صناعة وتجارة المخدرات في الجنوب السوري لم تعد تؤرق الأردن فقط كدولة مجاورة تستهدفها عمليات تهريب شبه يومية تنفذها الميليشيات الإيرانية عبر وكلاء لها في المنطقة، بل باتت مصدر رعب داخلي في درعا والسويداء، إذ تنتشر ظاهرة الإدمان على حبوب الكبتاجون والترامادول والحشيش على نطاق واسع، لم يستثن أي فئة عمرية، كما لم يفرق حتى بالجنس.

وتشير كل المعطيات والمعلومات الواردة من الجنوب السوري، والتي حصل عليها موقع “الحل نت”، إلى تورط الميليشيات الإيرانية، وحزب الله اللبناني، والأجهزة الأمنية السورية بنشر المخدرات بين المواطنين، وغياب أي رقابة أو ملاحقة للتجار والمروجين الداخليين.

السويداء تدخل مرحلة تصنيع الكبتاجون

بحسب أيمن أبو محمود، الناطق باسم “تجمع أحرار حوران” لموقع “الحل نت”، فإن ميليشيا حزب الله اللبناني بدأت مؤخرا بإنشاء عدد من معامل (مكابس) تصنيع الكبتاجون في السويداء، كما أنشأت من قبل في درعا.

وأضاف أبو محمود، أن مجموعة تابعة لميليشا حزب الله اللبناني، ينحدر عناصرها من منطقة بعلبك اللبنانية، اتفقوا قبل أيام مع أحد الفصائل المحلية المدعومة من الأمن العسكري على تجهيز معمل لصناعة الكبتاجون في إحدى بلدات الريف الشمالي من السويداء، مضيفا أنه تم نقل آلات كبس الحبوب من ريف حمص إلى السويداء.

وبحسب المعلومات، فإن إيران من خلال ميليشاتها تسعى لتوسيع عملية التصنيع للحبوب المخدرة في الجنوب، نظرا لقربها من الحدود الأردنية من جهة، ولإغراق أبناء الجنوب بتعاطي المخدرات ليسهل التحكم بهم من قبلها.

إقرأ:المخدرات منتشرة في البقاليات والأكشاك.. ووزارة الداخلية السورية تكذب فقط

بيع الحبوب المخدرة علني وبتسهيل من الأجهزة الأمنية

تجارة المخدرات في الجنوب السوري، تحولت إلى عملية علنية، فمنذ عملية التسوية في 2018 نشطت المجموعات والخلايا التابعة للميليشيات الإيرانية بترويج الحبوب المخدرة والحشيش في درعا والسويداء، وذلك بمعرفة الأجهزة الأمنية السورية.

وفي هذا السياق، أكد تقريرعن موقع “السويداء أي إن إس”، وصول شكاوي من أهالي طلاب مدرسة كمال عبيد ومدرسة التجارة عن تورط أبنائهم بتعاطي المخدرات، وذلك من خلال شبكة يعمل فيها عدد من الأطفال، حيث تفيد المعلومات بوجود عدد من الأطفال أمام المدارس يقومون ببيع حبوب الكبتاجون بشكل علني.

وأضاف التقرير، أن عمليات البيع تتم بأسعار أقل من السوق بكثير، لتوريط أكبر عدد من المراهقين بالتعاطي، ومشيرا إلى أن مدراء المدارس رفضوا التدخل بحجة أن سلطتهم تنحصر داخل أسوار مدارسهم.

وأوضح التقرير أن الأطفال الذين يبيعون الحبوب المخدرة يتمتعون بحماية الأجهزة الأمنية بشكل علني، والتي منعت الأهالي عدة مرات من الإمساك بهؤلاء الأطفال.

وحول هذا الموضوع، أكد الناشط من السويداء، حسن سليمان، لموقع “الحل نت” صحة هذه المعلومات، مضيفا أن هذه العمليات ليست جديدة، وقد تم توريط الأطفال فيها بشكل كبير وبينهم إناث لا تتجاوز أعمارهن الـ13 سنة، ما أدى لتحولهم لضحايا في أمور أخرى لاحقا.

وأوضح سليمان، أن إيران تسعى لإغراق المجتمع بالفساد وعدم المسؤولية والجرائم، وبالتالي سيكون المجتمع حياديا تجاه قضاياه، ولن يشكل أي تهديد على المصالح الإيرانية، وحتى الجيل الذي يمكن أن يصنع فارقا في المستقبل فهو أيضا مستهدف أي اليافعين وطلاب المدارس، لتحييدهم وجعلهم غارقين في الإدمان، وهذه جريمة أخرى إذا لم يلتفت لها المجتمع ستكون عواقبها وخيمة.

وعلى الجانب الآخر، في درعا، لا يختلف الأمر كثيرا عن السويداء، حيث تتم عمليات بيع الحبوب المخدرة كالكبتاجون والترامادول في الصيدليات، كما يباع الحشيش على شكل مكعبات “الماجي” في المحال التجارية، وأيضا يباع على بسطات البنزين المنتشرة في الشوارع، وبعلم من الأجهزة الأمنية، بحسب معلومات حصل عليها “الحل نت”.
وعلى الرغم من استهداف مروجي المخدرات وتجارها عدة مرات في درعا، إلا أن هذه التجارة لا تزال مستمرة، بدعم مباشر من الأجهزة الأمنية والميليشيات الإيرانية.

وبحسب معلومات خاصة، فإن انتشار المخدرات بين المدنيين بات أمرا كبيرا جدا، ولا يقتصر على فئات محددة، حيث ينتشر الإدمان بين فئتي الذكور والإناث على حد سواء وبأرقام كبيرة.

قد يهمك:المخدرات والنفوذ الإيراني.. عوامل تحرك دور عربي جديد في سوريا؟

استغلال الأوضاع الاقتصادية والنفسية كمدخل للإدمان

في هذا السياق، يرى حسن سليمان، أن المجتمع يعيش تحت ضغوط اجتماعية واقتصادية ونفسية ومن كل الجوانب، ما يجعل هذا المجتمع فريسة سهلة للوقوع في فخ التعاطي، وبذلك يجد التجار والمروجين بهؤلاء الناس قيمة مادية لكسب زبائن جدد، سيكونون بعد إدمانهم زبائن دائمين لديهم دون أن ينظروا إلى المبالغ التي يدفعونها كثمن للمخدرات.

وقد استطاع موقع “الحل نت” التواصل مع أحد أبناء درعا، ممن وقعوا فريسة لإدمان مخدر الحشيش الذي يروجه تجار يتبعون للميليشيات الإيرانية، حيث أكد خلال حديثه أنه أدمن تعاطي مادة الحشيش في المدرسة مع العديد من أصدقائه، مشيرا إلى أنهم يقومون بالتشارك بشراء سجائر الحشيش بشكل أسبوعي لخفض السعر عن شرائها بشكل منفرد، حيث يبلغ سعر سيجارة الحشيش حاليا نحو 4000 ليرة، وأحيانا يزيد ثمنها بحجة انخفاض سعر الليرة.

وأيضا من خلال حديث موقع “الحل نت”، مع شاب آخر من درعا، ممن أدمن تعاطي الحبوب المخدرة، فأوضح في حديثه أنه تعرض لإصابة خلال الحرب، ونتيجة لذلك كان يضطر لاستعمال المسكنات القوية وخاصة الترامادول، ولكن شعر بعد مدة أنه أصيب بالإدمان، وأن هذا النوع غير كافي بالنسبة له، ومن هنا قام أحد الأشخاص ممن يعرفهم والذي انضم لصفوف الفرقة الرابعة بعد التسوية بإعطاءه نحو 10 حبات من الكبتاجون، وكرر العملية مرتين بعد ذلك، ولاحقا بدأ يرفض أن يعطيه الحبوب بشكل مجاني، وصار يطالب بثمنها الذي لا يقل عن 500 ليرة للحبة الواحدة.

إقرأ:نشاط إيراني متزايد في تهريب المخدرات من الجنوب السوري

المشروع الإيراني، لا يقتصر على تهريب المخدرات إلى الخارج فحسب، فالسعي الإيراني للسيطرة على مجتمع جنوب سوريا أهم وأخطر، فمن خلال نشر المخدرات استطاعت إيران وميليشياتها وبتسهيل من دمشق بتحويل الكثير من الشبان إلى آلات للقتل، حيث تشير الكثير من المعلومات إلى أن عددا كبيرا من منفذي الاغتيالات هم من المدمنين على المخدرات بمختلف أنواعها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة