرقام والنسب حول التعاطي والتجارة والتهريب داخل البلاد، أصبح مصدر قلق يستدعي اهتماما كبيرا وتدخلا فوري.

200 قضية مخدرات شهريا

حجم المشكلة يصل إلى حد أن الخبراء يصفون سوريا بـ “دولة المخدرات”، إذ أصبحت تجارة المخدرات مصدرا رئيسيا للدخل في بلد انهار اقتصاده، حيث قال المركز القبرصي، “على الرغم من أن تهريب الكبتاغون كان يوما ما جزءا من مصادر التمويل التي تستخدمها الجماعات الإرهابية كنتظيم داعش، إلا أن تعزيز سيطرة دمشق وحلفائها الإقليميين سمح لهم بأن يصبحوا المستفيدين الرئيسيين من تجارة المخدرات”.

المدعي العام في دمشق، القاضي خالد معربوني، اعتبر النقاش حول انتشار المخدرات بدأ نتيجة تسليط الضوء على هذه الحالات والاهتمام الإعلامي بها، وفيما يتعلق بعدد القضايا المعروضة على المحاكم، فهي تقريبا واحدة ولم تختلف في السنتين السابقتين، حيث أحيل إلى محاكم دمشق، ما بين 150-200 دعوى كل شهر، معظمها حالات تعاط، حيث لا تمثل قضايا التهريب سوى 3 بالمئة من جميع المضبوطات.

ويعتقد معربوني، خلال حديثه لصحيفة “البعث” المحلية، اليوم الخميس، أنه لا يمكن اعتبار سوريا بلدا منتجا للمخدرات كما يدعي البعض، لأن الإنتاج يتطلب مساحات شاسعة من الزراعة والمختبرات، وهي غير متوفرة، وليس هناك دليل على زراعة أو تصنيع مواد مخدرة في المناطق الخاضعة لسيطرة الدولة، في حين يمكن زراعة القنب، ويمكن العثور عليه في بعض المناطق الحدودية غير الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية، أما الاستهلاك والتهريب فلا يمكن إنكاره، فسوريا دولة عبور للمخدر من تركيا والعراق ولبنان، وهي ظاهرة قديمة جديدة، ودائما تبتكر الشبكات وسائل جديدة للتهريب، وفق قوله.

ووفقا لماربوني، يعتبر القنب أكثر المخدرات استحداما ويتم الإتجار بها، نظرا لتدني تكلفته وتوافره في المناطق الحدودية والريفية، يليه أقراص “الكبتاغون” و”الهيروين” و”الكوكايين” و”الكريستال”، حيث يشكل الذكور البالغون 88 بالمئة من حالات التعاطي، ومن في سن “الحدث” 8 بالمئة، والنساء 6 بالمئة.

المحامي العام، أكد أن “معظم القضايا الواردة للمحكمة هي حالات فردية، ولا يمكن القول إن هناك شبكات منظمة، إنما يوجد تاجر صغير، وتاجر كبير يستغل حاجة البعض لتشغيلهم، كما تواكب الأجهزة المختصة وسائل التواصل الاجتماعي، وتحاول من خلالها إلقاء القبض على المتاجرين بالمواد المخدرة”.

الحدود تكشف المستور

وعلى عكس ما صرح به المدعي العام في دمشق، القاضي خالد معربوني، فتحت العين الساهرة للكاميرات المنتشرة على طول الحدود بين الأردن وسوريا – وهي منطقة تهريب تقليدية في وسط الصحراء – تراقب قوات الأمن الأردنية نمطا وحركة مثيرة للفضول منذ شهور.

ووفقا لما صرح به الجيش الأردني، لصحيفة “ليموند” الفرنسية، في منتصف أيار/مايو الفائت، فإن المملكة لديها أدلة بالفيديو تثبت التعاون بين مهربي المخدرات وحرس الحدود السوريين، إذ تُظهر اللقطات مهربين لجأوا إلى نقاط حدودية عندما أطلق حرس الحدود الأردنيون النار.

وأكد الجيش الأردني، أن الكاميرات رصدت رجال في سيارات مجهولة الهوية، يشتبه في انتمائهم لميليشيات تابعة لإيران، وهم يصلون إلى تلك المنشآت لتوجيه طائرات مسيرة محملة بالمخدرات إلى الأردن.

وبحسب الصحيفة، فقد تزايد تعاطي المخدرات في المملكة الأردنية الهاشمية، على خلفية ارتفاع معدلات البطالة، لكن البلاد تستخدم بشكل أساسي كبلد عبور إلى المملكة العربية السعودية، الوجهة الرئيسية لتهريب “الكبتاغون” من سوريا، إذ يباع هناك بما لا يقل عن عشرة أضعاف سعره الأصلي، بسبب شعبيته الكبيرة بين الشباب السعودي.

المخدرات تنتشر مع “حزب الله”

منذ عام 2017، تم ضبط مخدرات على نطاق واسع في البلدان المجاورة العراق والأردن ولبنان وتركيا والخليج، وأيضا في بعض الموانئ الإيطالية واليونانية، وبناء على مضبوطات المخدرات التي تم الإعلان عنها عام 2021، قدر معهد “نيو لاينز” الأميركي القيمة المحتملة لصادرات المخدرات السورية بأكثر من 5.7 مليار دولار (حوالي 5.1 مليار يورو).

وتقع معظم المعامل الإنتاجية في مناطق سيطرة دمشق، من حلب إلى السويداء مرورا بدمشق وحمص، حيث أكد خبراء سوريون، أنه يتم استيراد الأدوية والكيماويات، في معظمها، من لبنان ويتم تحضيرها في سوريا في مختبرات صغيرة، كما يتم عبور “الكبتاغون” والحشيش اللبناني الأفضل جودة عبر سوريا.

وبحسب المختصين، فإن “حزب الله” اللبناني يسيطر ويشرف بوسطائه على إنتاج المخدرات في لبنان، وكذلك على عبور البضائع والمواد الخام إلى سوريا، حيث أصبحت الحركة اللبنانية خبيرة في هذا المجال منذ حرب 2006 ضد إسرائيل، بمساعدة القوات الإيرانية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة