التهديد الروسي باستخدام “الفيتو” في مجلس الأمن لمنع تمديد قرار الأمم المتحدة بإدخال المساعدات إلى سوريا لا يزال قائما، مع اقتراب نهاية التمديد الأخير خلال أيام، ولذلك تحذيرات عديدة صدرت عن مسؤولين دوليين بأهمية استمرار تدفق المساعدات للشمال السوري من معبر “باب الهوى”، لعدم وجود بدائل جاهزة.

لا بديل لـ”باب الهوى”

نائب منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية في سوريا، مارك كتس، أكد في تصريحات صحفية، يوم أمس الثلاثاء، أن وقف العمل بآلية إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا سيكون كارثيا في غياب أي بدائل، مشيرا إلى أن منطقة شمال غرب سوريا تبقى منطقة حرب ويعتمد الوصول عبر خطوط الإمداد دائما على التعاون بين أطراف النزاع.

وأوضح كتس، أن منطقة شمال غرب سوريا، تضم واحدة من الفئات السكانية الأكثر هشاشة في أي مكان في العالم، مضيفا أنه من الضروري للغاية الحفاظ على استمرار شريان الحياة هذا.

وأشار إلى عدم وجود خيار متوفر حاليا يمكن أن يشكل بديلا عما تقوم به الأمم المتحدة، موضحا أن مسألة تمديد آلية إدخال المساعدات باتت أكثر تسييسا هذا العام من السنوات السابقة، في ظل التوترات الشديدة للغاية في حرب أوكرانيا، ورافضا في الوقت نفسه الإفصاح عن خطط الأمم المتحدة، بشأن البدائل المطروحة لإيصال المساعدات إلى مناطق شمال غرب سوريا، في حال استخدام روسيا “الفيتو” في مجلس الأمن، بحسب متابعة “الحل نت”.

وبحسب تقرير سابق لـ”الحل نت”، أشار المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، إلى أنه إذا تم إغلاق هذا المعبر، فسوف تزداد معاناة الملايين من الرجال والنساء والأطفال في سوريا، لافتا إلى أنه يجب إيصال المساعدات عبر الحدود، وكذلك إلى إيصال المساعدات عبر طريق دمشق، لكن إيصال المساعدات عبر هذين الطريقين فقط لن يكون كافيا.

وأوضح دوجاريك، أن الأمم المتحدة وصلت إلى أكثر من سبعة ملايين شخص بالمساعدات المنقذة للحياة شهريا طوال 2021، وهذا يشمل ما معدله 4.5 ملايين شخص محتاج، تم الوصول إليهم في المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة دمشق.

إقرأ: تحذير جديد من مساعي روسيا لإيقاف المساعدات الإنسانية إلى سوريا

بيان المنظمات غير الحكومية السورية

في حين فقد شدد “منتدى المنظمات غير الحكومية بشمال غربي سوريا” على ضرورة تجديد دخول المساعدات الإنسانية عبر معبر “باب الهوى” على الحدود التركية.

وقال المنتدى في بيان، إن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة سيصوت هذا الأسبوع على إعادة التصديق على القرار رقم 2585، الذي يسمح بإيصال المساعدات المنقذة للحياة إلى شمال غربي سوريا عبر المعبر الحدودي الأخير (باب الهوى)، حيث يعتمد أكثر من 4.4 ملايين سوري يعيشون في شمال غربي سوريا على المساعدات الإنسانية، التي تغطي ما يقرب من 60 بالمئة من الاحتياجات في المنطقة.

وبيّن أن تجديد عملية الأمم المتحدة عبر الحدود هو الحد الأدنى المطلق من المتطلبات للمساعدة في الاستجابة للوضع الإنساني المتدهور باستمرار، وعدم تجديد القرار سيترك ملايين الأرواح يواجهون مخاطر الجوع والفقر والمرض وغير ذلك الكثير.

ولفت إلى أن السكان في شمال غربي سوريا يعاني 3.1 ملايين شخص منهم من انعدام الأمن الغذائي ويوجد في المنطقة 2.8 مليون نازح داخليا بينهم 1.7 مليون يعيشون في المخيمات.

وأوضح بيان المنظمات أن عدم التجديد سيكون كارثيا لجميع قطاعات الاستجابة الإنسانية، مما يترك المنطقة وبنيتها التحتية الإنسانية والمدنية في وضع محفوف بالمخاطر للغاية، لا سيما مع الافتقار الحالي للخدمات والعديد من الاحتياجات والمرافق الصحية والتعليم والمأوى ومياه الشرب والغذاء والعديد من الخدمات الأخرى.

وأشار إلى أن تجديد القرار 2585 وإعادة تفويض المساعدات عبر الحدود لمدة 12 شهرا إضافية أمر ضروري، لا سيما في حالة عدم توافر حل بديل فوري.

ملف المساعدات صراع سياسي؟

بسام الأحمد، المدير التنفيذي لمنظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، “ أوضح في وقت سابق لـ”الحل نت”، أنه إذا لم يتم التوصل إلى صفقة بين روسيا والغرب وبين الأميركيين بالتحديد، بخصوص هذا الأمر، فإن روسيا ستستخدم حق النقض وبالتالي تمنع تجديد قرار المساعدات الدولية لشمال سوريا.

وبين الأحمد، أنه إذا حصر (المجتمع الدولي) روسيا في الزاوية بسبب هذه القضية، فستذهب على الأرجح إلى خيار المنع الكامل، مشيرا إلى أن المشكلة الأساسية هي أن تاريخ التجديد أتى بفترة بات فيها الروس والغرب بحرب مفتوحة (الغزو الروسي لأوكرانيا).

من جهته، أوضح الصحفي السوري عقيل حسين، في وقت سابق لـ”الحل نت”، بأن الموقف الروسي بهذا الخصوص ليس جديدا كما هو معلوم، ففي كل مرة كانت موسكو تبدي معارضة لدخول المساعدات إلى مناطق المعارضة السورية عبر المعابر الحدودية الخارجة عن سيطرة حكومة دمشق، لكن ما هو معلوم أيضا أن الروس كانوا يستخدمون هذه الورقة للمساومات السياسية مع الغرب ،ومع تركيا ويتراجعون في النهاية، مقابل حصولهم على مكاسب في ملفات أخرى، منفصلة أو متصلة.

من جهة أخرى، تسعى روسيا مؤخرا لتسويق فكرة “ضرورة تنفيذ المجتمع الدولي لمشاريع التعافي المبكر بسوريا”، والتي تشمل إعادة تأهيل البنية التحتية والخدمات.

وتحاول روسيا من خلال تنفيذ مشاريع “التعافي المبكر” الالتفاف على عملية المساعدات، فبحسب خبراء، فإن تسهيلات تقديم مساعدات التعافي المبكر، لن تؤدي إلى تحسين الوضع الإنساني في سوريا، فالتأثير مرهون بـتوفر التمويل الكافي، وفي حال زيادة كبيرة في تمويل مشاريع التعافي المبكر، فإن التأثير العام على تحسن الوضع الإنساني للسوريين، سيعتمد على مدى نهب دمشق لها، وحاليا تعمل روسيا للسيطرة على هذه المساعدات.

الخبير الاقتصادي، حسن سليمان، بين في وقت سابق لـ”الحل نت”، أن روسيا اليوم في مأزق، وتحتاج للخروج منه، وحتى بالطرق غير المشروعة، والالتفاف على العقوبات، والفيتو الدولي ضد إعادة إعمار سوريا دون انتقال سياسي حقيقي، ممكن في ظل التعنت الروسي، لكن لن يؤتي أُكله لأن الدول التي ستسهم في إعادة الاعمار، تعلم أنها ترمي أموالها في الهاوية ودون نتيجة، حيث لا يزال النظام السياسي والإداري في سوريا فاسدا، ومع تلاقي مصالحه مع الروس سيتم سرقة أي أموال أممية أو مساعدات إنسانية.

قد يهمك:من جديد.. روسيا تهدد ملف المساعدات الإنسانية بسوريا

أيام قليلة تفصل السوريين عن التصويت على قرار التمديد لاستمرار إدخال المساعدات الإنسانية، وسط الخوف من شبح “الفيتو” الروسي، وعدم الحديث عن بدائل فيما لو تم إغلاق معبر “باب الهوى”، ليبقى السوريون رهينة تجاذبات وصراعات سياسية دولية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.