لا يزال واقع الكهرباء سيء في عموم سوريا، حيث تصل ساعات تقنين الكهرباء إلى أكثر من 20 ساعة في اليوم خاصة في فصلي الشتاء البارد والصيف الحار، ونتيجة لذلك يلجأ السوريون إلى حلول بديلة لمواصلة حياتهم اليومية.

وفي الآونة الأخيرة، تصدر أواني فخارية واجهات عدد كبير من المحلات التجارية في محافظة اللاذقية، مع عودة المواطنين لشراء هذه الأدوات في ظل انقطاع الكهرباء لساعات طويلة، مما جعلها مصدر “تبريد” لمياه الشرب في فصل الصيف الحار.

العودة إلى البدائية؟!

صحيفة “الوطن” المحلية، نشرت اليوم الاثنين، تقريرا أشارت فيه بأن شراء “خابية” (جرة الفخار) بات ضرورة في هذه الأوقات الصيفية الحارة حتى يستطيع السوريين شرب مياه مقبولة غير ساخنة على الأقل في ظل انقطاع الكهرباء على امتداد المحافظات السورية، واعتبرت إحدى السيدات في اللاذقية أن “العادات البدائية التي نسيها الأجداد تعود إلينا ليتلقاها الأحفاد في عصر يقال إنه عصر الأتمتة والسرعة، يا للمفارقات العجيبة”.

ويرى مواطنون خلال حديثهم للصحيفة المحلية، أن “كوز الفخار” يحفظ برودة الماء لساعات طويلة من دون أي مادة أخرى على عكس البرادات الهوائية والغازية التي تتطلب وجود الكهرباء لتبرد المياه وحفظ الطعام بشكل عام، مشيرين إلى حاجة السوق من هذه المواد بشرط أن تكون أواني فخار أصلية وغير تجارية.

وبحسب عدد من بائعي الأواني الفخارية، فإن استجرار هذه المواد أصبح مطلبا لمعظم المستهلكين، الأمر الذي دفع التجار إلى قبول استيراد هذه المواد من محافظات أخرى بأسعار مرتفعة مقارنة بالسنوات السابقة التي كانت هذه الأواني منسية فيها نوعا، إلا أنها تبقى أوفر من تشغيل المولدات أو البرادات على الطاقة الشمسية.

ويباع “كوز الفخار” وهو عبارة عن مصب ماء يشبه الإبريق وله فتحة جانبية وغطاء فخار في المنتصف، بأسعار تتراوح بين 12-7 ألف ليرة سورية حسب حجمه، والجرة الفخارية من 50-30 ألف ليرة، والكؤوس الفخارية تتراوح بين 6-3 آلاف ليرة، والوعاء الفخار من 35-20 ألف ليرة ويستعمل للطبخ على النار أيضا.

قد يهمك: في ظل عجز حكومي.. هل يستطيع السوري “الغلبان” تجاوز مشكلة تأمين المياه؟

تبرير حكومي

في السياق ذاته، قال رئيس اتحاد الحرفيين في اللاذقية جهاد برو للصحيفة المحلية اليوم الاثنين، أن صناعة الفخار والآجرّ كانت قد شهدت فترة ركود بسبب توجه المستهلك بالاعتماد على الصناعات الحديثة “الزجاج، الميلامين”، والاعتماد على الكهرباء لحفظ وتبريد الماء والأطعمة كبديل لهذه الصناعة، ولكن نتيجة الحرب في الآونة الأخيرة عادت هذه الصناعة للانتعاش بسبب توجه المستهلك للاعتماد على الفخار والآجر كبديل عن المنتجات الزجاجية، إذ حلت خوابي الفخار في كثير من المنازل محل البرادات لحفظ المياه الباردة بسبب انقطاع الكهرباء، على حد وصفه.

ومنذ العام الماضي، ولا سيما في المناطق الريفية المحيطة بالعاصمة دمشق، كان هناك زيادة في الطلب على الفخار، ومع بداية الموسم الحالي، عمل أصحاب بعض “العصرونيات” على توفير الفخار كجزء مما يعرضونه على رفوف متاجرهم استجابة لطلبات العملاء.

بينما يعاني معظم السوريين من انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة، حتى لجأوا إلى استخدام الأواني الفخارية لتبريد المياه، ومؤخرا لجأت نسبة كبيرة إلى “بابور الكاز” بسبب شح الغاز، وقد يعود السوريون إلى أدوات قديمة أخرى منسية نتيجة للواقع السيئ في البلاد، ومع ذلك، هناك خطوط مستثناة من التقنين تذهب إلى مناطق المسؤولين الحكوميين وأصحاب السلطة بشكل علني.

عضو مجلس الشعب سهيل سلام خضر قبل فترة ليست ببعيدة، طالب بإلغاء كافة الخطوط الخاصة المعفاة من التقنين، والإبقاء فقط على الخطوط العامة وذات الطابع الإنتاجي، متهما وزارة الكهرباء بالفساد وتقديم خطوط معفاة من التقنين لبعض الجهات والشركات مقابل مبالغ مالية تدفع بشكل غير قانوني.

وقال خضر في رسالة وجهها لرئيس مجلس الشعب ونشر نسخة منها عبر صفحته الشخصية على منصة “فيسبوك”: إن “فكرة الخطوط المعفاة ابتُدِعَتْ يوم كان التقنين (3ب3) وكانت آثارها على المواطن قليلة جدا، وقد شُكلت لجنة لهذا الغرض تُعفي من تشاء وترفض من تشاء والميزان هو من يدفع أكثر وإلا كيف تُعفى منشأة سياحية وتُرفض أخرى؟”.

وأكد خضر أن “هناك مئات الخطوط المعفاة من التقنين على مستوى القطر. وحاليا وبعد أن أصبح التقنين(6ب1) فإن استمرار وجود.. هذه اللجنة وهذه الإعفاءات للمنشآت الخاصة هو جريمة بحق المواطن”.

الجدير ذكره، أن الحكومة السورية قدمت خلال السنوات الماضية عشرات الوعود بتحسين واقع التيار الكهربائي، إلا أن ما حصل كان العكس ومع تقدم الوقت تزيد ساعات التقنين في سوريا. فيما قدرت وزارة الكهرباء السورية في العام 2021 تكلفة إعادة بناء الإنتاج والنقل في القطاع بـ 2.4 مليار دولار، إذ وصل تقنين الكهرباء في سوريا، خلال العام ذاته إلى عشر ساعات لكل ساعة أو نصف ساعة من الكهرباء.

قد يهمك: بسبب غياب الكهرباء.. سوريون يعودون إلى الفخار لحفظ المياه

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.