باتت المواقع الأثرية ضمن مناطق سيطرة الحكومة السورية في دير الزور، مسرحا للتنقيب العشوائي غير المشروع من قبل كافة الميليشيات المتواجدة في المنطقة، سواء المحلية أو الأجنبية، وحتى من قبل بعض الضباط والنافذين في الحكومة.

وفي آخر انتهاكات لها، بدأت ميليشيا “حزب الله” اللبناني، قبل أيام قليلة، بأعمال التنقيب عن الآثار في موقع “تل بقرص” الأثري بريف دير الزور الشرقي، حيث منعت اقتراب أي أحد من المكان، تحت طائلة العقاب والمسؤولية.

تحت إشراف خبراء

أفاد مراسل “الحل نت” في المنطقة أن مجموعة تابعة لـ “حزب الله” قطعت الطريق الواصل إلى التل الأثري، ومنعت المدنيين وبمن فيهم المزارعين من أبناء البلدة، من الوصول إلى أراضيهم عبر الطريق المذكورة.

مضيفا أن “إغلاق الطريق، تزامن مع البدء بعمليات التنقيب عن الآثار في التل”، ومبينا بأن العملية تتم بإشراف مباشر من قادة “الحزب” وعلى رأسهم أبو جعفر (لبناني الجنسية)، كما يقوم بأعمال الحفر عمال من البلدة ذاتها، يبلغ تعدادهم 100 شخص يعملون بنظام ورديتين، منعوا من جلب هواتفهم المحمولة إلى المكان، لعدم تسريب أي فيديو أو صور لعمليات التنقيب.

وتستعين الميليشيا في عمليات الحفر والتنقيب أيضا، بأربعة خبراء عراقيين، وآليات متوسطة (مضخة حفر، بوب كات، أجهزة كشف معادن)، وفقا لحديث المراسل.

مصدر مقرب من “حزب الله”، فضل عدم كشف اسمه، أفاد لـ “الحل نت” أن ميليشيا “الحزب” بدأت بحملة تنقيب عن الآثار منتصف أيار/مايو الفائت، بالتنسيق مع ضباط من “الفرقة الرابعة”، حيث نفذت عمليات تنقيب في آثار الصالحية، وبالقرب من قلعة الرحبة، قبل أن ينتقل الحزب للتنقيب في “تل بقرص” الأثري.

لافتا إلى أن “الحزب” ينوي البدء بأعمال تنقيب في مقبرة الداوودية الواقعة منتصف بلدة بقرص بعد الانتهاء من أعمال التنقيب في التل.

وفي آذار/مارس الفائت، أقدم “الحاج سلمان” المسؤول العام عن “الحرس الثوري” الإيراني في مدينة الميادين، على تشكيل ورشة مؤلفة من عشرات العناصر والعمال مع آلياتهم، للتنقيب في منطقة الصالحية، وبوضح النهار، كما عمد إلى إغلاق المنطقة المذكورة بشكل كامل، مانعا أي أحد من الاقتراب منها، بما في ذلك عناصر “الحرس” غير المشاركين بعمليات التنقيب وبقية المليشيات الأخرى التابعة لهم أيضا.

حيث امتدت عمليات التنقيب إلى عمق البادية في منطقة “الصرايم” الأثرية، بالاشتراك مع ميليشيا “الحشد الشعبي” العراقي.

ليست جديدة

الصحفي عيد الراوي من البوكمال، صرح في وقت سابق لـ “الحل نت” بأن ميليشيا “الحرس الثوري” وبقية الميليشيات التابعة له، عمدت منذ بداية سيطرتها على المدينة ونواحيها، إلى إقامة مقرات أمنية لها بمحيط كافة المواقع الأثرية، بحجة حمايتها وعدم السماح لأحد بالاقتراب منها، لكن الواقع مناف تماما لذلك.

مشيرا إلى أن “عمليات الحفر التي تقوم بها حاليا تكون على مرأى من الجميع، بدون أي تدخل من الجهات الحكومية التي لم تحرك ساكنا حيال ذلك“.

وسبق أن نقل “المرصد السوري لحقوق الإنسان” عن مصادر وصفها بالموثوقة، قيام ميليشيا “الحرس الثوري“، بنبش مقابر رومانية قديمة في منطقة الصالحية، من أجل استخراج الحلي والذهب، حيث عرف عن الرومان، بأنهم كانوا يدفنون أمواتهم بكامل مجوهراتهم.

وفي ظل ما تعيشه المنطقة من فوضى وانتشار السلاح وغياب قوى أمنية ذات قدرة على الردع، فإنه لا يلوح في الأفق أي حل قريب لفوضى التنقيب عن الآثار وخاصة من يقوم بذلك هيا القوى المسيطرة على المنطقة المتواجدة بها والمتمثلة بقوات الجيش السوري وبقية المليشيات الموالية له، والتي لم تقم بأي خطوة أو مشروع يقوم على حمايتها وترميم المتضرر منها، ما يشير إلى جدّية المخاوف من انحسار المواقع الأثرية بشكل كامل إذا ما بقي الوضع على ما هو عليه.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة