كشف تقرير نشره موقع “ميدل إيست آي” وترجمه موقع “الحل نت” عن وجود مرتزقة سوريين كانوا من بين القوات الروسية التابعة لشركة “فاغنر” شبه العسكرية والتي شاركت في هجمات عسكرية داخل جمهورية إفريقيا الوسطى، حيث تواصل المجموعة الروسية هناك توسيع نفوذها في إفريقيا.

وقد أكد شاهدان سودانيان، يعملان كعمال حرفيين في مناجم الذهب؛ فضلا عدم الكشف عن هويتهما لدواعي أمنية، بأن مرتزقة سوريون كانوا من بين مقاتلي “فاغنر” الذين شنوا سلسلة من الهجمات التي بدأت في منجم ذهب في جمهورية إفريقيا الوسطى أواخر آذار/مارس الماضي.

وشهدت منطقة أنداها، المعروفة بكونها منطقة تعدين، هجمات بدأت في 23 آذار الماضي واستمرت بشكل متقطع، الأمر الذي أسفر عن مقتل ما يزيد عن 100 من عمال مناجم الذهب من السودان وتشاد والنيجر وجمهورية إفريقيا الوسطى. وبعد نجاتهم من الهجمات، احتجز مرتزقة “فاغنر” عمال المناجم السودانيين لأيام عدة. وأخبر الناجون موقع “ميدل إيست آي” أنهم تعرضوا للتعذيب على أيدي المقاتلين، وكانت ملامح البعض منهم سورية ويتحدثون باللهجة السورية أيضا.

“هناك مقاتلون من جنسيات متعددة يعملون مع شركة الأمن الروسية. رأينا مقاتلين من روسيا وسوريا وآخرون من دول إفريقية من ضمنها جمهورية إفريقيا الوسطى وغيرها. لقد رأيت بعض المقاتلين السوريين عندما اختطفني مقاتلوا فاغنر، حتى أن أحدهم حقق معنا وقام بالترجمة للضباط الروس. كانوا يتحدثون العربية بلهجة شامية اعرفها جيدا، لذلك أدركت أنهم من المرتزقة السوريين”، يقول أحد الناجين.

وبحسب هؤلاء الشهود، فقد تعرض المدنيين للهجوم من قبل قوات “فاغنر”، المتحالفة مع جمهورية إفريقيا الوسطى في قتالها ضد المتمردين، بما في ذلك جماعة “سيليكا”، ولم تكن هناك اشتباكات بين القوات الحكومية والمتمردين في أنداها في الآونة الأخيرة. في حين تتحكم مجموعة “فاغنر” اليوم بمناجم الألماس والذهب في جميع أنحاء جمهورية إفريقيا الوسطى وفي السودان المجاور.

المقاتلون العرب في جمهورية إفريقيا الوسطى

يرى المسؤولون الغربيون بأن مجموعة “فاغنر” ما هي إلا وسيلة لنشر حكومة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نفوذها في جميع أنحاء العالم، وتأمين امتيازات تعدين الذهب القيمة والتي تساعد موسكو على الالتفاف على العقوبات وبناء علاقات مع حكومات أفريقية وشرق أوسطية سهلة الانقياد.

وقد تسبب الغزو الروسي لأوكرانيا بحاجة موسكو إلى الإيرادات. ويعتقد بأن الحرب حفزت الجهود الروسية لتأمين الذهب من إفريقيا، والذي يتم غسله فيما بعد عبر الإمارات العربية المتحدة، بحسب ما يزعم.

ويترأس مجموعة “فاغنر” الأوليغارش يفغيني بريغوزين والمعروف باسم “طباخ بوتين” كون مطاعمه استضافت عشاء للرئيس الروسي برفقة شخصيات أجنبية بارزة، إلا أن بريغوزين ينفي هذه المزاعم.

وقد حققت روسيا وجودا مهما لها في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بفضل مجموعة “فاغنر”، وذلك بعد تدخلها إلى جانب الرئيس السوري بشار الأسد في الحرب منذ العام 2015، وبعد ذلك في الحرب الليبية. ويعمل الآن مقاتلون من كل من سوريا وليبيا خارج بلدانهم الأصلية لصالح المجموعة الروسية.

من جانبها، تقول بولين باكس، نائبة مدير برنامج إفريقيا التابع لـ”مجموعة الأزمات الدولية”، لموقع ميدل إيست آي أنه “هناك الكثير من الأدلة على نشر فاغنر مقاتلين سوريين وشيشان وليبيين في جمهورية إفريقيا الوسطى”.

وأكدت باكس بأن فاغنر جندت شبابا، معظمهم من المتمردين السابقين، من أقاليم جمهورية إفريقيا الوسطى، للعمل كميليشيات محلية وحماية البلدات الصغيرة من الهجمات. وقد منحت هؤلاء المقاتلين الملقبين بـ “الروس السود” صلاحية جمع الرسوم المحلية، غالبا حتى لا تضطر فاغنر إلى دفع رواتبهم.

وتحدث أحد ضحايا هجمات “فاغنر” إلى “ميدل إيست آي” قائلا إن المجموعة سيطرت على مناطق تعدين الذهب عبر أنداها، بما في ذلك في نديلي وسينكيلو وغورديل وتريجولو. ويقال بأن المرتزقة يولون الاهتمام الأكبر إلى نديلي، كونها منطقة الألماس الرئيسية الواقعة بين أنداها وبانغي؛ عاصمة إفريقيا الوسطى.

“التحركات العسكرية الأخيرة لمقاتلي فاغنر منذ آذار الماضي واضحة جدا. إنهم يريدون إحكام سيطرتهم على مدينة نديلي الإستراتيجية، من أجل السيطرة على منطقة تعدين حقول الألماس”، يقول شاهد عيان سوداني.

وتتابع باكس قائلة: “تتناسب هذه التطورات مع النمط العام لأنشطة فاغنر في جمهورية إفريقيا الوسطى. قوات فاغنر تحمي الحكومة في بانغي، ولاسيما الرئاسة، بينما يشير أسلوب عملها في الأقاليم إلى أنها مهتمة أساسا بتأمين مناطق الذهب والألماس. إنهم يسيطرون على عدة مناطق تعدين مهمة، ويشاركون بانتظام في القتال في مناطق التعدين الخاضعة لسيطرة متمردي الحزب الشيوعي الصيني”.

شبكة مناجم الذهب والألماس

حكومة بانغي منحت شركة روسية حقوق استثمار منجم الذهب الصناعي الوحيد في البلاد. “فاغنر هي من توفر الأمن لهذا المنجم، ولم يعد هناك أي مسؤول من جمهورية إفريقيا الوسطى على الأرض. وتحاول قوات فاغنر السيطرة على مناطق التعدين في أماكن أخرى، إلا أنهم يحافظون دائما على عمال المناجم الحرفيين، ما لم يشتبه في عملهم مع متمردي الحزب الشيوعي الصيني”، تضيف باكس.

ويقول الشهود العيان، الذين قضوا في جمهورية إفريقيا الوسطى قرابة العام يعملون في قطاع التعدين، إن وجود تحالف متمردي جمهورية إفريقيا الوسطى، بما في ذلك جماعة “سيليكا”، لم يكن محسوسا كثيرا في أنداها. إلا أنهم يرون بأن لا علاقة لهجوم “فاغنر” الذي وقع في آذار، والهجوم الذي تلاه، بالحرب بين الحكومة والمتمردين، وإنما كان في الواقع يتعلق بالسيطرة على حقول تعدين الذهب والماس.

“لم أجد مؤخرا أي وجود واضح للمتمردين في أنداها. لقد هاجموا عمال المناجم الذين هم في الواقع مدنيون. تريد مجموعة فاغنر الهيمنة على حقول تعدين الذهب والألماس هذه وطرد أي عامل منجم صغير يعمل هناك”، يقول آدم زكريا أباكار، عامل منجم فر من جمهورية إفريقيا الوسطى.

فيما تختتم باكس حديثها بالقول: “للأسف، فإن عمال المناجم الحرفيين يمثلون الضحايا الجانبية للمعارك المتبادلة بين فاغنر والمتمردين. ليس لدى الحكومة المال لتدفعه إلى فاغنر لقاء خدماتها، وبالتالي فإن فاغنر تدفع لنفسها من خلال عائدات التعدين”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.