في حادثة لا تبدو غريبة عن الواقع والمشهد السوري البائس، أصبحت أزمة انقطاع الكهرباء وتقنينها لساعات طويلة أكبر معضلة ومصدر قلق في الحياة اليومية للسوريين، ومساء أمس، الجمعة، حدث عطل كبير بمحطة أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي في جميع أنحاء العاصمة دمشق وكذلك في مناطق كبيرة في سوريا. ولا يبدو أن مسلسل انقطاع الكهرباء بهذا الشكل سينتهي، فاستمراره يبدو أمر حتمي، وسط عدم وجود حلول جدية وواقعية من قبل دمشق.

لا تزال الكهرباء مقطوعة

في سياق الواقع السيء للكهرباء في سوريا، قالت وزارة الكهرباء السورية، أمس الجمعة، انقطاع الكهرباء في جميع أنحاء سوريا.

وأوضحت الوزارة، السبب في انقطاع الكهرباء عن كل أرجاء البلاد إلى عطل في محطة توليد “الزارة” بمحافظة حماة، الأمر الذي أدى بدوره إلى تعطل كل المحطات الأخرى، وفق ما نقلت وكالة الأنباء السورية “سانا” المحلية.

وزعمت الوزارة ، بحسب وكالة “سانا” المحلية، أن ورش الكهرباء توجّهت على الفور لإصلاح العطل، وستتم إعادة التيار الكهربائي تباعا خلال مدة أقصاها ساعتان. لكن ذلك لم يتم حتى ساعات الصباح الباكر من اليوم السبت، ولم يصل التيار الكهربائي إلا إلى عدة أحياء فقط.

حيث أن ورش العمال والصيانة في وزارة الكهرباء السورية لم تتمكن من إصلاح العطل الذي حدث يوم الجمعة، إلا بعد ساعات طويلة من حدوثه، وبحسب أهالي دمشق، حتى الآن هناك مناطق وأحياء كبيرة لم يصلها الكهرباء بعد، بالرغم من مرور أكثر من 16 ساعة على العطل.

من جانبه، مدير عام المؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء فواز الظاهر قال في تصريح للتلفزيون السوري، اليوم السبت، حول الانقطاع العام للكهرباء الذي حدث مساء أمس الجمعة، أن “احتمالية حدوث الأعطال الكبيرة أو حالات التعتيم العام تزداد بسبب قلة كميات توليد الكهرباء وهذا ما حصل يوم أمس”.

وأشار الظاهر إلى أن “حالات التعتيم العام خطيرة ولها أثر سلبي كبير على الشبكة الكهربائية والأمر يتطلب وقت لإعادة المنظومة الكهربائية إلى ما كانت عليه سابقا، وحاليا تم إعادة إقلاع مجموعات توليد في جندر والزارة وتشرين والناصرية ودير علي وبانياس والكهرباء موجودة في كافة المحافظات السورية بشكل جزئي فقط”.

وبحسب مصادر محلية خاصة، فقد أكدت لـ “الحل نت”، أن “الكهرباء انقطعت منذ مساء أمس في السابعة والنصف مساءً، ولم تصل الكهرباء إلا لبعض المناطق فقط، والتي تعتبر مناطق مدعومة ويسكن فيها مسؤولون مثل أحياء المالكي وأبو رمانة والمهاجرين”.

وأضافت تلك المصادر الخاصة، أن “العديد من الأحياء وصلتها الكهرباء صباح اليوم السبت لمدة نصف ساعة فقط، والعديد من الأحياء لم تصل إليها بعد، مثل حي جرمانا وعرنوس والشهبندر، كما أن المياه منقطعة منذ أمس بالتزامن مع انقطاع التيار الكهربائي”.

قد يهمك: تقنين الكهرباء ينعش صناعة البطاريات في سوريا

تقنين الكهرباء “سيء”

في حديث لبرنامج “حديث النهار” على إذاعة “شام إف إم“، صرح مدير كهرباء اللاذقية جابر عاصي، مؤخرا، أنه “بسبب الضغوط على الشبكة وارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف نضطر لأن يكون التقنين قاس، وذلك حسب الكميات الواردة للمحافظة وارتفاع الحرارة ما يدفع لتخفيض أداء مجموعات التوليد”.

وبيّن عاصي، “ظهور نقاط ضعف أخرى بسبب تخصيص قسم من الوارد الكهربائي لصالح تأمين المياه بنسبة 90 بالمئة من الطلبات للأحياء السكنية التي تعاني من تأزم مائي حيث يتم تزويدها ضمن فترات النهار، و برنامج التقنين المتبع حاليا هو في الفترة الصباحية وحتى الساعة الرابعة عصرا، نصف ساعة وصل، مقابل خمس ساعات ونصف قطع، أما بعد السابعة يعود إلى ساعة وصل مقابل خمس ساعات قطع”.

