من جديد ستشهد الأسواق السورية قريبا ارتفاعا جديدا في أسعار الألبان والأجبان، نتيجة قلة وشح حوامل الطاقة وخصوصا مادة المازوت التي تسببت ولا تزال تتسبب برفع أسعار السلع والمنتجات بشكل عام من وقت إلى آخر.

العاملون في مجال تصنيع الألبان والأجبان يعتمدون على حوامل الطاقة من المازوت لتوليد الكهرباء وما إلى ذلك في العمل بشكل أساسي. تلك الحوامل التي تعاني من ضعف مستمر نتيجة تدهور أوضاع الاقتصاد السوري.

نشرة أسعار جديدة

عضو الجمعية الحرفية لصناعة الألبان والأجبان أحمد السواس كشف في تصريح لصحيفة “الوطن” المحلية، اليوم الاثنين، عن صدور نشرة أسعار جديدة للألبان والأجبان نهاية الأسبوع الحالي، حيث سيتم خلالها تحديد الأسعار الجديدة، بعد رفع بيان تكلفة بالأسعار الجديدة من قبل الجمعية إلى مدير دائرة الأسعار بدمشق.

وأوضح السواس خلال حديثه مع الصحيفة المحلية، أن الأسعار في النشرة الجديدة ستكون أعلى من أسعار النشرة السابقة، مرجعا السبب لعدم توافر حوامل الطاقة وخصوصا مادة المازوت التي يعتمد عليها حرفيو تصنيع الألبان والأجبان في العمل بشكل أساسي والتي يوجد فيها شح كبير جدا.

وضمن سياق كيفية توزيع المازوت للحرفيين من قبل شركة “محروقات” والكميات المخصصة، أفاد السواس، أن شركة “محروقات” تتحكم حاليا بتوزيع المازوت على حرفيي الألبان والأجبان، وأنه ومنذ حوالي 5 أشهر لم يتسلم أي حرفي ليتر مازوت واحدا من “محروقات” التي تطالب الحرفيين بالقيام بتنفيذ إجراءات خاصة بها لتسليم المادة لهم والبعض غير قادر على تنفيذها.

ونوّه السواس إلى أن مخصصات الحرفي من المازوت تختلف حسب حجم المنشأة التي يمتلكها، إذ إن هناك حرفيين يحتاجون بحدود 6 آلاف لتر شهريا وحرفيين آخرين يحتاجون ألفي لتر.

في حين، أن شركة “محروقات”، بحسب السواس، تعطي الحرفيين عادة ما بين 25 و35 بالمئة من حاجتهم من المادة والكمية المتبقية يضطرون لشرائها من السوق السوداء بأسعار مرتفعة قد تصل لحدود 6 آلاف ليرة سورية لليتر الواحد.

تأثير التصدير

في إطار تأثير تصدير الألبان والأجبان على الأسعار، بيّن السواس بأن التصدير مستمر حاليا، رغم توقف تصدير أصناف معينة منذ مدة لم يحددها. مشيرا إلى أن بعض التجار وأصحاب رؤوس الأموال الكبيرة يقومون بتخزين أصناف من الأجبان لشهرين تقريبا في حال توقف التصدير لحين عودة السماح به، الأمر الذي ينعكس أسعار على بعض أصناف الأجبان، على حد وصفه للصحيفة المحلية.

كما أضاف السواس أن تصدير الأجبان انخفض حاليا بنسبة تتراوح بين 35 و40 بالمئة عن التصدير منذ حوالي الشهر، ويقتصر على بعض الأصناف مثل الجبنة المطبوخة والتشيكية وجبنة الشلل، والنسبة الأكبر تذهب إلى العراق والإمارات.

واختتم السواس حديثه بالقول أن تكلفة كيلو الحليب بالجملة على الحرفي لحين وصوله أرض المعمل بحدود 1950 ليرة سورية وهي مرتفعة عن السابق، وأن معامل البوظة تقوم بشراء الحليب الطبيعي بدلا من حليب البودرة الأمر الذي أدى إلى حصول نقص بالمادة في السوق إضافة لارتفاع سعرها.

خسائر للأجبان والألبان بالملايين

انقطاع التيار الكهربائي في جميع أنحاء البلاد الذي حدث مؤخرا، واستمر لمدة يومين كاملين تقريبا لم يمر مرور الكرام، إذ إن الخسائر كانت كبيرة لا سيما لأولئك الذين يعتمدون على الكهرباء في تجارتهم ولا يملكون محولات أو أنظمة طاقة بديلة، ومن بينهم المنخرطين في صناعات الأجبان والألبان التي تحتاج إلى تبريد مستمر في ظل طبيعة الطقس الحار خلال هذه الفترة.

وباستثناء المنازل التي تحتوي على أنظمة طاقة شمسية، والتي ساعدت في تشغيل الثلاجات، حتى لفترات قصيرة، فإن الخسائر لم تقتصر على المحلات التجارية آنذاك، بل امتدت إلى المنازل، حيث اضطرت العديد من العائلات في سوريا لرمي الكثير من الطعام في حاويات النفايات، لأن الثلاجات بسبب انقطاع التيار الكهربائي تحولت إلى مصدر لإنتاج الحرارة بدلا من أدوات منتجة للبرودة.

وفي السياق ذاته، ذكر تقرير لصحيفة “الوطن” المحلية، آنذاك، أن مالكي شركات الألبان والأجبان في حي البرامكة، أبلغوا عن خسارتهم بملايين الليرات، لأنهم اضطروا لتفريغ أربعة برادات مليئة بالأجبان من جميع الأنواع، بالإضافة إلى الحليب الطازج والمعلب خلال اليومين الذين انقطعا فيهما الكهرباء بشكل كامل.

القصة، وحسب صاحب إحدى المحال، لا تتعلق فقط بانقطاع التيار الكهربائي، بل تتعلق أيضا بندرة وقود المازوت في السوق السوداء، وارتفاع أسعارها بشكل غير مسبوق، الأمر الذي منعه من تشغيل المولدات لأكثر من ساعتين خلال فترة انقطاع الكهرباء، وتركه أمام خيارين: فإما أن يبيع المواد ويخسر زبائنه، لأن الأمر قد يؤدي إلى الإصابة بحالات تسمم.

أما الخيار الثاني، فكان إتلاف هذه المواد وخسارته لملايين الليرات، وهو ما فعله متسائلا عن دور الجمعية الحرفية لصناعة الألبان والأجبان في مثل هذه الظروف، وفيما إذا كانت الحكومة ستعوض أصحاب هذه المحال عن خسائرهم، لأنها المسؤولة عن الانقطاع أم إنها ستتركهم ليعوضوها بـ”وسائلهم الخاصة”.

أيضا ذكر التقرير المحلي، عن أبو عامر (بائع حليب يسافر بانتظام من القنيطرة إلى منطقة قدسيا) أن خسارته حينها تجاوزت المليون ليرة في اليوم الواحد، إذ يقدم يوميا حوالي طن من الحليب لأكثر من عشرة متاجر، ولكن بسبب انقطاع الكهرباء معظم المحلات تجنبت شراء حليب جديد، ورغم محاولاته إغراء أصحاب المحال بتخفيض السعر، إلا أنهم رفضوا بسبب عدم الثقة بعودة الكهرباء في وقت قريب، على اعتبار أن العطل كان كبيرا وعاما في كل المحافظات السورية.

الخسارة لم تقتصر على منتجي الأجبان والألبان فقط، بل حتى المتاجر التي كان لديها وقود واستطاعت تشغيل المبردات لساعات عدة، تعرضت هي أيضا للخسارة بسبب عزوف الناس عن الشراء إلا بكميات قليلة جدا للسبب نفسه وهو انقطاع الكهرباء والخوف من الضرر المادي.

وصرحت “الجمعية الحرفية لصناعة الألبان والأجبان” آنذاك، أن الجمعية غير قادرة على التعويض عن هذه الخسائر، مبررة بأن إدارة شركة “محروقات” لا تستجب لطلبات الجمعية.

قد يهمك: خسائر الأجبان والألبان بالملايين خلال يومين بسوريا.. ما الأسباب؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.