انقطاع التيار الكهربائي في جميع أنحاء البلاد الذي حدث يوم الجمعة الفائت، واستمر حتى بعد ظهر يوم السبت لم يمر مرور الكرام، إذ إن الخسائر كانت كبيرة لا سيما لأولئك الذين يعتمدون على الكهرباء في تجارتهم ولا يمتلكون محولات أو أنظمة طاقة بديلة، ومن بينهم المنخرطين في صناعات الأجبان والألبان التي تحتاج إلى تبريد مستمر في ظل الجو الحار.

الخسائر بالملايين

باستثناء المنازل التي تحتوي على أنظمة طاقة شمسية ,والتي ساعدت في تشغيل الثلاجات، حتى لفترات قصيرة، فإن الخسائر لم تقتصر على المحلات التجارية، بل امتدت إلى المنازل، حيث اضطرت العديد من العائلات في سوريا لرمي الكثير من الطعام في حاويات النفايات، لأن الثلاجات بسبب انقطاع التيار الكهربائي تحولت إلى مصدر لإنتاج الحرارة بدلا من أدوات منتجة للبرودة.

وفي السياق ذاته، ذكر تقرير لصحيفة “الوطن” المحلية، اليوم الإثنين، أن مالكي شركات الألبان والأجبان في حي البرامكة، أبلغوا عن خسارتهم بملايين الليرات، لأنهم اضطروا لتفريغ أربعة برادات مليئة بالأجبان من جميع الأنواع، بالإضافة إلى الحليب الطازج والمعلب خلال يومي الجمعة والسبت.

القصة، وحسب صاحب المحل، لا تتعلق فقط بانقطاع التيار الكهربائي، بل تتعلق أيضا بندرة وقود المازوت في السوق السوداء، وارتفاع أسعارها بشكل غير مسبوق، الأمر الذي منعه من تشغيل المولدات لأكثر من ساعتين خلال فترة انقطاع الكهرباء، وتركه أمام خيارين: فإما أن يبيع المواد ويخسر زبائنه، لأن الأمر قد يؤدي إلى الإصابة بحالات تسمم.

أما الخيار الثاني، فكان إتلاف هذه المواد وخسارته لملايين الليرات، وهو ما فعله متسائلا عن دور الجمعية الحرفية لصناعة الألبان والأجبان في مثل هذه الظروف، وهل ستعوض الحكومة أصحاب هذه المحال عن خسائرهم، لأنها المسؤولة عن الانقطاع أم إنها ستتركهم ليعوضوها بوسائلهم الخاصة.

أيضا ذكر التقرير، عن أبو عامر – بائع حليب يسافر بانتظام من القنيطرة إلى منطقة قدسيا – أن خسارته في يوم السبت فقط تجاوزت المليون ليرة، إذ يقدم يوميا حوالي طن من الحليب لأكثر من عشرة متاجر، ولكن بسبب انقطاع الكهرباء معظم المحلات تجنبت شراء حليب جديد، ورغم محاولاته إغراء أصحاب المحال بتخفيض السعر، إلا أنهم رفضوا بسبب عدم الثقة بعودة الكهرباء مساء السبت أو حتى صباح الأحد، على اعتبار أن العطل كان كبيرا وعاما في كل المحافظات السورية.

الجمعية عاجزة

الخسارة لم تقتصر على منتجي الأجبان والألبان فقط، بل حتى المتاجر التي كان لديها وقود واستطاعت تشغيل المبردات لساعات عدة، تعرضت هي أيضا للخسارة بسبب عزوف الناس عن الشراء إلا بكميات قليلة جدا للسبب نفسه وهو انقطاع الكهرباء والخوف من الضرر المادي..

من جهته، قال عضو الجمعية الحرفية لصناعة الألبان والأجبان، أحمد السواس، للصحيفة، إن التعتيم العام يومي الجمعة والسبت ,والذي صاحبته زيادة كبيرة في أسعار ناقلات الطاقة، كبد خسائر كبيرة جدا في هذه الصناعة، إلى درجة أن بعض الحرفيين عجزوا تماما عن العمل، وهم لا يستطيعون تحمل مثل هذه الخسائر لأنهم تجار صغار لا يملكون إلا القليل من رأس المال، ويعملون في ورش صغيرة بعدد قليل من الموظفين الذين يعملون في الغالب “كعمال مياومة”.

وكشف السواس، عن أن الجمعية غير قادرة على التعويض عن هذه الخسائر، ولا يمكنها سوى تقديم حوامل الطاقة، وهو ما بات يشكل القضية الرئيسة في الوقت الراهن بين الجمعية وشركة الوقود، التي أوقفت عمليات الإنقاذ الطارئ لصغار الحرفيين منذ أكثر من شهر.

وعبر السواس، عن قلقه من أن الجمعية غير قادرة على تعويض المتضررين من انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع، لأن إدارة المحروقات لا تستجب لطلبات الجمعية.

الظلام يغطي سوريا

في حادثة لا تبدو غريبة عن الواقع والمشهد السوري البائس، أصبحت أزمة انقطاع الكهرباء وتقنينها لساعات طويلة أكبر معضلة ومصدر قلق في الحياة اليومية للسوريين، ومساء الجمعة الفائت، حدث عطل كبير بمحطة أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي في جميع أنحاء العاصمة دمشق وكذلك في مناطق كبيرة في سوريا، ولا يبدو أن مسلسل انقطاع الكهرباء بهذا الشكل سينتهي، فاستمراره يبدو أمر حتمي، وسط عدم وجود حلول جدية وواقعية من قبل دمشق.

وفي سياق الواقع السيء للكهرباء في سوريا، قالت وزارة الكهرباء السورية، الجمعة الماضي، إن انقطاع الكهرباء في جميع أنحاء سوريا، سببه عطل في محطة توليد “الزارة” بمحافظة حماة، الأمر الذي أدى بدوره إلى تعطل كل المحطات الأخرى، وفق ما نقلت وكالة الأنباء السورية “سانا” المحلية.

وبحسب مصادر محلية خاصة، فقد أكدت في وقت سابق لـ “الحل نت”، إن “الكهرباء انقطعت منذ مساء الجمعة في السابعة والنصف، ولم تصل -الكهرباء- إلا لبعض المناطق فقط، والتي تعتبر مناطق مدعومة ويسكن فيها مسؤولون مثل أحياء المالكي وأبو رمانة والمهاجرين”.

وأضافت المصادر أيضاً، إن “العديد من الأحياء وصلتها الكهرباء صباح السبت لمدة نصف ساعة فقط، والعديد من الأحياء لم تصل إليها بعد، مثل أحياء جرمانا وعرنوس والشهبندر، كما أن المياه منقطعة منذ الجمعة بالتزامن مع انقطاع التيار الكهربائي”.

الجدير ذكره، أن وعود حكومة دمشق، المتعلقة بتحسين واقع التيار الكهربائي لن تتحقق، في ظل فشل المؤسسات الحكومية بإدارة مختلف الأزمات التي تعصف بالبلاد، حيث بات العديد من السوريون يتجهون للبحث عن بدائل التيار الكهربائي، كاستعمال البطاريات بهدف إنارة المنازل وتشغيل بعض الأجهزة الخفيفة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.