كما وأشارت صحيفة “الوطن” المحلية، مؤخرا إلى ازدياد ساعات التقنين في بعض المناطق السورية، نتيجة ارتفاع الطلب على الكهرباء مع ارتفاع مستوى درجات الحرارة في البلاد، إضافة إلى التراجع في معدلات توليد الطاقة الكهربائية وخروج مجموعات أو إيقاف بعض مجموعات التوليد عن العمل.

وأكدت الصحيفة تراجع مستوى التوليد في محطات “محردة وبانياس والزارة“، حيث أن “كل محطة من هذه المحطات تشتمل على عدد من المجموعات تم إيقاف جزء من هذه المجموعات في كل محطة، مثال تم إيقاف مجموعتين في محطة محردة وثلاث مجموعات في محطة بانياس ومجموعة في محطة الزارة“.

كما وعزت الصحيفة المحلية، أسباب هذا التراجع إلى أزمة المواد النفطية التي تعيشها البلاد، حيث تشهد محطات التوليد شح في مادة الفيول، وذلك في وقت تراجعت فيه إمدادات هذه المادة من وزارة النفط مؤخرا، حيث لجأت وزارة الكهرباء إلى المخزون الاحتياطي لتعويض جزء من النقص. وليس كما يدعي مدير كهرباء اللاذقية جابر عاصي، أن سبب التقنين هو “الضغط على الشبكة وارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف”.

البطاريات حلول بديلة!

وزارة الكهرباء السورية كانت قد اعتبرت في وقت سابق، أن الحل الأمثل لأزمة التقنين يكمن في استخدام الطاقة المتجددة، كتركيب سخانات المياه الشمسية، واللواقط الكهروضوئية وبعض العنفات الكهروريحية الصغيرة على أسطح المنشآت الصناعية وغيرها.

كما ويعلم السوريون تماما أن وعود حكومة دمشق، المتعلقة بتحسين واقع التيار الكهربائي لن تتحقق، في ظل فشل المؤسسات الحكومية بإدارة مختلف الأزمات التي تعصف بالبلاد، ليتجهوا للبحث عن بدائل التيار الكهربائي، كاستعمال البطاريات بهدف إنارة المنازل وتشغيل بعض الأجهزة الخفيفة.

صحيفة “الوطن” المحلية، تحدثت عن تراجع صناعة البطاريات في سوريا، وقالت في تقرير لها، مؤخرا، نقلا عن مدير شركة البطاريات التابعة للحكومة بريف حلب مدحت بولاد، أن دمشق منحت الموافقة، على توريد ثلاثة معامل بطاريات جديدة لتحقيق نقلة نوعية في الشركة.

وجاء في حديث بولاد: “المعمل الأول سيكون لإنتاج الرصاص وإعادة تدوير سكراب البطاريات بطاقة إنتاجية تصل إلى 1500 طن سنويا، أما المعمل الثاني فهو بخطي إنتاج الأول لإنتاج بطاريات مغلقة، والثاني لبطاريات الجّل بطاقة إنتاجية تصل إلى 1500 بطارية في اليوم، أما المعمل الثالث فهو مخصص لإنتاج بطاريات الليثيوم بطاقة تصل إلى 6 ملايين أمبير ساعي في السنة“.

وأوضح بولاد أن التكلفة الإنتاجية لهذه المعامل الثلاثة تصل إلى 41,7 مليون دولار مع مواد أولية تكفي لمدة ثلاثة أشهر، لافتا إلى أن عقد التوريد جاهز ومصدّق من جميع الجهات، وأن المباشرة مقترنة بتفعيل الخط الائتماني الإيراني, وسيتم التوريد تباعا لمدة عامين ونصف.

تاليا، وفي ظل فشل حكومة دمشق في إدارة الأزمات في البلاد، وسط انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة في اليوم، فقد بدأت وتبدو وكأنها خطوة متعمدة في إنعاش مثل هكذا تجارة في البلاد، الأمر الذي يكلف أعباء مالية إضافية على المواطنين، وسط غلاء المعيشة وتدني مستوى الرواتب والمداخيل.

وتشهد مناطق سيطرة دمشق منذ سنوات ساعات تقنين طويلة وصلت خلال الأشهر الماضية في بعض المناطق إلى نحو عشرين ساعة يوميا، بسبب عدم توفر الفيول والغاز اللازمين لتشغيل محطات التوليد.

قد يهمك: سوريا.. تقنين الكهرباء في الصيف “شكل تاني”

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.