غلاء فاحش في الأسواق، الأسعار تتغير كل بضعة أيام وفواتير المشترين كلما ذهبوا للتسوق باتت بمئات الليرات بل وصلت للآلاف لدى البعض، رغم أن ما يشترونه من حاجيات هي سلع ضرورية وليست بين قوائم الكماليات.

ما سبق تترجمه الأرقام الصادرة عن اتحاد العمال التركي والتي حددت خطي الفقر والجوع في تركيا على مدار الأشهر الماضية وكيف ارتفعت لمستويات قياسية في مشهد ينذر بكارثة اقتصادية يخشى منها الجميع وسط غياب الحلول المجدية.

ورغم ارتفاع قيمة الليرة التركية خلال الأيام الماضية بمقدار قارب الـ 0،71 قرشا مقابل الدولار الأميركي، إلا أن بيانات اتحاد العمال التركي حول حدي خط الجوع والفقر ارتفعت مقارنة بالشهر الفائت.

في شهر أيار / مايو الماضي، كان خط الفقر لعائلة مكونة من أربعة أفراد وصل إلى 19،602 ليرة، بينما حد الجوع تجاوز حاجز الستة آلاف وسجل 6،017 ليرة تركية حسب أرقام الاتحاد، أما في شهر حزيران / يونيو الحالي، فقد ارتفع خط الفقر لذات العائلة إلى 20،818 ليرة، أما حد الجوع فارتفع لـ 6،391 ليرة تركية.

يأتي ذلك في ظل ترقب لإعلان الحد الأدنى للأجور الجديد في تركيا والذي من المقرر أن يتم الإعلان عنه، غدا الخميس، في حال تم الاتفاق عليه، وفق وسائل إعلام تركية.

غلاء لا تستحمله الجيوب

رواتب شهرية بالكاد تكفي المصاريف الضرورية، هذا حال العديد من العائلات السورية والتركية في ظل الغلاء المتواصل الذي تشهده الأسواق نتيجة الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تحيط بتركيا.

بلال الشغري أحد اللاجئين السوريين المقيمين في غازي عنتاب، يقول خلال حديثه لـ “الحل نت”: “نحن 10 أفراد في المنزل، نصرف شهريا بين إيجار منزل وفواتير ومواصلات وطعام وشراب وما إلى ذلك حوالي 17 ألف ليرة تركية، بينما يعمل أكثر من فرد في العائلة لتلبية ذلك”.

وحول المبلغ الذي يجده يتناسب مع مصاريف عائلته الشهرية يجيب الشغري، بأن قرابة 23 ألف ليرة تركية، تكفي لأن نغطي كافة احتياجاتنا المعيشية اليوم.

وقد تبدو حالة العائلة جيدة مقارنة بعائلات سورية وتركية أخرى تواجه أزمة اقتصادية، حيث يقول يلماز وهو أحد سائقي سيارات الأجرة ممن تواصل معهم مراسل “الحل نت” في تركيا: إنه “اضطر للعمل كسائق أجرة لسد النقص في المصاريف المعيشية لديه”.

يتابع، بأن لديه راتبا تقاعديا إضافة لعمله كسائق سيارة أجرة لكنه بالكاد يسد الاحتياجات المعيشية، مضيفا بأن لو يتحصل على 10 آلاف إلى 15 ألف ليرة تركية شهريا لكانت تتناسب مع معيشته هو وعائلته اليوم.

أسعار السلع بارتفاع

أسعار السلع والخدمات تواصل الارتفاع في تركيا شهرا عن شهر، فحسب بيانات اتحاد العمال التركي، فإن أسعار الألبان والأجبان ارتفعت بنسبة 13 بالمئة مقارنة بالشهر الماضي، بينما ازدادت نسب أسعار اللحوم ولحوم الأسماك مقابل انخفاض في أسعار الدجاج والبيض.

وحسب البيانات، فقد ازدادت أسعار الفاصوليا المجففة والمكسرات بنسبة 13 بالمئة وازدادت أسعار الحمص بنسبة 18 بالمئة، كما ارتفعت أسعار المعكرونة والأرز والطحين والسميد والبرغل بشكل عام، بينما سجل الأرز أعلى زيادة بينها وذلك بنسبة 14 بالمئة مقارنة بالشهر الماضي.

وفيما يخص الخضروات والفواكه، فقد انخفضت أسعار بعض الخضروات مثل البقدونس والخس والسلق والسبانخ والفاصوليا الحمراء والطماطم والكوسا والباذنجان والفلفل، فيما بقيت أسعار خضروات أخرى على ما هي عليه مثل البصل والبازلاء، ليبلغ متوسط سعر الكيلوجرام من الخضروات حولي 11،7 ليرة تركية.

وبالنسبة إلى أسعار الفواكه، فقد وصل متوسط سعر الكيلوجرام الواحد من الفاكهة إلى 16،68 ليرة تركية، حيث تم قياس تغيرات الأسعار في الخضروات والفواكه اعتمادا على أسعار 27 منتجا.

ولم تقتصر موجة الغلاء على المنتجات المذكورة أعلاه، بل امتدت إلى كل من زيت عباد الشمس وزيت الزيتون والزبدة وغيرها، كما سجل السكر أكبر زيادة حيث ارتفعت أسعاره بنسبة 67 بالمئة بينما وصلت الشهر الماضي إلى 14 بالمئة.

وشمل ارتفاع الأسعار موادا أخرى مثل التوابل التي ارتفعت أسعارها بنسبة 16 بالمئة بالإضافة لارتفاع ملحوظ في أسعار الملح في تركيا والتي سجلت 18 بالمئة مقارنة بالشهر الماضي.

تطمينات وتعهدات

على مدار الأشهر القليلة الماضية والمواطنون يشتكون من غلاء الأسعار المتواصل مقابل تطمينات مستمرة من قبل المسؤولين في البلاد حول تجاوز هذه الأزمة قريبا.

ورغم تطمينات الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان المستمرة، حول وعوده بتجاوز حكومته الأزمة الاقتصادية الحالية خلال وقت قصير، إلا أن الأرقام والتحليلات الاقتصادية تنذر بتضخم الأزمة أكثر.

من جانبه، قال وزير الخزانة التركي، نور الدين نيباتي، أمس الثلاثاء متحدثا عن الوضع الاقتصادي بشكل عام في البلاد: إن “عائدات السياحة قريبة جدا من المستوى الذي كانت عليه قبل تفشي وباء كورونا، معيدا أسباب الأزمة الاقتصادية في تركيا إلى معدلات التضخم على المستوى العالمي وتصاعد التوترات في العلاقات الدولية وعوامل أخرى”.

نيباتي أضاف أيضا، بأن صادرات تركيا في شهر أيار / مايو الماضي، سجلت أكبر رقم على مستوى تاريخ تركيا، حيث وصلت إلى 242،6 مليار دولار أمريكي، واعدا بخفض التضخم الاقتصادي الحاصل في تركيا بأسرع وقت ممكن.

الجدير بالذكر أن الحكومة التركية الحالية لا تزال تشهد موجة انتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب الأزمة الاقتصادية التي لم تخرج منها البلاد رغم التطمينات المستمرة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة