أزمة انقطاع الكهرباء وتقنينها لساعات طويلة، باتت المعضلة الأكبر ومصدر قلق في الحياة اليومية للسوريين، خاصة خلال فصلي الشتاء والصيف، ووزارة الكهرباء السورية خلال هذين الموسمين الصعبين وخاصة موجات الحر في الصيف تقلص ساعات التقنين لتصل إلى 20 ساعة يوميا.

وعلى الرغم من الوعود الحكومية المتكررة بتحسين واقع الكهرباء في عموم المحافظات السورية، إلا أنه لم يخرج من طور “الكلام النظري” بعد. كما وصرح مدير الكهرباء في محافظة اللاذقية جابر، يوم أمس، بأنه “بسبب الضغوط على الشبكة وحرارة الصيف، اضطررنا لتقنين قاس”.

نصف ساعة وصل فقط!


في حديث لبرنامج “حديث النهار” على إذاعة “شام إف إم“، صرح مدير كهرباء اللاذقية جابر عاصي، أنه “بسبب الضغوط على الشبكة وارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف نضطر لأن يكون التقنين قاس، وذلك حسب الكميات الواردة للمحافظة وارتفاع الحرارة ما يدفع لتخفيض أداء مجموعات التوليد”.

وبيّن عاصي، “ظهور نقاط ضعف أخرى بسبب تخصيص قسم من الوارد الكهربائي لصالح تأمين المياه بنسبة 90 بالمئة من الطلبات للأحياء السكنية التي تعاني من تأزم مائي حيث يتم تزويدها ضمن فترات النهار، و برنامج التقنين المتبع حاليا هو في الفترة الصباحية وحتى الساعة الرابعة عصرا، نصف ساعة وصل، مقابل خمس ساعات ونصف قطع، أما بعد السابعة يعود إلى ساعة وصل مقابل خمس ساعات قطع”.

وحول تأثير الواقع الكهربائي على المنشآت السياحية أوضح عاصي أن “قسم من المنشآت تأثر، في حين يعتمد بعضها على مصادر أخرى للطاقة مثل مجموعات توليد كبيرة، أو طاقات بديلة، أو منهم من لديه مخرج خاص منذ أكثر من 25 عاما”، على حد قوله للإذاعة المحلية.

وبالنسبة لموضوع إعفاء مضخات خطوط المياه بيّن عاصي، أن “هناك 15 إعفاءً جديدا هذا العام، إلى جانب عدد من المضخات الاستراتيجية المعفية مسبقا مثال (مضخات مياه اللاذقية 1 و2، مضخات مياه شيخ سلطان، الجوبة، الجنديرية، البسيط)، بالإضافة إلى بسنادا والسهل الشمالي سلورين وحوالي 40 إلى 50 مضخة أخرى ومضخات العقدة في جبلة والطواحين”.

صحيفة “الوطن” المحلية، أشارت مؤخرا إلى ازدياد ساعات التقنين في بعض المناطق السورية، نتيجة ارتفاع الطلب على الكهرباء مع ارتفاع مستوى درجات الحرارة في البلاد، إضافة إلى التراجع في معدلات توليد الطاقة الكهربائية وخروج مجموعات أو إيقاف بعض مجموعات التوليد عن العمل.

وأكدت الصحيفة تراجع مستوى التوليد في محطات “محردة وبانياس والزارة“، حيث أن “كل محطة من هذه المحطات تشتمل على عدد من المجموعات تم إيقاف جزء من هذه المجموعات في كل محطة، مثال تم إيقاف مجموعتين في محطة محردة وثلاث مجموعات في محطة بانياس ومجموعة في محطة الزارة“.

وزارة الكهرباء السورية كانت قد اعتبرت في وقت سابق، أن الحل الأمثل لأزمة التقنين يكمن في استخدام الطاقة المتجددة، كتركيب سخانات المياه الشمسية، واللواقط الكهروضوئية وبعض العنفات الكهروريحية الصغيرة على أسطح المنشآت الصناعية وغيرها.

قد يهمك: الكهرباء غائبة.. استخدام الخوابي في سوريا لتبريد المياه

الأسباب الحقيقية

وعزت الصحيفة المحلية، أسباب هذا التراجع إلى أزمة المواد النفطية التي تعيشها البلاد، حيث تشهد محطات التوليد شح في مادة الفيول، وذلك في وقت تراجعت فيه إمدادات هذه المادة من وزارة النفط مؤخرا، حيث لجأت وزارة الكهرباء إلى المخزون الاحتياطي لتعويض جزء من النقص. وليس كما يدعي مدير كهرباء اللاذقية جابر عاصي، أن سبب التقنين هو “الضغط على الشبكة وارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف”.

وذكرت الصحيفة مؤخرا، أن حاجة مجموعات التوليد نحو 5 آلاف طن من الفيول يوميا بينما لا يتعدى المخزون من مادة الفيول لدى الكهرباء الـ130 ألف طن، ولا يمكن “التفريط بها واستجرارها في حالات غير الطوارئ أو الضرورات“، بحسب ما نقلته عن مسؤول في حكومة دمشق.

العودة إلى التراث؟!

صحيفة “الوطن” المحلية، نشرت مؤخرا، تقريرا آخر أشارت فيه بأن شراء “خابية” (جرة الفخار) بات ضرورة في هذه الأوقات الصيفية الحارة حتى يستطيع السوريين شرب مياه مقبولة غير ساخنة على الأقل في ظل انقطاع الكهرباء على امتداد المحافظات السورية، واعتبرت إحدى السيدات في اللاذقية أن “العادات البدائية التي نسيها الأجداد تعود إلينا ليتلقاها الأحفاد في عصر يقال إنه عصر الأتمتة والسرعة، يا للمفارقات العجيبة”.

ويرى مواطنون خلال حديثهم للصحيفة المحلية، أن “كوز الفخار” يحفظ برودة الماء لساعات طويلة من دون أي مادة أخرى على عكس البرادات الهوائية والغازية التي تتطلب وجود الكهرباء لتبرد المياه وحفظ الطعام بشكل عام، مشيرين إلى حاجة السوق من هذه المواد بشرط أن تكون أواني فخار أصلية وغير تجارية.

وبحسب عدد من بائعي الأواني الفخارية، فإن استجرار هذه المواد أصبح مطلبا لمعظم المستهلكين، الأمر الذي دفع التجار إلى قبول استيراد هذه المواد من محافظات أخرى بأسعار مرتفعة مقارنة بالسنوات السابقة التي كانت هذه الأواني منسية فيها نوعا ما، إلا أنها تبقى أوفر من تشغيل المولدات أو البرادات على الطاقة الشمسية.

ورغم أن الحكومة السورية قدمت خلال السنوات الماضية عشرات الوعود بتحسين واقع التيار الكهربائي، إلا أن ما حصل كان العكس ومع تقدم الوقت تزيد ساعات التقنين في سوريا.

قد يهمك: ازدياد ساعات تقنين الكهرباء بسوريا.. الأسباب الحقيقية

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.