أهم واجهة بحرية في اللاذقية دمرت نتيجة للإهمال المتعمد أو الإغفال المتهور، فقد شهد الخط الساحلي لمدينة اللاذقية تراجعا كبيرا، ما فرض صعوبات بيئية وتنموية وجمالية ومدنية على هويتها السياحية، حيث تدهورت عناصر هذه الواجهة مع مرور الوقت نتيجة للإهمال – سواء المتعمد أو غير المتعمد – وتغيبها عن الخطط والبرامج، مما أدى إلى فقدان هذا الارتباط الحيوي بالمدينة البحرية أو المنطقة الساحلية، وهو ما لوحظ في سجل الخسائر الكبيرة للمواطنين أبناء الساحل الذين باتوا ضحايا هذا الإهمال.

دخولية على أبناء الساحل

إهمال حرم اللاذقية من الشواطئ الواجهة البحرية يعود على مر الزمن، إلى غياب الاعتبار لهذه الجبهة في التوسع العمراني والاستثماري، مع وجود منشآت قطعت مسافات طويلة من الواجهة، فضاعت وفقدت تقريبا حتى أصبحت هذه الخسارة “كارثة كبرى وأمرا واقعا”، حتى وصل الأمر لأن يكون معهد البحوث البحرية بكوادره وطواقمه بعيدا عن البحر بعد أن كان جاره، والصناعات البحرية باتت غائبة تماما.

وبحسب ما نشرته صحيفة “البعث” المحلية، اليوم السبت، فإن أي تصحيح متخيل بات لا يمكن تخطيه، وما يمكن العمل عليه وإنجازه يقتصر على بقية الواجهة البحرية، التي تشكل “مصدرا لخيبة أمل كبيرة” للعديد من الاعتبارات غير الرسمية، حسب وصفها.

حقيقة أن الواجهة جزء مهم من الهوية المعمارية للمدينة، وعنوانا رئيسيا لطابعها السياحي، ومؤشرا حقيقيا للصحة الاقتصادية للمدينة، انعكس سلبا وفقا للصحيفة، على واقع المدينة البيئي وكمدخل واسع لتطويرها وملاحتها، وأنشطة العاملين في البحر، فضلا عن زواره ومرتاديه والذين يعتمدون على رزقهم منه.

وذكر التقرير، أنه “ربما يكفي أن يدرك ضخامة الهاوية التي فصلت سكان البحر عنه قبل الآخرين، بمعرفة أن الذهاب إلى الشاطئ صار أقرب إلى الخيال، حيث أصبح البحر عبأ، وحلما، وكابوسا”، إذ انقلب المشهد تماما على انحسار هذه المساحات المفتوحة التي تكاد تكون غير موجودة، ما لم يدفع الزائر رسم لا يقل عن 5000 ليرة سورية للشخص الواحد في المساحات المتاحة للسباحة في المناطق السياحية الشعبية. 

الصيادون محرمون من الشواطئ

وفي السياق ذاته، وصف التقرير، حكايات الصيادين كاد يطويها النسيان، والشواطئ المفتوحة لم تعد مفتوحة، بسبب انحسار الواجهة البحرية التي باتت بعيدة المنال.

وأشار التقرير، إلى تراجع الواجهة المائية التي أصبح الوصول إليها متعذرا، إن لم يكن مستحيلا، مطالبا جميع المؤسسات المسؤولة بالدفع إلى حفظ وتجديد ما تبقى من هذه الواجهة، عبر الإجراءات والبرامج التي تتضمنها كل اعتبارات التخطيط المتاحة في المساحات والأماكن المتبقية، واعتبارها أولوية مطلقة في الخطط والبرامج والمشاريع التي تراكمت واكتظت وتجمعت وارتفعت على حساب الواجهة المائية، التي هي منفذ وأفق ونطاق أي مدينة ساحلية.

ولفت التقرير، إلى أن جمع المعايير سواء الحضرية، والبيئية، والسياحية، والتخطيطية، والجمالية، والملاحية، تنذر المنظر بالخطر، مبينا أن “الذين يبررون هذه الحالة الراهنة لتحقيق أهداف اقتصادية واستثمارية، لا يستشعرون بأن اللاذقية في حاجة ماسة إلى التنسيق بين سواحلها ومبادراتها السياحية والاستثمارية”.

قرض لزيارة البحر

في ظل ارتفاع الأسعار وتدني الوضع الاقتصادي ومستوى الدخل إلى مستويات غير مسبوقة، لم يعد بإمكان المواطنين السوريين ممارسة أحد أبسط الأمور داخل بلدهم، كزيارة البحر ولا سيما شواطئ اللاذقية، كما اعتادوا في السابق.

توجه جديد بدأ بالظهور لدى شريحة كبيرة من المواطنين السوريين، وهو اللجوء للحصول على قروض شخصية من المصارف وشركات التمويل في سوريا، ولكن ليس من أجل تلبية احتياجات رئيسية كشراء منزل أو سيارة كما كان الحال عليه سابقا، وإنما من أجل أمور باتت توصف بالكمالية.

التفكير بقضاء العطلة في الساحل السوري بالحجز في أحد الفنادق، أو الشاليهات لقضاء يومين أو ثلاثة، حجبته الأسعار في معظم الفنادق التي باتت مرتفعة للغاية، فهناك شريحة محددة هي فقط من تستطيع الحجز والإقامة فيها.

العديد من المواطنين عبروا خلال عطلة العيد الماضية، أن أسعار الحجوزات بالعيد مرتفعة جدا، مضيفين أن الشاليهات والمنتجعات ليست لأصحاب الدخل المحدود، الذين يجب عليهم إن أرادوا أن يقضوا عدة أيام إجازة على البحر، أن يسحبوا قرضا، لأن الأسعار نار ولا تتناسب مع دخل الموظف.

أما بالنسبة لأسعار الحجوزات، ففي فنادق التي على شواطئ اللاذقية، وحسب تصنيفات النجوم، تباينت أسعار حجوزات الليلة الواحدة في الفنادق والمنتجعات السياحية، فقضاء ليلة واحدة في فنادق “نجمتين وثلاثة نجوم” يتراوح بين 250-350 ألف ليرة، لترتفع إلى 400-450 ألف ليرة في فنادق الأربع نجوم للغرف المزدوجة “سويت” بإطلالة بحرية، متضمنة وجبة إفطار لأربعة أشخاص.

بينما تقفز الليلة في فنادق ومنتجعات الخمس نجوم إلى 750 ألف ليرة للسويت الأرضي الذي يتسع لثلاثة أشخاص، و650 ألف ليرة للسويت طابق أول وثاني، ويتضمن الحجز وجبة إفطار، فيما يبلغ سعر حجز سويت يتسع لأربعة أشخاص 850 ألف ليرة.

أما في طرطوس، فالأسعار لا تختلف كثيرا وإن كانت أقل من اللاذقية، فحجز ليلة واحدة لغرفة عادية في فندق أربع نجوم يبلغ 335 ألف ليرة، ليزيد إلى 370 ألف ليرة لغرفة أكبر، ويتضمن الحجز وجبة إفطار، فيما يرتفع سعر الحجز إلى 455 ألف ليرة للسويت العادي، و510 ألف ل.س للسويت بإطلالة بحرية، بينما حجز شاليه يتسع لأربعة أشخاص في هذه المنتجعات، فيبلغ 650 ألف ل.س، يتضمن وجبة إفطار مع الضريبة ودخول النادي الرياضي.

يذكر أن الإحصائيات الرسمية لحكومة دمشق، تشير إلى أن السياحة في سوريا كانت تشكل 12 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي لسوريا، وكانت تخلق وظائف لـ 11 بالمئة من عمال البلاد، وبحسب صحيفة “ديلي بست” فإن 8.5 مليون سائح زاروا سوريا عام 2010، إلا أن تلك العائدات قد انخفضت لأكثر من 98 بالمئة خلال فترة الحرب.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.